رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بليغ حمدي.. موسيقار العاطفة والوطنية الذي جعل أم كلثوم تجلس على الأرض إعجابا بموهبته

7-10-2025 | 03:42


بليغ حمدي وأم كلثوم

ياسمين محمد

في مثل هذا اليوم 7 أكتوبر، تحل ذكرى ميلاد الموسيقار العبقري بليغ حمدي، الذي وُلد عام 1931 في حي شبرا بالقاهرة، وخلد اسمه في سجل الموسيقى العربية كأحد أبرز من مزجوا بين الأصالة والتجديد، والعاطفة والوطنية، فكان فنه مرآة لروح مصر وإحساسها الشعبي.

النشأة والبداية

أظهر بليغ موهبة مبكرة في العزف على العود وهو في التاسعة من عمره، وسعى منذ صغره لدراسة الموسيقى رغم صِغر سنه، درس بليغ في مدرسة شبرا الثانوية، وتلقى أصول الموسيقى في مدرسة عبد الحفيظ إمام، قبل أن يتتلمذ على يد الموسيقار درويش الحريري ويتعمق في فن الموشحات العربية. التحق بكلية الحقوق، لكنه لم يبتعد عن عشقه الأول، فالتحق أيضا بـ معهد فؤاد الأول للموسيقى (المعهد العالي للموسيقى العربية حاليا).

من الغناء إلى التلحين

بدأ بليغ حياته الفنية مطربا في الإذاعة المصرية، لكنه سرعان ما أدرك أن مكانه الحقيقي خلف الألحان، فبدأ مشواره بأغنيات مثل «ليه لأ» و«فاتني ليه»
 لفايدة كامل، ثم تعاون مع فايزة أحمد في «متحبنيش بالشكل ده».

وفي عام 1957 كانت نقطة التحول الكبرى حين لحن لعبد الحليم حافظ أغنية «تخونوه»، لتبدأ مرحلة ذهبية من الألحان التي جمعت بين الحس الشعبي والعاطفة الرومانسية والوطنية الحماسية.

عام 1960، قدمه محمد فوزي إلى كوكب الشرق أم كلثوم، التي كانت تبحث عن تجديد موسيقاها، وأثناء اللقاء الأول، جلس بليغ على الأرض يلحن كوبليه من أغنية «حب إيه» وسط ذهول الحاضرين، فما كان من أم كلثوم إلا أن جلست بجواره إعجابًا بموهبته.

وفي ديسمبر من نفس العام، غنت أم كلثوم الأغنية التي أصبحت علامة في تاريخ الغناء العربي.


عام 1972 تزوج بليغ من الفنانة الجزائرية وردة بعد قصة حب فنية وإنسانية، قدّم خلالها لها أروع ألحانه مثل «العيون السود»، «أحبك فوق ما تتصور»، «على الربابة»، «ليالينا» و«يا نخلتين في العلالي». 

كانت وردة بالنسبة له صوت الحب والدفء، وغنّى لها ألحانًا تجاوزت حدود العاطفة إلى الفن الخالص.

ترك بليغ بصمة لا تُنسى مع شادية، خاصة في الأغنية الوطنية الخالدة «يا حبيبتي يا مصر» التي أصبحت رمزًا للحب والانتماء الوطني، إلى جانب أعمال أخرى مثل «قولوا لعين الشمس» و«عطشان يا صبايا».


ألحان الحرب والنصر

خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، لم يقف بليغ متفرجًا. ذهب مع زوجته وردة إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون رغم منع دخول غير العاملين، مصرًا على تقديم أغنيات للوطن. وبعد إصرار طريف وغاضب منه، سُمح له بالدخول، ليسجل أغنيات أصبحت جزءًا من ذاكرة النصر مثل «على الربابة بغني» و«بسم الله» و«عبرنا الهزيمة».

رحل بليغ حمدي في 12 سبتمبر 1993 عن عمر ناهز 62 عاما بعد صراع مع مرض الكبد، تاركا وراءه إرثًا موسيقيًا خالدًا. ونعته جريدة الأهرام بعبارة مؤثرة: «مات ملك الموسيقى».


بليغ لم يكن مجرد ملحن، بل كان مدرسة موسيقية متفردة، أذابت الفواصل بين النخبة والشعب، والعاطفة والوطن، والشرق والغرب. ألحانه ما زالت تُغنّى وتردد، لتثبت أن العبقرية لا تموت، وأن الموسيقى الصادقة تظل خالدة كصاحبها.