رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


معايير الجودة والقيادة الدولية

12-10-2025 | 14:56


عمرو سهل

يعد تسلم مصر رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "ISO" حدثا بالغ الأهمية ليس فقط على المستوى الفني أو الإداري بل على الصعيدين السياسي والاقتصادي أيضا فهذا الفوز لا يمثل مجرد إنجاز بروتوكولي أو شرف رمزي بل هو ترجمة حقيقية لمكانة مصر المتنامية في المنظمات الدولية ودليل على قدرتها على المنافسة والريادة في مجالات العلم والإدارة والجودة العالمية ومن الوهلة الأولى يلفت الانتباه أن هذا الفوز جاء بعد منافسة قوية مع الأرجنتين إذ حصدت مصر تأييد 63 دولة مقابل 49 فقط لمنافسها وهو ما يعكس حجم الثقة التي يحظى بها المرشح المصري والدعم الدولي الواسع للدور المصري في الساحة العالمية ويكتسب الحدث قيمته الرمزية من كونه أول فوز عربي وثاني فوز أفريقي بهذا المنصب منذ تأسيس المنظمة عام 1947 وهو ما يضع مصر في موقع القيادة ضمن منظومة عالمية تمثل 174 دولة وتشكل المرجعية العليا لمواصفات الجودة في العالم واللافت أيضا أن هذا النجاح لا يأتي بمعزل عن توجهات الدولة المصرية خلال العقد الأخير حيث تبنت القيادة السياسية برؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي سياسة تقوم على "تحسين جودة الحياة" من خلال تطوير معايير الخدمات والإنتاج وبالتالي فإن تولي مصر رئاسة منظمة التقييس هو تتويج طبيعي لمسار وطني يسعى إلى ترسيخ مفاهيم الجودة والتميز المؤسسي في كل القطاعات كما أنه يعكس نجاح سياسات الدولة في بناء كفاءات وطنية مؤهلة لتولي مناصب قيادية مؤثرة على المستوى الدولي ومن الناحية العملية يمثل هذا الحدث انعكاسا مباشرا لتقدم مصر في مجالات التصنيع والتحول الرقمي والاقتصاد الأخضر فوجود شخصية مصرية على رأس منظمة مسئولة عن وضع المواصفات القياسية الدولية يعني أن القاهرة سيكون لها صوت فاعل في صياغة معايير الإنتاج والتجارة العالمية ما يعزز فرصها في فتح أسواق جديدة ويدعم تنافسية منتجاتها في الخارج كما يتيح لمصر التأثير في رسم السياسات المرتبطة بالاستدامة والتكنولوجيا الحديثة بما يتسق مع أهداف رؤية مصر 2030 أما من الناحية الدبلوماسية فإن الفوز يرسخ الثقة الدولية في مصر كشريك استراتيجي مسئول ومؤهل لقيادة العمل الجماعي العالمي خصوصا في ظل ما يشهده العالم من تحولات اقتصادية ومعايير جديدة للتجارة المستدامة كما أنه يعزز صورة الدولة المصرية كمنصة للمعرفة والخبرة الفنية في المنطقة العربية والأفريقية ما قد يشجع على نقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات مع الدول النامية التي تسعى إلى تحسين جودة إنتاجها المحلي.

من ناحية أخرى فإن انعكاسات هذا الحدث على الداخل المصري متعددة الأبعاد عديدة فهو رسالة أمل للشباب والعلماء والمهنيين بأن الكفاءة المصرية قادرة على اقتحام الصفوف الأولى دوليا كما أنه يخلق حافزا لمؤسسات الدولة لتعزيز ثقافة الجودة والإنتاج المتميز وسيكون من المتوقع أن تستفيد مصر من موقعها الجديد في تعزيز قدراتها في مجالات المواصفات القياسية وتطوير الصناعات المحلية بما يتوافق مع المعايير العالمية الأمر الذي يرفع من قيمة الصادرات ويقلل من الفاقد في الإنتاج ويمكن القول بكل قوة فإن تولي مصر رئاسة المنظمة الدولية للتقييس ليس مجرد فوز إداري بل هو تجسيد لمرحلة جديدة من الحضور المصري المؤثر في مؤسسات صنع القرار العالمي إنه إعلان بأن مصر بتاريخها ومكانتها وكفاءاتها لا تزال قادرة على أن تكون في مقدمة الأمم التي تصنع المعايير وتوجه السياسات لا تلك التي تكتفي باتباعها ومن هنا تتجلى أهمية الحدث كإشارة رمزية ومادية معا على صعود الدور المصري في تشكيل مستقبل الجودة والتنمية المستدامة عالميا.