"هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن من بعد خوف".. مقتطفات خالدة من خطاب السادات بعد نصر 6 أكتوبر 1973
يحتفل المصريون بذكرى انتصارات أكتوبر 1973، الذي سجله أبطال خالدون، بقيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بطل الحرب والسلام، وجاء خطابه في أعقاب الانتصار المجيد استثنائيًا لا يزال حاضرًا في وجدان المصريين بكلماته الباقية فهو من قال إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف إنه قد أصبح درع وسيف.
وأكد الرئيس الراحل السادات، مبدأ أساسي، قبل الحرب، وهو أن ما يؤخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وأن البلاد "داخلين معركة حتمية" .
خطاب الرئيس السادات بعد حرب أكتوبر 1973
وفي خطاب ألقاه الرئيس السادات في افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس الشعب بعد الحرب مباشرة، في 16 أكتوبر 1973، أكدت كلمات السادات وأن مصر لها جيش لا يقهر ولا يتنازل عن شبر من أرضه، وأن الوطن آن له أن يطمئن ويأمن.
ومن بين مقتطفات الخطاب التاريخي للسادات، قوله:
حاولت أن أفى بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه قبل ثلاث سنوات بالضبط من هذا اليوم، عاهدت الله وعاهدتكم أن قضية تحرير التراب الوطنى والقومى هى التكليف الأول الذى حملته ولاء لشعبنا وللأمة، عاهدت الله وعاهدتكم على أن لن أدخر جهدا ولن أتردد دون تضحية مهما كلفنى فى سبيل أن تصل الأمة إلى وضع تكون فيه قادرة على دفع إرادتها إلى مستوى أمانيها، ذلك أن اعتقادنا دائما كان ولا يزال أن التمنى بلا إرادة نوع من أحلام اليقظة يرفض حبى وولائى لهذا الوطن أن تقع فى سرابه أو فى ضبابه.
عاهدت الله وعاهدتكم على أن نثبت للعالم أن نكسة 1967 كانت استثناء فى تاريخنا وليست قاعدة وقد كنت فى هذا أصُر عن إيمان بأن التاريخ يستوعب (7000) سنة من الحضارة ويستشرف آفاقاً أعلم علم اليقين بأن نضال شعبنا وأمتنا لا يعلو عنها وللوصول إليها وتأكيد قيمها وأحلامها العظمى.
عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها قد تكون مخضبة بالدماء، لكننا ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية فى السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة.
أعطى شعبنا جهدا غير محدود وقدم شعبنا تضحيات غير محددة وأظهر شعبنا وعيا غير محدود وأهم من ذلك كله أهم من الجهد والتضحيات والوعي، فإن الشعب احتفظ بإيمان غير محدود، وكان ذلك هو الخط الفاصل بين النكسة والهزيمة، ولقد كنت أحس بذلك من أول يوم تحملت فيه مسؤوليتي وقبلت راضيا بما شاء الله أن يضعه على كاهلي، كنت أعرف أن إيمان الشعب هو القاعدة، وإذا كانت القاعدة، سليمة فإن كل ما ضاع يمكن تعويضه، وكل ما تراجعنا عنه نستطيع الانطلاق إليه مرة أخرى.
كنت أعرف قواتنا المسلحة ولم يكن حديثى عنها رجما بالغيب ولا تكهنا، لقد خرجت من صفوف هذه القوات المسلحة وعشت بنفسى تقاليدها وتشرفت بالخدمة فى صفوفها وكنت فى ألويتها.
سجل هذه القوات كان باهرا، لكن أعداءنا الاستعمار القديم والجديد والصهيونية العالمية، ركزت ضد هذا السجل تركيزا مخيفا لأنها أرادت أن تشكك الأمة فى درعها وفى سيفها، ولم يكن يخامرنا الشك فى أن هذه القوات المسلحة، كانت من ضحايا نكسة سنة 1967 ولم تكن أبدا من أسبابها.
القوات المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكرى استوعبت العصر كله تدريبا وسلاحا بل وعلما واقتدارا حين أصدرت لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو وان تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها أن هذه القوات أخذت فى يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركاتها السريعة إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً أمام عملية يوم 6 أكتوبر 1973.
التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه لقد كانت المخاطرة كبيرة والتضحيات عظيمة لمعركة 6 أكتوبر خلال الساعات الست الأولى من حربنا كانت هائلة فقد العدو توازنه إلى هذه اللحظة.
وإذا كنا نقول ذلك اعتزازاً وبعض الاعتزاز إيمان فان الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وبإسم هذا الشعب وبإسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة ثقتنا فى قياداتها التى خططت وثقتنا فى شبابها وجنودها الذين نفذوا بالنار والدم .
أقول باختصار أن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف إنه قد أصبح درع وسيف أريد.
إننا حاربنا من أجل السلام٠٠ حاربنا من أجل السلام الوحيد الذى يستحق وصف السلام ، وهو السلام القائم على العدل، إن عدونا يتحدث أحيانا عن السلام ولكن شتان ما بين سلام العدوان وسلام العدل.
إن دافيد بن جوريون هو الذى صاغ لإسرائيل نظرية فرض السلام والسلام لا يفرض والحديث عن فرض السلام معناه التهديد بشن الحرب أو شنها فعلاً والخطأ الكبير الذى وقع فى عدونا إنه تصور أن قوة الإرهاب تستطيع ضمان الأمن.
ولقد أثبت عملياً اليوم وفى ميدان القتال عقم هذه النظرية السلام لا يفرض وسلام الأمر الواقع لا يقوم ولا يدوم ، السلام بالعدل وحده ، والسلام ليس بالإرهاب مهما أمعن فى الطغيان ومهما زين له غرور القوة أو حماقة القوة ذلك الغرور وتلك الحماقة اللتين تمادى فيها عدونا ليس فقط خلال السنوات الست الأخيرة بل خلال السنوات الخمس والعشرين ، أى منذ قامت الدولة الصهيونية باغتصاب فلسطين .
ولقد نسأل قادة إسرائيل اليوم: أين ذهبت نظرية الأمن الإسرائيلى التى حاولوا إقامتها بالعنف تارة وبالجبروت تارة أخرى ، طوال خمس وعشرين سنة ؟ لقد انكسرت وتحطمت ، قوتنا العسكرية تتحدى اليوم قوتهم العسكرية وها هم فى حرب طويلة ممتدة وهم أمام استنزاف نستطيع نحن أن نتحمله بأكثر وأوفر مما يستطيعون وها هم عمقهم معرض إذا تصوروا أن فى استطاعتهم تخويفنا بتهديد العمق العربى.
وربما أضيف كى يسمعوا فى إسرائيل أننا لسنا دعاة إبادة كما يزعمون أن صواريخنا المصرية العربية عابرة سيناء من طراز ظافر موجودة الآن على قواعدها ، مستعدة للانطلاق بإشارة واحدة إلى الأعماق فى إسرائيل ولقد كان فى وسعنا منذ الدقيقة الأولى للمعركة أن نعطى الإشارة ونصدر الأمر خصوصاً وأن الخيلاء والكبرياء الفارغة أوهمتهم بأكثر مما يقدرون على تحمل تبعاته لكننا ندرك مسئولية استعمال أنواع معينة من السلاح ونرد أنفسنا بأنفسنا عنها ، وإن كان عليهم أن يتذكروا ما قلته يوما ومازلت أقوله العين بالعين والسن بالسن والعمق بالعمق.