أكد الإعلامي د. عمرو الليثي انه مع الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم، خصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعي، أصبح السؤال عن مصير المذيع التقليدي حاضرًا بقوة: هل نحن أمام نهاية هذا الدور التاريخي أم أن التطور يفتح أمامه آفاقًا جديدة؟
المذيع بين الأمس واليوم
قال عمرو الليثي: منذ نشأة الإذاعة والتلفزيون، ارتبطت صورة المذيع بالهيبة والثقة، فهو صوت الناس إلى العالم، ووسيط بين الخبر والجمهور. كان المذيع يتميز بقدراته الصوتية، وثقافته الواسعة، وحضوره الطاغي. ومع ذلك، ظل هذا الدور مرتبطًا بشخصية بشرية تؤدى مهمة الإعلام والربط والتفسير.
وتابع اليوم، الذكاء الاصطناعي غيَّر المعادلة. هناك تقنيات قادرة على توليد أصوات بشرية شبيهة تمامًا بالمذيعين المحترفين، إضافة إلى روبوتات قادرة على قراءة الأخبار بلغة سليمة وبنبرة عاطفية مدروسة. بل إن بعض القنوات العالمية بدأت بالفعل فى تجربة مذيعين افتراضيين يعتمدون على الذكاء الاصطناعى.
مزايا المذيع الافتراضي
وأكد عمرو الليثي أن الذكاء الاصطناعي يمنح المؤسسات الإعلامية مزايا عملية، منها:
١- التكلفة المنخفضة: لا يحتاج المذيع الافتراضى إلى راتب شهرى أو إجازات أو تدريب مستمر.
٢- السرعة والجاهزية: يمكنه قراءة الأخبار فور كتابتها، على مدار ٢٤ ساعة دون انقطاع.
٣- التعددية اللغوية: يستطيع المذيع الافتراضى التحدث بعشرات اللغات بلكنة محلية متقنة.
٤- التحكم الكامل: لا مجال للخطأ البشرى أو زلات اللسان.
هذه الخصائص قد تدفع البعض للاعتقاد أن المذيع البشرى أصبح شيئًا من الماضى.
ما الذى لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليده؟
وأوضح الليثي أنه رغم القدرات المُبهرة، يظل الذكاء الاصطناعي أداة بلا روح حقيقية. المذيع البشرى لا يقتصر دوره على إلقاء الأخبار، بل هو شخصية تفاعلية تبنى علاقة وجدانية مع الجمهور. تعابير الوجه، الارتباك العفوى، النبرة الصادقة، وحتى الأخطاء الطفيفة، كلها تمنح المذيع إنسانية لا يمكن للآلة تقليدها بالكامل.
مستقبل المهنة: تكامل لا إلغاء
أشار الليثي إلى أنه من المرجح ألا ينتهى زمن المذيع، بل يتغير شكله. سيصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا داعمًا للمذيع لا بديلًا عنه. يمكن أن يتولى المهام الروتينية مثل قراءة النشرات القصيرة أو تقديم موجزات الأخبار، بينما يحتفظ المذيع البشرى بالبرامج الحوارية، والتغطيات المباشرة، والتحقيقات الاستقصائية.
إضافة إلى ذلك، قد يستفيد المذيع من الذكاء الاصطناعى كأداة للتحضير السريع، وجمع المعلومات، وتحليل البيانات، مما يرفع من جودة أدائه ويحرره من الأعباء التقنية.
واختتم الليثي مؤكدًا أن زمن المذيع لم ينتهِ بعد، بل هو فى مرحلة تحول. الذكاء الاصطناعى قد يغير طبيعة المهنة ويعيد تشكيلها، لكنه لن يسلب المذيع دوره الإنسانى الذى يقوم على التواصل الحى والقدرة على التأثير. سيبقى المذيع البشرى حاضرًا، ربما بأعداد أقل، لكن بقيمة أكبر، فيما يتقاسم المساحة الإعلامية مع زميله الافتراضى.