رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


في عيد ميلاده.. بليغ حمدي الذي علّم عبد الحليم معنى اللحن الشعبي

7-10-2025 | 03:22


بليغ حمدي وعبد الحليم حافظ

ندى محمد

تحل اليوم ذكرى ميلاد الموسيقار الكبير بليغ حمدي، أحد أبرز صُناع الموسيقى في القرن العشرين، وصاحب البصمة المتفردة في وجدان المصريين والعرب، وُلد بليغ في 7 أكتوبر عام 1931، ورحل عن عالمنا في 12 سبتمبر 1993، تاركًا إرثًا فنيًا هائلًا تجاوز حدود الزمن، بعدما جمع في ألحانه بين عبقرية التلحين وعمق الكلمة وروح الهوية المصرية الأصيلة.

امتلك بليغ مشروعًا موسيقيًا مختلفًا، يعكس شخصية فنية لا تشبه أحدًا، وقدرته الفريدة على المزج بين التلحين والتأليف جعلته يكتب عددًا من الأغنيات باسم مستعار هو «ابن النيل»، كما كان يكتب مطالع بعض الأغاني بنفسه قبل أن يستكملها شعراء آخرون، هذه الروح المتمردة على القوالب التقليدية جعلت من موسيقاه علامة فارقة في تاريخ الفن العربي.

ارتبط بليغ بعلاقات فنية وإنسانية قوية مع كبار نجوم عصره، فقد قدم ألحانًا خالدة لكوكب الشرق أم كلثوم والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، إلى جانب وردة الجزائرية، شادية، ومحمد رشدي، وغيرهم من الأصوات التي شكلت وجدان أجيال متعاقبة.

ومن المواقف الطريفة التي رُويت عنه، تلك التي جمعته بالموسيقار الراحل عمار الشريعي في المغرب، أثناء مرافقتهم للفنان عبدالحليم حافظ والفرقة الموسيقية، فقد حكى بليغ، وفقًا لما أورده الإذاعي عمر بطيشة في كتابه «ذكرياتي مع نجوم الأغاني»، أنه جلس ذات ليلة مع عمار في غرفته بالفندق، فانقطع التيار الكهربائي فجأة، فراح يبحث عن ولاعته ليشعل شمعة، وقال ضاحكًا: «والنبي يا عمار دور معايا على الولاعة».

وظل الاثنان يجلسان على الأرض يتفقدان أركان الغرفة بحثًا عنها، قبل أن يتذكر بليغ فجأة أن عمار كفيف البصر، فغرق الاثنان في الضحك.

بليغ والعندليب.. حكاية فنية فيها الحب والخلاف والمصالحة

بدأت العلاقة الفنية بين عبدالحليم حافظ وبليغ حمدي قبل عرض فيلم «الوسادة الخالية»، حين قدّم بليغ أول ألحانه للعندليب في أغنية «تخونوه»، لتكون بداية تعاون مثمر أنتج روائع خالدة مثل «سواح»، «على حسب وداد»، «خسارة»، و«خايف مرة أحب».
بفضل تلك الأعمال، فتح بليغ أمام عبدالحليم أبواب الأغنية الشعبية التي لم يكن يجربها من قبل، بعد أن اشتهر بالأغاني العاطفية والوطنية.

وفي إحدى حفلاته، قدّم حليم بليغ للجمهور واصفًا إياه بـ«أمل مصر في الموسيقى»، تعبيرًا عن إعجابه الشديد بموهبته. لكن تلك الصداقة الفنية لم تخلُ من خلافات. فمع مرور الوقت، توترت العلاقة بينهما بعدما شعر حليم أن بليغ أصبح منشغلًا بالتعاون مع مطربين آخرين، فعبّر عن استيائه ذات مرة واصفًا إياه بـ«الإرهاب الفني».

روى بليغ تفاصيل تلك الواقعة في حوار قديم له عام 1978 قائلًا: «عبدالحليم ظن أني لم أعد أهتم به بما يكفي بسبب أعمالي مع مطربين آخرين، وهذا لم يكن صحيحًا أبدًا. كنت قد لحّنت له أغنية جديدة بعنوان هو اللي اختار، لكنها تأخرت في التسجيل، وتحدث البعض عن الخلاف بيننا حتى صدّق حليم تلك الأقاويل».

ويتابع بليغ: «بعد فترة تصالحنا، وقال لي عبدالحليم بحب: "مش هغنيلك بعد كده ولا إيه؟"، فضحكت وقلت له: "أنت تؤمر". ومن وقتها رجعنا أصدقاء كما كنا، ولم نسمح مرة أخرى لأصحاب النوايا السيئة أن يفرّقوا بيننا».

كانت أغنية «هو اللي اختار» آخر لحن اتفقا عليه، إلا أن القدر لم يمهلهما ليُخرجاها للنور، بعدما تدهورت الحالة الصحية للعندليب وسافر للعلاج بالخارج قبل رحيله في عام 1977.

وقد ذكر بليغ لاحقًا أن هناك عشرة أشرطة كانت تضم تسجيلات لتلك الأغنية، منها بصوت عبدالحليم، وأخرى بصوته هو، وبعضها يحتوي على غنائهما معًا، لكن مصير تلك التسجيلات ظل مجهولًا بعد وفاة العندليب.