ألقى المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، كلمة في افتتاح الجلسة العامة بمناسبة ذكرى انتصار السادس من أكتوبر المجيد.
جاء فيها :-
الزميلاتُ والزملاءُ نوابُ شعبِ مصرَ؛
تطلُّ علينا بعدَ أيامٍ قليلةٍ ذكرى خالدةً في سجلِّ الزمنِ، ذكرى السادسِ من أكتوبر، اليومُ الذي أشرقتْ فيه شمسُ الحريةِ على أرضِ سيناءَ الطاهرةِ،
بعد أن توهَّم المعتدونَ أن بريقَ السلاحِ سيُعمي أبصارَ الحقِّ، وأن حصونَهم التي شيدوها على الضفةِ الشرقيةِ من القناة ستظلُّ عصيّةً على الاقتحامِ، فإذا بأبطالِ مصرَ يُسطرون بدمائهم ملحمةً أسطوريةً أبهرتْ العالمَ،
وبدَّدوا أوهامًا طالما تردَّد صداها، وأثبتوا أن إرادةَ الشعوبِ أعظمُ من ترسانةِ الحديدِ والنارِ.
نوابُ شعبِ مصرَ؛
لم يكن السادسُ من أكتوبرَ يومًا عابرًا
في صفحاتِ التاريخِ، بل كان فجرًا جديدًا للأمةِ بأسرِها؛ يومًا تكسرتْ فيه أوهامُ التفوقِ، وتجلَّتْ فيه أبهى معاني العزةِ والكرامةِ، وامتزجتْ دماءُ الشهداءِ بترابِ سيناءَ، فصارتْ كلُّ حبةِ رملٍ هناك قصةَ بطولةٍ، وصار النصرُ حكايةَ أمةٍ بأكملِها.
إن هذا النصرَ لم يكن وليدَ لحظةٍ عابرةٍ، بل كان ثمرةَ إعدادٍ طويلٍ، وصبرٍ مريرٍ، ووحدةٍ وطنيةٍ صلبةٍ، جمعتْ المصريينَ على قلبِ رجلٍ واحدٍ: من الجيشِ
إلى الشعبِ، ومن المسجدِ إلى الكنيسةِ، ومن القريةِ
إلى المدينةِ، حتى غدتْ مصرُ كلُّها خندقًا واحدًا وميدانًا واحدًا.
الزميلاتُ والزملاءُ نوابُ شعبِ مصرَ؛
في هذه الذكرى العطرةِ، نُحيي بكل فخرٍ وإجلالٍ رجالَ قواتِنا المسلحةِ البواسلَ، الذين جسَّدوا معنى التضحيةِ، وصنعوا بأرواحِهم معجزةَ العبورِ. فقد كان عبورُ القناةِ عبورًا من اليأسِ إلى الرجاءِ،
ومن الانكسارِ إلى النهوضِ، ومن الهزيمةِ إلى النصرِ.
ونحن إذ نستعيدُ ذكرى أكتوبرَ، فإننا لا نستدعي ماضيًا نتغنى به فحسب، بل نستحضر درسًا خالدًا:
أن مصرَ لا تُهزمُ، وأن جيشَها هو درعُها وسيفُها،
وأن عزيمتَها عصيّةٌ على الانكسارِ.
وها هو التاريخُ يشهدُ من جديدٍ، أن قواتَنا المسلحةَ لا تزالُ على العهدِ، تحمي الأرضَ وتصون العرضَ، وتخوض معاركَ العصرِ ضدَّ الإرهابِ والتطرفِ،
جنبًا إلى جنبٍ مع إخوانِهم من رجالِ الشرطةِ البواسلِ، بنفسِ الروحِ التي خاضوا بها معاركَ التحريرِ.
السادةُ الأعضاءُ؛
إن ذكرى أكتوبرَ تأتي هذا العامَ، ومصرُ تمضي بقيادةِ فخامةِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسي،
رئيسِ الجمهوريةِ، في معركةِ البناءِ والتنميةِ؛
امتدادًا لروحِ أكتوبرَ التي علمتنا أن النصرَ لا يتحقق بالسلاحِ وحده، بل بالصبرِ والتخطيطِ والوحدةِ الوطنيةِ والإيمانِ بقدراتِ هذا الشعبِ العريقِ.
وهكذا، فإن النصرَ في الحربِ لا يكتملُ إلا بالنصرِ في معركةِ التنميةِ، والنصرُ في معركةِ التحريرِ لا يكتملُ إلا بالحفاظِ على الدولةِ الوطنيةِ، في عالمٍ تموجُ
به الفتنُ والمؤامراتُ.
نوابُ شعبِ مصرَ؛
من تحتَ قبةِ مجلسِ النوابِ، بيتِ الشعبِ وصوتِ الأمةِ، نؤكد أن ذكرى أكتوبرَ ستظلُّ نبراسًا نهتدي
به في مسيرتِنا الوطنيةِ، وأن ملحمةَ الأجدادِ أمانةٌ
في أعناقِنا، نحفظُها، ونورثُها للأجيالِ القادمةِ،
لتظلَّ مصرُ قويةً، عزيزةً، منيعةً، صامدةً أمام
كلِّ التحدياتِ.
رحمَ اللهُ شهداءَنا الأبرارَ، وحفظَ جيشَنا العظيمَ درعَ الوطنِ وسيفَه، وأدامَ على مصرَ نعمةَ الأمنِ والاستقرارِ.
والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.