رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أبطال النصر | الشهيد أحمد حمدي.. مهندس العبور وبطل الكباري الذي ربط سيناء بأرض مصر بدمه

6-10-2025 | 15:08


الشهيد أحمد حمدي

لم يكن الشهيد اللواء أحمد حمدي مجرد ضابط في الجيش المصري، بل كان عقلاً هندسيًا فذًّا وقلبًا مقاتلًا لا يعرف المستحيل، استطاع أن يحوّل المستحيل إلى واقع في واحدة من أعقد معارك العبور في التاريخ العسكري الحديث — عبور قناة السويس في حرب أكتوبر المجيدة.

تولى الشهيد أحمد حمدي مهمة تصنيع وحدات لواء الكباري تحت إشرافه المباشر، وواصل العمل ليل نهار لاستكمال معدات العبور التي كان يعول عليها الجيش المصري في تنفيذ عملية عبور القناة واقتحام خط بارليف. لم يكتفِ بتنفيذ التعليمات فقط، بل كانت له بصمة تطويرية فريدة؛ إذ ساهم في تعديل الكباري الروسية الصنع لتتلاءم مع طبيعة مياه القناة وظروفها الخاصة، مما جعلها أكثر قدرة على التحمل والسرعة في التركيب.

كما كان له الدور الأبرز في إيجاد الحل العبقري لتجاوز الساتر الترابي الذي أقامه العدو على الضفة الشرقية للقناة. فقد أجرى تجارب عملية في مناطق تدريبية استخدم فيها الرمال والطين والمياه لمحاكاة الساتر الحقيقي، وتمكن من الوصول إلى الطريقة المثالية لاستخدام خراطيم المياه في تفتيت الساتر، وهي الفكرة التي أصبحت مفتاح العبور العظيم في السادس من أكتوبر.

ومع انطلاق ساعة الصفر يوم 6 أكتوبر 1973، كان الشهيد أحمد حمدي يشعر أن جهده الطويل سيُتوّج بنجاح، لكنه لم يرضَ أن يبقى في موقع القيادة بعيدًا عن جنوده. طلب من قيادته التحرك شخصيًا إلى الخطوط الأمامية ليشارك أفراده لحظات إسقاط الكباري على القناة، إلا أن الطلب رُفض حفاظًا على حياته ولأهمية وجوده في غرفة العمليات. لكنه أصر، وألحّ أكثر من مرة حتى حصل على الموافقة، مؤمنًا أن مكان القائد الحقيقي هو بين جنوده وتحت القصف.

وفي أثناء إشرافه على عملية العبور في الخطوط الأمامية، نال شرف الشهادة بعدما أصابته قذيفة مباشرة، فسقط البطل شامخًا في لحظة من أنبل لحظات التضحية والفداء.

كرّمت مصر ابنها البار تكريمًا يليق بعطائه، فمنحته وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى — أعلى وسام عسكري مصري، كما أُطلق اسمه على النفق الذي يربط سيناء بأرض الوطن تقديرًا لجهوده ودوره الخالد في ربط التراب المصري شرقًا وغربًا. كما قرر الرئيس الراحل أنور السادات أن يكون يوم استشهاده هو يوم المهندس المصري، تخليدًا لرمز من رموز العلم والإيمان والوطنية.

رحل الشهيد أحمد حمدي، لكن بقي اسمه علامة مضيئة في سجل أبطال النصر، وبقيت سيرته تجسد معنى الوفاء والعطاء، فهو المهندس الذي بنى جسور النصر بدمه قبل أن تبنيها معداته.