احتفالًا بـ133 عامًا على تأسيسها.. دار الهلال تستضيف وزير الأوقاف في صالونها الثقافي
كتب - أماني محمد - محمود حربي - بيمن خليل - فاطمة الزهراء حمدي/ تصوير - محمد عدلي ومحمد أشرف
طه فرغلي: دار الهلال العريقة يشع نورها الثقافي على كل دار في مصر منذ 133 عامًا
وزير الأوقاف: نحتاج إلى تدريب شامل للأئمة والإداريين والمهندسين والقانونيين والماليين
الأزهري: الإنسان المصري متدين بطبعه.. وعلينا حماية هذه العبارة من السخرية
ياسر ثابت: استلهام تجربة جرجي زيدان ضرورة فكرية وثقافية
ثابت: جرجي زيدان من أوائل الرواد في مجال الرواية التاريخية
عاطف معتمد: الروايات التاريخية عند جرجي زيدان رسمت معالم الانتقال بين مصر والشام
دار الهلال تكرم وزير الأوقاف بدرع المؤسسة في صالونها الثقافي
في إطار دورها التنويري، انعقد اليوم، صالون مؤسسة دار الهلال الثقافي بعنوان "الهلال.. 133 عامًا تنير دروب الثقافة"، بمشاركة فضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وعمر أحمد سامي، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، والكاتب الصحفي طه فرغلي، رئيس تحرير مجلة وبوابة الهلال.
وشارك في صالون دار الهلال، الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق وأحد رموز دار الهلال، والكاتب الصحفي أحمد أيوب أحد رموز دار الهلال ورئيس تحرير الجمهورية، والدكتور عاطف معتمد أستاذ الجغرافيا بجامعة القاهرة، والدكتور یاسر ثابت الكاتب والأكاديمي، والدكتور حسام عبد الظاهر الباحث بمركز تحقيق التراث دار الكتب والوثائق القومية.
كما شارك محمد عزام الكاتب وخبير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والدكتور زياد عبد التواب خبير التحول الرقمي وأمن المعلومات الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، والكاتب الصحفي والشاعر فوزى إبراهيم، والدكتور السيد عبد الباري، رئيس القطاع الديني، والدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والشيخ محمود أبو العزايم، مساعد الوزير للتدريب، والدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمي لوزارة الأوقاف.

واستهل عمر أحمد سامي، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، الصالون الثقافي، بالترحيب بفضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والحضور، مؤكدًا أن الفعالية تأتي في إطار دور الهلال التنويري بالتزامن مع مرور 133 عامًا على تأسيسها، على يد الباحث والمؤرخ الكبير جرجي زيدان.
ومن ناحيته، أعرب الكاتب الصحفي طه فرغلي، رئيس تحرير مجلة وبوابة دار الهلال، عن ترحيبه بفضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في صالون الهلال الثقافي، قائلا: "أرحب بحضرتكم الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف والضيوف الأفاضل من كبار الكتاب والمفكرين في هذه الأمسية الثقافية الصالون الهلال" في رحاب دار الهلال العريقة.. وهي دار بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. تسع الجميع.. وعبر ١٣٣ عاما كانت ولا تزال يشع نورها الثقافي على كل دار في مصر"
وأضاف فرغلي: "نحتفي ونحتفل اليوم وبحضور الدكتور أسامة الأزهري وبتشريف القامات الفكرية الكبيرة من ببداية عام جديد في عمر الهلال المديد السعيد"، موضحا: "في سبتمبر عام ١٨٩٢ عندما وضع المؤرخ والباحث والكاتب والصحفي الكبير جرجي زيدان اللبنة الأولى للهلال كان يبصر من بعيد أن الهلال سيكون بدرا مكتملا ينير دروب الثقافة المصرية وسيعمر طويلا ليصبح أحد أهم أدوات القوة الناعمة المصرية بل والعربية".

واستطرد رئيس تحرير مجلة الهلال وبوابة دار الهلال: "تأتي الأمسية الثقافية ليواصل الهلال دوره الثقافي والتنويري ليقدم القراء العربية ما ينفع الناس ويمكث في الأرض"، قائلا إن المؤرخ والباحث والكاتب الصحفي الراحل جرجي زيدان، مؤسس دار الهلال، يعدد أحد المجددين الذين سبقوا عصرهم، لافتًا إلى أن ذلك بسبب أنه بدأ بكتابة التاريخ الإسلامي بطريقة الرواية.
وأشار طه فرغلي، إلى أن جرجي زيدان تناول بالبحث والتدقيق والتحليل تاريخ التمدن الإسلامي، في موسوعته الشهيرة التي حملت نفس الاسم، معقبًا: "كان زيدان مجددًا في الطريق والطرح"، موضحا: "هذه الأمسية الثقافية تأتي ليواصل الهلال دوره الثقافي والتنويري ليقدم لقراء العربية ما ينفع الناس ويمكث في الأرض".

وزير الأوقاف: جرجي زيدان كان مثقفًا واسع الاطلاع
ومن جانبه، أعرب فضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، عن سعادته لحلوله ضيفًا على صالون دار الهلال الثقافي احتفالًا بمرور 133 عاما على تأسيسها، قائلا: "أعرب عن كامل سعادتي وشكري أن أكون ضيفًا على الهلال في عيدها، وندعو أن تستمر في أداء دورها التنويري الرائد.
وأوضح أن لحظات مبكرة من تكوينه العلمي فتحت عينيه على مكتبة والده، مضيفًا: "كتاب العباسة أخت الرشيد لجرجي زيدان كان من أوائل ما استوقفه بعناوينه الموحية".
ولفت وزير الأوقاف، إلى أنه حاول أن يستلهم ما يقوله الكتاب، فدخل من خلاله إلى عالم جرجي المتكامل، الواسع المعرفة، المليء بالأمل والطموح، مؤكدًا أن مصر وطن نابض بالعبقريات.
وأشار الأزهري إلى أن جرجي زيدان كان مثقفًا واسع الاطلاع، يتقن لغات عديدة، ومسيحيًا أرثوذكسيًا من جانب، ومؤرخًا للإسلام من جانب آخر، مشددًا على أنه كان إنسانًا متعدد المواهب، محبًا وعاشقًا لمصر.
وتحدث الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، عن السمات الشخصية للمؤرخ والباحث جرجي زيدان، مؤسس دار الهلال".
وأضاف وزير الأوقاف: "من أبرز سماته الشخصية أنه اختار اسم "الهلال"، وهو اختيار طربت له وأعجبني، لأنه يعكس طموحًا بأن الهلال سيصير بدرًا مكتملًا في المدى الزمني الطويل، وقد أثبت الزمن صدق هذا الطموح في مجال المعرفة والتنوير".

وواصل الدكتور أسامة الأزهري: "شخصية جرجي زيدان العظيمة، التي كتب عن تاريخ التمدن الإسلامي ومشاهير الشرق، أنتجت أيضًا أعمالًا أدبية قوية وبالغة التأثير، موضحًا أنه كتب عن الفتح الإسلامي في مصر ببراعة، كما تناول الدولة العباسية وعصرها الذهبي، فجاءت مؤلفاته لتضيء مفاصل الحضارة والتاريخ وتغذي الحلم العربي".
ووجه الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، التحية والإشادة باسمه وباسم وزارة الأوقاف إلى روح الباحث والمؤرخ جرجي زيدان، مؤسس دار الهلال، قائلًا: "تحية وإشادة رسمية إلى روح جرجي زيدان وإلى طموحه ومؤلفاته العظيمة، وإلى ذكرى مجلة الهلال التي استقطبت عباقرة الأدب والفكر والثقافة".
كما استرجع وزير الأوقاف عددًا من ذكرياته من الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق، قائلًا، إن له فضلًا كبيرًا عليه.
ووجه الدكتور أسامة الأزهري، الشكر للكاتب الصحفي حلمي النمنم، على الذكريات والمواقف التي جمعتهما معًا خلال الفترات السابقة.

وزير الأوقاف: مصطلح تجديد الخطاب الديني يمثل هاجسًا عميقًا لدى المجتمع
وقال "الأزهري"، إن قضية التجديد، وما يرتبط بها من جدل حول مصطلح تجديد الخطاب الديني أو الفكر الديني، تمثل هاجسًا عميقًا لدى الدولة والمجتمع، مؤكدًا أن الحديث عن التجديد هو في حقيقته "صناعة ثقيلة" تتطلب جهدًا مؤسسيًا ومعرفيًا واسعًا.
وأوضح الأزهري، أن التجديد لا يقوم على الشعارات، بل يحتاج إلى تدريب نخبة من العقول المصرية النجيبة والمتعددة الثقافة، وذلك من خلال برنامج تدريبي مكثف وممتد لمدة عامين.
وأكد أن الوزارة استحدثت منصب مساعد الوزير لشئون التدريب، وبدأت بالفعل في تفعيل آليات وبرامج متعددة للتدريب، بحيث لا يقتصر الأمر على مجرد الكلام أو الطرح النظري، وإنما يقوم على بناء حقيقي للقدرات.

وأردف: رؤيتي أن التدريب لا ينبغي أن يقتصر على الأئمة فقط، بل يجب أن يشمل جميع الكوادر العاملة في الوزارة، فالإمام بحاجة إلى تدريب يفتح أمامه آفاقا أوسع للحديث في مختلف القضايا، لكن في الوقت نفسه نحن في حاجة إلى تدريب للإداريين، وللقانونيين، وللمهندسين الذين يشرفون على المنشآت، وكذلك للكوادر المالية التي تضبط الحسابات وتدير الموارد، والتدريب إذن مفهوم شامل يطال كل قطاعات الوزارة، حتى نرتقي بالأداء ونضمن أن تكون الأعمال المالية والإدارية والهندسية والدعوية كلها في أفضل صورة.
كما أكد أن تجديد الخطاب الديني يحتاج برنامجًا تدريبيًا يمتد لعامين لتأهيل جيل جديد يجمع بين الفقه وعلوم العصر.

وقال وزير الأوقاف إن هذا البرنامج ينبغي أن يشمل دراسة معمقة ومستفيضة في علوم الشريعة، مع تحديد خريطة واضحة توجه الناس إلى مقاصد وأهداف وفلسفة الشرع.
وأضاف الوزير أن هذا البرنامج يجب أن يتكامل مع دراسة العلوم الإنسانية والاجتماعية المعاصرة، مثل علم النفس، والعلاقات الدولية، والقانون، والاقتصاد، إلى جانب فهم التحديات والمخاطر التي تحيط بالوطن من الداخل والخارج، ليكون برنامجًا شاملًا قادرًا على إعداد جيل واعٍ ومستنير.
وأكد الأزهري أن الهدف هو تخريج جيل متبحر في علوم العصر، يستطيع أن يولد من الشريعة أجوبة لأسئلة الواقع، ويكون قادرًا على إسعاف المجتمع بخطاب رشيد، يساهم في بناء عقل اجتماعي كبير وناضج، ويعزز الولاء للوطن، ويحمي تاريخه، ويشارك في بناء العقول المصرية بخطاب واعٍ ومدرك، يمثل مشروعًا وطنيًا للدولة المصرية.
9 أعمدة للشخصية المصرية
قال الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إنه اهتم بمحور بناء الإنسان وتحليل الشخصية المصرية، حيث جمع العديد من الكتابات عن الشخصية المصرية ومنها كتاب شخصية مصر للكاتب الكبير جمال حمدان، موضحًا أنه خلص بعد دراسة أن الأفكار في أغلب الكتب رصدت مظاهر التراجع والتصحر والتجريف للشخصية المصرية.
وأضاف أنه أولى اهتمامًا بإعادة بناء الشخصية المصرية، فأصدر كتاب "الشخصية المصرية خطوات على طريق استعادة الثقة"، والذي خلص فيه إلى أن شخصية الإنسان المصري مركبة من 9 أعمدة، الأول الإنسان المصري متدين تدينا يصنع الحضارة وذلك لتحصين تدين المصريين من صور الإرهاب التي ابتلينا بها، موضحًا أن تدين الإنسان المصري في كل مراحل التاريخ ارتبطت للبناء، فكلما كان متدينًا بصدق أبدع، فتدين في العصور القديمة فصنع الهرم الأكبر الذي هو أحد أشكال التدين، وبعدها تدين في مرحلة تالية فأنشأ مدرسة السلطان حسن وصنع سور مجرى العيون والسد العالي.
وأشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تتعامل مع التدين بمسار سخرية، بقول "متدين بطبعه"، لذلك من المهم أعيد حماية هذه العبارة من كل صور التشعوذ والسخرية، لأن الشعب المصري كلما كان متدين صنع الحضارة.
وأكد أن المحور الثاني في شخصية المصري أنه إنسان واسع الأفق، وثالثًا إنسان معمر، مضيفًا أن التعمير هاجس شديد العمق في شخصية الإنسان منذ العصر القديم حتى الآن، حيث بنى الأهرامات والمعابد، وحتى اليوم يحلم ببناء البيت رفم فقره، ومازال العقل العميق شغوف بالعمران.
ووجه رسالة للجيل الجديد، قائلًا: لكي تكن مصريًا يجب أن تكن معمرًا، مشيرًا إلى أن المحور السابع إنه إنسان قوي، والخامس انه إنشان قائد، والسادس انه محب للعلم والإبداع، موضحًا أن المحور السابع أنه يقدم الخير للإنسانية، والنموذج على ذلك في السبع سنوات العجاف في عهد سيدنا يوسف وجاء إخوته من الشام ليستزيدوا من مصر، وحتى الوقت الراهن فرغم الأزمة الاقتصادية يقدم المساعدات لغزة بمعدل يقارب 80% من المساعدات للقطاع في ظل الأزمة الإنسانية وحرب الإبادة.
وأضاف أن المحور الثامن هو أنه وطني صاحب انتماء، والتاسع أن الشخص المصري إنسان متوسط ومتوازن معتدل، مؤكدًا أن بناء الإنسان احد محاور رؤية وزارة الأوقاف، وهي أربعة محاور، وهي إطفاء نيران التطرف الديني وهو الإرهاب، وإطفاء نيران التطرف اللاديني مثل الإلحاد والإدمان والتحرش وغير ذلك، وبناء الإنسان، وصناعة الحضارة.
وشدد على أهمية توليد مواهب جديدة في مجالات التلاوة والأذان، بما يضمن ولادة جيل جديد من القراء والمؤذنين، يحمل الرسالة بروح معاصرة، ويواصل مسيرة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف في نشر خطاب ديني راشد ومتوازن.
وقال وزير الأوقاف إن تجديد الخطاب الديني يحتاج إلى برنامج تدريبي يمتد لعامين لتأهيل جيل جديد يجمع بين الفقه وعلوم العصر.
وأشار الوزير إلى أن قضية التجديد، وما يرتبط بها من جدل حول مصطلح "تجديد الخطاب الديني" أو الفكر الديني، الذي يمثل هاجسًا عميقًا لدى الدولة والمجتمع، مؤكدًا أن الحديث عن التجديد هو في حقيقته "صناعة ثقيلة" تتطلب جهدًا مؤسسيًا ومعرفيًا واسعًا.
وأوضح الأزهري أن التجديد لا يقوم على الشعارات، بل يحتاج إلى تدريب نخبة من العقول المصرية النجيبة والمتعددة الثقافة، وذلك من خلال برنامج تدريبي مكثف وممتد لمدة عامين.

النمنم عن جرجي زيدان: دافع عن الإسلام رغم مسيحيته
وفي سياق متصل، قال وزير الثقافة الأسبق، حلمي النمنم إن الدكتور أسامة الأزهري، قامة علمية وجلس على المقعد الذي جلس عليه جلس عليه الشيخ الباقوري والشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد حسين الذهبي.
وقال وزير الثقافة الأسبق، إن الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، قامة علمية ويجلس في المقعد الذي جلس عليه الشيخ الباقوري والشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد حسين الذهبي.
وأكد النمنم، أن الكاتب الصحفي جرجي زيدان، مؤسس مؤسسة دار الهلال، هو إضافة إسلامية حقيقة، قائلًا إنه رغم كونه مسيحي أرثوذكسي، لكنه رد على المستشرقين بشأن الإسلام.
وأوضح أن الإسلام جزء من الهوية الوطنية وثقافة وحضارة في مصر، وجرجي زيدان أصدر كتابه تاريخ التمدن الإسلامي ليقدم دراسة شاملة للحضارة الإسلامية، وهو كتاب صدر في لحظة تاريخية مهمة ردًا على ما قاله المستشرقون، فيقول زيدان في المقدمة إن مقياس أي حضارة ليس بما تحققه من انتصارات عسكرية ولكن بالفكر.
وأكد أن الكتاب أخرجنا من الثنائية البغيضة التي رددها المستشرقون دائمًا بحصر الإسلام في أمرين هو السيف والعنف، وزوجات النبي، فهو كلام يدخل في باب البذاءة والتنطع، موضحًا أن رد حورجي زيدان على ذلك يعتبر شهادة له وللهلال لأنه يؤسس لمدرسة تالية له، فجاء بعده عدد من المفكرين الذين ردوا على الاستشراق.
وأوضح أن جرجي زيدان لم يولد في مصر لكنه مصري الهوى والهوية، فهو أعد مجموعة محاضرات عن تاريخ مصر العثماني وقراءتها تعكس عن انه مواطن مصري صميم حتى النخاع وليس شامي الأصل.
وأشار إلى أن زيدان زار فلسطين وكل المستعمرات اليهودية وكتب سلسلة مقالات في الهلال نشرت ١٩١٣ وحتى بعد وفاته، فقال حينها إنه إذا استمر الوضع كذلك فخلال سنوات ستضيع فلسطين من ايدي العرب إلى الأبد.

حسام عبد الظاهر: جرجي زيدان رحب بالنقد ومعركته الفكرية تستحق رد الاعتبار
قال الدكتور حسام عبد الظاهر، الباحث بمركز تحقيق التراث دار الكتب والوثائق القومية، إن "تخصصي الجامعي في الماجستير جعلني منذ البداية أتعامل بحذر مع كتابات جرجي زيدان، فقد كنت ألمس فيها قدرا من التوجيه والخلط بين ديانته المسيحية وتناوله العلمي. هذه الملاحظة لم تأتي من فراغ، بل من تجربة شخصية مررت بها أثناء فترة الماجستير، عندما كانت مادة البحث التطبيقي ضمن مقرراتي. قدمت حينها أبحاثا خاصة بتاريخ التمدن، وفوجئت بأن الأستاذ المشرف يشطب على كل ما كتبته من اعتماد على مؤلفات زيدان ويحذفها من المصادر والمراجع".
وأوضح: عندما استغربت لأنني أستند فقط إلى ما أقرأه وأستنتجه، قال لي بالحرف: "هو مسيحي متعصب لا يُؤخذ منه في التاريخ الإسلامي".
وتابع: مرت السنوات، وبعد عشرين عاما كنت أقدم بحث "سمينار" في تاريخ الإسلام بجامعة عين شمس، لأجد أستاذا آخر كبيرا يسير على نفس النهج، ويرفض الاستناد إلى جرجي زيدان رغم مكانته، عندها كتبت بحثا بعنوان "رد الاعتبار لكتابات جرجي زيدان في التاريخ الإسلامي وحضارته"، مؤكدا فيه أن إسهاماته تستحق التقدير، خاصة وأنه تناول التاريخ الإسلامي في مؤلفات عديدة.
وواصل: وجدت أن الشيخ الهندي شبلي النعماني كان من أوائل من تصدى لهذه القضية، فكتب سلسلة مقالات في مجلات مصرية (وليس في الهند) ثم أصدرها في كتيب مستقل، تناول فيه كل الاتهامات التي وُجهت إلى جرجي زيدان من تعصب أو تدليس وغير ذلك. ومن هنا بدأ اهتمامي برصد مواقف المؤرخين في عصر زيدان داخل مصر، حتى وقفت على معركة فكرية مجهولة في التاريخ الثقافي المصري.
وأضاف: كانت تلك بدايات القرن العشرين، حيث تزامنت مع صراعات فكرية كبرى مثل كتابات قاسم أمين في تحرير المرأة، وكتاب طه حسين في الشعر الجاهلي. أما زيدان، ففي عام 1902 كان قد طرح الجزء الأول من "تاريخ التمدن الإسلامي"، مؤكدًا أنه يرحب بالنقد، وهو أمر اعتبرته محمودًا جدا ولم أجده عند أي كاتب آخر.
واستكمل: خلال تتبعي وجدت عددا من المؤرخين الكبار شاركوا في هذه المعركة الفكرية، من بينهم: أحمد لطفي السيد، محمد رشيد رضا، محمد كرد علي، وآخرون، حتى وصل العدد إلى نحو خمسة عشر عالما ومفكرًا، لقد كانت بحق دراسة فكرية وثقافية عميقة تستحق أن تُسلط عليها الأضواء.
ياسر ثابت: ملامح تجربة جرجي زيدان تظهر في 3 محاور أساسية
ومن ناحيته، قال الكاتب الصحفي الدكتور ياسر ثابت إن استلهام تجربة جرجي زيدان في العصر الحالي ضرورة فكرية وثقافية، مشيرًا إلى أن مشروعه يمكن أن يُقرأ من خلال ثلاثة محاور أساسية، موضحا أن جرجي زيدان كتب بروح زمنه، وكان قادرًا على مخاطبة القارئ بلغة واضحة وبسيطة، تجعل نصوصه مفهومة وقريبة من الناس.
وأكد أن من أهم دروس زيدان أن نكتب للقراء لا لأنفسنا فقط، وأن نستجيب لمتغيرات العصر دون أن نفقد رسالتنا الفكرية، مضيفا أن الباحث والمؤرخ جرجي زيدان، مؤسس دار الهلال، عاش في ظروف سياسية واجتماعية معقدة، ومع ذلك تبنّى مشروعًا تنويريًا هدفه الإصلاح والخروج من حالة الجمود.
وأضاف أن الكاتب الراحل "شق الصخر" في كتاباته، محاولًا أن يضيء العتمة ويكشف النقاط المضيئة في زمن مليء بالتحديات.
وأكد أن جرجي زيدان كان من أوائل الرواد في مجال الرواية التاريخية، حيث قدّم نصوصًا تختلف عن السائد في زمنه، موضحًا أنه لم يتقيد بالأنماط التقليدية، بل اعتمد على تنويع مصادره وزواياه في كتابة التاريخ، مقدّمًا سردًا شيقًا يجمع بين المتعة الأدبية والفائدة المعرفية.
كما أضاف أن هذا التميز جعل من أعماله مدرسة خاصة في تقديم التاريخ من منظور أدبي وثقافي جديد.
وقال إن استلهام تجربة جرجي زيدان في عصرنا الحاضر ضرورة فكرية وثقافية، مشيرًا إلى أن مشروعه يمكن أن يُقرأ من خلال ثلاثة محاور أساسية.
أوضح ياسر ثابت أن جرجي زيدان كتب بروح زمنه، فكان قادرًا على مخاطبة القارئ بلغة واضحة وبسيطة، تجعل نصوصه مفهومة وقريبة من الناس.
وأكد أن من أهم دروس زيدان أن نكتب للقراء لا لأنفسنا فقط، وأن نستجيب لمتغيرات العصر دون أن نفقد رسالتنا الفكرية.
الإصلاح والتنوير في المراحل الصعبة
وأشار ثابت إلى أن زيدان عاش في ظروف سياسية واجتماعية معقدة، ومع ذلك تبنّى مشروعًا تنويريًا هدفه الإصلاح والخروج من حالة الجمود.
وأضاف أن الكاتب الكبير "شق الصخر" في كتاباته، محاولًا أن يضيء العتمة ويكشف النقاط المضيئة في زمن مليء بالتحديات.
وأكد الدكتور ياسر ثابت أن جرجي زيدان كان من أوائل الرواد في مجال الرواية التاريخية، حيث قدّم نصوصًا تختلف عن السائد في زمنه.
وأوضح أنه لم يتقيد بالأنماط التقليدية، بل اعتمد على تنويع مصادره وزواياه في كتابة التاريخ، مقدّمًا سردًا شيقًا يجمع بين المتعة الأدبية والفائدة المعرفية، مضيفا أن هذا التميز جعل من أعماله مدرسة خاصة في تقديم التاريخ من منظور أدبي وثقافي جديد.
وختم الدكتور ياسر ثابت حديثه بالتأكيد على أن هذه المحاور الثلاثة – روح العصر، الإصلاح والتنوير، والتجديد في السرد التاريخي – ليست مجرد ملامح في تجربة زيدان، بل هي خطوات عملية لقراءة المستقبل واستلهام الدروس من الماضي، بما يخدم الثقافة العربية في حاضرها وتطلعاتها المستقبلية.
عاطف معتمد: الروايات التاريخية عند جرجي زيدان رسمت معالم الانتقال بين مصر والشام
ومن جانبهـ قال الدكتور عاطف معتمد، أستاذ الجغرافيا بجامعة القاهرة، إنه في العصر الحديث لدينا مشكلة في تدريس الجغرافيا ليس في مصر فقط ولكن في العالم، موضحًا أن الجغرافيا الثقافية هي الوسيلة لاستعادة الاهتمام بهذا العلم وكان ذلك في الفيلم والرواية التاريخية والقصة القصيرة.
وأوضح أن الروايات التاريخية في أعمال الكاتب الصحفي جرجي زيدان، مؤسس مؤسسة دار الهلال، في الحقيقة هي أعمال جغرافية لأن زيدان يتعامل مع المكان بتفاصيل كاملة من الوصف.
ولفت إلى أن الخلفيات الثقافية في تكوين جرجي زيدان ووجوده في الجناح الشرقي ووحدة مصر والشام، ومعرفة الكتاب المصريين حتى نهاية القرن التاسع عشر عما يدور في الشرق لم تكن كبيرة، وكان وجود جرجي زيدان في محور العراق وإيران وتركيا جعل هناك خلفية بمعرفة الجغرافيا لذلك كتب بديناميكية للانتقال بين مصر والشام.
وأكد أن تقديم هذه الروايات والخيال والبلاغة ورسم معالم مصر والشام الجغرافية كان مبكرا حتى قبل تدريس الجغرافيا في الجامعة المصرية، موضحا أن زيدان كان أول من طرح مشروع الجامعة في الهلال.

دار الهلال تكرم الدكتور أسامة الأزهري
وكرمت مؤسسة دار الهلال، الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، بمنحه درع المؤسسة، خلال فعاليات صالونها الثقافي، حيث أعرب الأزهري عن امتنانه لمؤسسة دار الهلال على التكريم، مؤكدًا أن الهلال تمثل منارة فكرية وثقافية عريقة أسهمت في تشكيل وعي أجيال متعاقبة، مشددًا على أهمية تضافر المؤسسات الفكرية والدينية والثقافية لبناء وعي المجتمع، وصناعة خطاب رشيد يواكب تحديات العصر.

