"الإبداع الفني وتأثيره على الهوية".. ندوة بمعرض دمنهور للكتاب
شهد معرض دمنهور الثامن للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، لقاءً ثقافيًا مميزًا بعنوان "الإبداع الفني وتأثيره على الهوية المصرية"، وذلك بالتعاون مع الإدارة العامة للنشاط الثقافي والفكري بدار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، وإشراف الأستاذة رشا الفقي، مدير عام الإدارة العامة للنشاط الثقافي والفكري.
أدارت اللقاء الدكتورة هبة الأصولي، الحاصلة على دكتوراه في علم اجتماع الفن، والتي استهلت الحوار بتعريف مفهوم الهوية في سياقه العام، مشيرة إلى أن الحفاظ على الهوية لا يتحقق إلا بالعودة إلى الجذور والتاريخ، مع التفاعل الإيجابي مع المتغيرات الحديثة التي تُثري الهوية وتمنحها طابعًا متجددًا. واستشهدت الأصولي بمقولة عالم الاجتماع البريطاني ستيورات هول: "الهوية ليست ما نراه فقط، بل ما نبدعه أيضًا"، موضحة أن الإبداع الفني يمثل أحد أهم أدوات التعبير عن الذات الجمعية والموروث الثقافي للأمم.
وشارك في اللقاء نخبة من رموز الإبداع وأساتذة الفنون، من بينهم الدكتورة أميرة الهندوم، أستاذ الرسم والتصوير بكلية التربية النوعية بجامعة دمنهور، التي تناولت دور الفن التشكيلي في رسم ملامح الشخصية المصرية عبر العصور، مؤكدة أهمية غرس الهوية الوطنية في النشء من خلال الفنون، لما تمتلكه من قدرة على تشكيل الوعي الجمالي والبصري لدى الأطفال. كما شددت على ضرورة دمج التربية الفنية في المراحل التعليمية المبكرة، باعتبارها جزءًا أساسيًا من بناء الإنسان المصري.
ومن جانبها، تحدثت الدكتورة هدى حسني، مشرف مركز تنمية المواهب بدار الأوبرا المصرية بالإسكندرية ودمنهور، عن أهمية تعليم الفنون التراثية للأطفال، موضحة أن المركز يحرص على تقديم أعمال فنية تُسهم في ترسيخ الهوية المصرية وتعزيز الانتماء الثقافي لدى المتدربين. وأكدت أن الفنون تُعد لغة عالمية تُجسد قيم الجمال والانتماء في آن واحد.
كما أكد الدكتور محمد حسني، مدرب الغناء بالمركز، أن الأغنية المصرية تعكس تنوع الثقافة الوطنية، إذ تمتزج فيها اللهجات النوبية والصعيدية والريفية والمدنية، بما يجسد وحدة التنوع داخل المجتمع المصري، مشيرًا إلى أن التراث الغنائي يمثل وثيقة حية لتاريخ الشعب ووجدانه.
وفي مداخلة للشاعر الغنائي أحمد يحيى، أشار إلى أهمية دعم المواهب الشابة باعتبارها القوة الحقيقية لاستمرار الهوية الثقافية، مشيدًا بدور دار الأوبرا في اكتشاف المبدعين وصقلهم فنيًا وثقافيًا ليصبحوا جزءًا من المشهد الإبداعي المعاصر.
وتخلل اللقاء فقرات فنية قدمها عدد من المواهب من مركز تنمية المواهب، من بينهم روان الحلواني والمنشد محمد الطحاوي، اللذان أضفيا أجواءً روحانية وفنية مبهجة نالت استحسان الحضور.
واختُتم اللقاء بتأكيد المشاركين أن الإبداع الفني هو الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر، وأن الحفاظ على الهوية المصرية يتطلب دعم الفنون وتشجيع المبدعين، بما يعزز دور الثقافة كقوة ناعمة في بناء الوعي الجمعي وترسيخ الشخصية المصرية الحديثة.