وزير المياه والري الأردني الأسبق: التعاون بين القاهرة وعمان في إدارة الموارد المائية يعزز الأمن المائي المشترك
أكد رئيس منتدى الشرق الأوسط للمياه وزير المياه والري الأردني الأسبق الدكتور حازم الناصر ، أن التعاون بين الأردن ومصر في مجال إدارة الموارد المائية، يمثل فرصة استراتيجية؛ لتعزيز الأمن المائي المشترك في كلا البلدين.
وأوضح الناصر - في حوار لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان اليوم/السبت/ - أن الأردن يمتلك خبرة طويلة في تحسين كفاءة استخدام المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، واعتماد أساليب الري الحديثة، خاصة في مجال الزراعة؛ حيث تعد منطقة وادي الأردن من أكثر المناطق في العالم تطبيقا للطرق الحديثة في الزراعة الذكية وتحقيق الجدوى الاقتصادية من الموارد المائية المحدودة.
وأضاف أن مصر من جهتها، تتمتع بخبرات واسعة في محطات التحلية الصغيرة والمتوسطة، لتزويد المنتجعات السياحية والمصانع على طول البحر الأحمر، والبحر المتوسط بالمياه، إلى جانب وفرة موارد الطاقة التقليدية، وهو ما يمثل بيئة خصبة لتنفيذ مشروعات مشتركة بين البلدين الشقيقين، تعتمد على الطاقة المتجددة؛ لتقليل تكلفة إنتاج المياه على المواطنين.
ولفت إلى أن تبادل الخبرات بين البلدين يمكن أن يشمل تطوير حلول ذكية لإدارة الموارد المائية، ونظم مراقبة وتحكم حديثة، واستراتيجيات الحد من الهدر، بما يواكب التحديات الإقليمية و التغيرات المناخية، ويضمن تلبية احتياجات المواطنين، والقطاعين الزراعي والصناعي على المدى الطويل.
وأكد الناصر أن التعاون الأردني–المصري ليس محصوراً فقط في الجانب التقني، بل يشمل إمكانية إنشاء مشروعات مشتركة لإنتاج المياه باستخدام الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة؛ حيث يمتلك الأردن وفرة في الطاقة الشمسية، فيما تمتلك مصر الطاقة التقليدية والقدرة على الاستثمار في محطات التحلية، ما يتيح للبلدين خفض تكلفة المياه وتعزيز الأمن المائي المشترك.
وعن أزمة المياه في الأردن، أوضح الدكتور حازم الناصر، أن الأردن يعد من أكثر الدول فقرا بالمياه على مستوى العالم؛ حيث لا يتجاوز نصيب الفرد نحو 60 متر مكعب سنوياً، لافتا إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن المملكة تمكنت خلال العقدين الماضيين من تعزيز صمود قطاع المياه، بفضل تنفيذ مشروعات ضخ المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، واعتماد التكنولوجيا الحديثة في إدارة الشبكات، حتى في أوقات الضغط الشديد على الموارد، لم يشعر المواطنون بأزمة حادة في المياه.
وأشار إلى أن المواطن الأردني قد يعاني أحيانا من نقص المياه في فصل الصيف، لكن الحكومة تعوض ذلك النقص، عبر برامج توزيع المياه على فترات محددة، وأحيانا عبر تقليل المخصصات المائية في القطاع الزراعي بنسبة تصل إلى 50%، مع تعويض ذلك باستخدام أساليب الزراعة الذكية والمحاصيل عالية الجدوى الاقتصادية وأساليب الري الحديثة، لافتا الى أن الأردن يعتبر من أوائل دول الشرق الأوسط التي تعتمد الزراعة الذكية لتحقيق إنتاجية عالية، مع أقل استهلاك ممكن للمياه.
وحول حجم العجز المائي، أوضح أن الأردن يواجه نقصا سنويا يقدر بنحو 400 مليون متر مكعب، وقد يزداد في سنوات الجفاف نتيجة التغير المناخي وتناقص الموارد الطبيعية، مشيرا إلى أن إدارة هذا العجز تتم عبر برامج تقنين المياه في الشرب والزراعة، إضافة إلى اعتماد إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بالكامل، والتي تلبي المعايير الدولية، مما ساهم في تعزيز صمود القطاع الزراعي وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية.
وبالنسبة للفاقد المائي، أشار إلى أن نحو 50% من المياه، كانت تُعد "غير محوسبة" أي غير مدفوعة الثمن، منها نحو 20% فاقد فني، والباقي نتيجة أخطاء قراءة العدادات أو الاعتداء على الشبكات، ولكن مع تطبيق استراتيجية طويلة المدى منذ عام 2015، تم خفض الفاقد المائي إلى نحو 40% حاليا، مشدداً على أن الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، مثل العدادات الذكية، والمراقبة عبر الأقمار الصناعية، والتحكم عن بعد في الصمامات، أسهمت بشكل كبير في تقليل الهدر وتحسين جودة التزويد للمواطنين.
وفيما يتعلق بالتمويل، عزا الناصر ديون قطاع المياه، والتي تبلغ نحو 3 مليارات دينار، إلى ارتفاع تكلفة إنتاج متر المياه المكعب في الأردن، والذي يصل إلى نحو 3 دولارات، بينما يدفع المواطن نحو 1.5 دولار فقط، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن مشروعات البنية التحتية الكبرى، مثل مشروع "الناقل الوطني"، تمثل أولوية وطنية واستراتيجية للحفاظ على استقلالية الأردن في المياه؛ حيث توفر أساساً صلباً لتزويد المواطنين والمزارعين والصناعة بالمياه ، على الرغم من تكلفتها المرتفعة، والتي تصل إلى نحو 6 مليارات دولار، ومتوقع تنفيذها خلال مدة تتراوح ما بين سبع وثمان سنوات.
وتابع:" أن وزارة المياه والري الأردنية، لديها برامج استثمارية واسعة، تشمل مشروعات الحصاد المائي، وبناء السدود، وتطوير المياه الجوفية، وإنشاء محطات الصرف الصحي للاستفادة منها في الزراعة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل شبكات المياه وتقليل الفاقد، بما يعزز صمود القطاع المائي الوطني، مشدداً على أن الجمع بين هذه المشروعات الوطنية، والتقنيات الحديثة مثل المراقبة الذكية، والتحكم عن بعد، يشكل استراتيجية شاملة لتأمين المياه للأردن على المدى الطويل، ويضمن الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة".
وأكد رئيس منتدى الشرق الأوسط للمياه وزير المياه والري الأردني الأسبق الدكتور حازم الناصر، أهمية مشروعات الحصاد المائي والسدود الصغيرة، مشيراً إلى أن زيادة السعة خلال العقد الماضي وصلت إلى نحو 70 مليون متر مكعب إضافية، بينما تواصل الحكومة تنفيذ مشروعات الحصاد المائي في الصحراء والأودية والمستوى المنزلي، خاصة في المناطق الريفية، مما يسهم في تعزيز صمود المياه وتقليل الهدر، ويكمل استراتيجية المياه الوطنية التي أقرتها الحكومة عام 2015.