قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها يوم الخميس الموافق ٢ أكتوبر ۲۰۲٥ خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع ۱۰۰ نقطة أساس إلى ۲۱,۰۰ و ۲۲,۰۰ و ۲۱,۵۰، على الترتيب.
كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع ۱۰۰ نقطة أساس ليصل إلى ۲۱٫٥٠. ويأتي هذا القرار انعكاسا لتقييم اللجنة لآخر تطورات التضخم وتوقعاته منذ اجتماعها السابق.
عالميا، شهدت الفترة الأخيرة مؤشرات على تعافي النمو مع استقرار توقعات التضخم. وعليه، استمرت البنوك المركزية بالاقتصادات المتقدمة والناشئة في تيسير سياساتها النقدية تدريجيا تحسبا للتطورات العالمية المتلاحقة. وفيما يتعلق بالأسعار العالمية للسلع الأساسية، واصلت أسعار النفط تسجيل مستويات مستقرة إلى حد كبير، وإن شهدت ضغوطا طفيفة في الآونة الأخيرة بسبب عوامل العرض، بينما سجلت أسعار السلع الزراعية تغيرات متباينة وإن كانت محدودة. ومع ذلك، لا يزال النمو والتضخم العالمي عُرضة للمخاطر، لا سيما احتمالية تزايد التوترات الجيوسياسية وحالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية.
وعلى الجانب المحلي، تسارعت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى ٥٠% في الربع الثاني من عام ٢٠٢٥ مقابل %٤,٨% في الربع السابق. وعليه، سجل متوسط معدل النمو ٤,٤% في السنة المالية ٢٠٢٥/٢٠٢٤ مقابل ٢,٤ في السنة المالية ۲۰۲۱/۲۰۲۳، مدفوعا بالمساهمات الموجبة من قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة، والتجارة. وعلى الرغم من تسارع وتيرة النمو، لا يزال الناتج أقل من طاقته القصوى، مما يشير إلى أن مستواه الحالي سيواصل دعم المسار النزولي المتوقع للتضخم على المدى القصير، إذ من المنتظر أن تظل الضغوط التضخمية محدودة من جانب الطلب في ظل السياسة النقدية الحالية.
وفيما يتعلق بتطورات التضخم، فقد تراجع المعدل السنوي للتضخم العام إلى %۱۲,۰% في أغسطس ۲۰۲۵ مقابل ١٣,٩% في يوليو ۲۰٢٥. وبالمثل، تباطأ المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى %۱۰٫۷% في أغسطس ۲۰۲٥ من ١١,٦% في يوليو ۲۰٢٥.
ويعكس هذا التباطؤ التطورات الشهرية المحدودة في كل من التضخم العام والأساسي، إذ سجلا ٠.٤% و 0.1% في أغسطس ۲۰۲۵ على التوالي، وهو ما يرجع بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار السلع الغذائية.
والاستقرار النسبي في أسعار السلع غير الغذائية. ويشير التراجع واسع النطاق في التطورات الشهرية للتضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى تحسن توقعات التضخم والانحسار التدريجي لآثار الصدمات السابقة.
وفي إطار هذه التطورات الإيجابية، تشير تقديرات البنك المركزي المصري إلى أن التضخم سوف يواصل تراجعه ليتراوح ما بين ۱۲ و ۱۳ في المتوسط في الربع الثالث من عام ۲۰۲٥ مقابل %۱۵٫۲% في الربع السابق. وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يواصل التضخم مساره النزولي، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ متأثرا ببطء تراجع تضخم السلع غير الغذائية، والإجراءات المقررة لضبط أوضاع المالية العامة. وعليه، تشير التوقعات إلى أن متوسط التضخم العام سوف يسجل حوالي ١٤% في عام ۲۰۲۵ ، ليقترب من مستهدف البنك المركزي المصري بحلول الربع الرابع من عام ۲۰۲٦. ومع ذلك، لا تزال توقعات التضخم عُرضة لمخاطر صعودية من الجانبين المحلي والعالمي، ومنها تحريك الأسعار المحددة إداريا بما يتجاوز التوقعات وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية.
وفي ضوء ما تقدم، ارتأت لجنة السياسة النقدية أن خفض أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي بواقع ۱۰۰ نقطة أساس يعد مناسبا للحفاظ على سياسة نقدية من شأنها ترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولي للتضخم المتوقع. وسوف تواصل اللجنة تقييم قراراتها بشأن وتيرة التيسير النقدي على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات. وسوف تواصل اللجنة متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كتب وتقييم آثارها المحتملة، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة لتحقيق استقرار الأسعار من خلال توجيه التضخم نحو مستهدفه البالغ % ۲ نقطة مئوية في الربع الرابع من عام ۲۰۲٦ ، والبالغ ٥ ٢ نقطة مئوية في الربع الرابع من عام ۲۰۲۸ ، في المتوسط.