رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نساء في قفص الاتهام.. بهاء المري يفتح ملفات العدالة والرحمة في معرض دمنهور للكتاب

10-10-2025 | 15:24


جانب من الفعالية

فاطمة الزهراء حمدي

شهد معرض دمنهور الثامن للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب بمكتبة مصر العامة بدمنهور، لقاءً أدبيًا وإنسانيًا مميزًا مع المستشار بهاء المري، رئيس محكمة الاستئناف، تحت عنوان "حكايات من ملفات القضاء: نساء في قفص الاتهام"، أدار الحوار الدكتور محمد أبو علي.

في أجواء من التأمل والإنصات، تحدث المستشار بهاء المري عن تجربته الفريدة في الجمع بين منصة القضاء وصفحات الأدب، مؤكدًا أن كتابه "نساء في قفص الاتهام" لم يُكتب ليضيف ركامًا جديدًا من القضايا إلى أرشيف العدالة، بل ليضع القارئ أمام التجربة الإنسانية التي تقف خلف القفص، حيث تختلط المأساة بالدهشة، والرحمة بالقسوة، والانكسار بالتمرد.

وقال المري في كلمته التي استهل بها اللقاء:  "حين كتبت نساء في قفص الاتهام لم يكن هدفي التشهير أو الإدانة، بل أردت أن أفتح نافذة على عالمٍ تمتلئ صفحاته بالحكايات الواقعية التي عشتها في قاعات المحاكم، لأقول إن المرأة ليست دائمًا جانحة بإرادتها، بل قد تكون ضحية لظروف قاسية أو مجتمعٍ عجز عن حمايتها".

وأضاف أن الكتاب ليس مجرد توثيق لجرائم أو أحكام، بل محاولة للبحث عن الإنسان وسط أوراق القضايا، وعن صوت الرحمة الذي يجب ألا يغيب عن أحكام العدالة.
 وقال: "القانون يحكم على الأفعال بمنطوق النصوص، أما الأدب فيبحث في الدوافع الإنسانية التي دفعت إلى ارتكاب الفعل. وفي هذا الكتاب حاولت أن أجمع بين موقع القاضي الذي يُصدر الحكم، وقلم الأديب الذي يفتش في أعماق النفس."

واستعرض المري عددًا من القضايا التي تناولها الكتاب، منها قصة امرأة حملت السلاح دفاعًا عن شرفها، وأخرى قتلت والدها المغتصِب بعد أن سدت في وجهها كل السبل، وثالثة دفعتها الفاقة إلى استخدام طفلها في التسول، لتجد نفسها متهمة بعد أن كانت ضحية.

وأوضح أن هذه النماذج لا تثير فقط سؤال الذنب والعقاب، بل أيضًا سؤال المسؤولية المجتمعية: "أين دور الأسرة؟ وأين المجتمع حين تنهار القيم وتتحول رموز الرحمة إلى وجوه مأساوية داخل قفص الاتهام؟".

وختم كلمته قائلًا: "نساء في قفص الاتهام ليس كتابًا عن النساء فقط، بل عنّا جميعًا؛ عن ضمائرنا التي تتأرجح بين الرحمة والبطش، وعن مجتمعٍ يحتاج أن يُعيد النظر في معنى العدالة ودور القانون، لا ليعاقب فقط، بل ليصنع وقاية وعدلاً ورحمة".

من جانبه، قدّم الدكتور محمد أبو علي قراءة نقدية للكتاب بعنوان "بين العدل والرحمة"، مؤكدًا أن المري نجح في خلق توازن نادر بين دقة القاضي ودفء الأديب، وأن نصوصه تسير على "حدّ السكين" بين التقرير القضائي والنبض الإنساني، لتكشف وجوهًا جديدة للعدالة حين تنظر بعين الرحمة لا بعين القانون وحده.

بهذا اللقاء الإنساني العميق، ووسط تفاعل الحضور، فتح معرض دمنهور الثامن للكتاب نافذة مختلفة على العدالة، لا باعتبارها أحكامًا تُتلى، بل ضمائر تُستيقظ.