رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


اتفاق قمة شرم الشيخ للسلام.. مصر داعمة القضية الفلسطينية وملاذ الأمان لأهالي غزة

15-10-2025 | 15:30


قمة شرم الشيخ للسلام

أماني محمد

لم تكن قمة شرم الشيخ للسلام، التي استضافتها مصر، الاثنين الماضي، إلا حلقة في سلسلة جهود مصرية مستمرة على مدار العقود لدعم القضية الفلسطينية، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني، والتهدئة في غزة، بعد عامين من الحرب والإبادة التي شهدها القطاع جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم.

وتبني مصر موقفها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية على مرتكزات ثابتة، بدءا من ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وكذلك رفض تهجير أو تصفية القضية، والعمل على إيجاد حل عادل ومنصف، وفقاً لقواعد القانون الدولي ومرجعيات الشرعية الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة، بما يؤدي إلى سلام شامل وعادل يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

اتفاق شرم الشيخ

وتركزت أعمال قمة شرم الشيخ للسلام، التي عقدت أول أمس، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، على التأييد والدعم المطلق لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة، والذي تم إبرامه يوم 9 أكتوبر 2025، وبوساطة كل من مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا، حيث تم التوقيع على الاتفاق من قبل الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

تناولت القمة أهمية التعاون بين أطراف المجتمع الدولي لتوفير كل السبل من أجل متابعة تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استمراريته، بما في ذلك وقف الحرب في غزة بصورة شاملة، والانتهاء من عملية تبادل الرهائن والأسرى، والانسحاب الإسرائيلي، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة. وقد شهدت القمة في هذا السياق مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم الاتفاق.

وأكدت مصر التي غرست نبتة السلام في المنطقة منذ حوالي نصف قرن، أنها لن تألو جهداً للحفاظ على الأفق الجديد الذي ولد بمدينة السلام في شرم الشيخ، وسنواصل العمل على معالجة جذور عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى رأسها غياب التسوية للقضية الفلسطينية، وصولاً لتحقيق السلام الشامل والعادل.

 

مرتكزات الموقف المصري

قال الدكتور محمد عبد العظيم الشيمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن دور مصر في دعم القضية الفلسطينية، مستمر ومتواصل منذ عقود، فمصر ليست فقط فاعلاً نشطاً في الملفات الإقليمية، بل هي الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية تحديدًا، مضيفا أن هذا الموقف ليس طارئًا، بل يستند إلى سجل طويل من الدعم والمواقف الثابتة والمرتكزات التي حددتها مصر بشأن حل القضية الفلسطينية ودعم حقوق الشعب الفلسطيني.

وأوضح "الشيمي"، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه خلال العامين الماضيين، كان هناك تحرك مصري سريع على كافة المستويات، لا سيما على الصعيدين الرئاسي والدبلوماسي، مضيفا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تحرك بشكل واضح، إلى جانب تحركات وزارة الخارجية، من خلال اللقاءات الثنائية، والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات الدولية، بهدف حقن دماء الشعب الفلسطيني ووقف إطلاق النار.

وأضاف أن مصر دعت إلى مؤتمر القاهرة عقب تصاعد الأزمة مباشرة في 7 أكتوبر 2023، وحرصت على إبقاء القضية الفلسطينية، وخصوصًا أزمة غزة، حاضرة في كل المحافل الإقليمية والدولية، من خلال لقاءات مع قادة الدول ومسؤوليها، مشيرا إلى أن مصر دعمت القضية الفلسطينية أمام المحاكم الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إلى جانب تحركاتها ضمن الجامعة العربية، سواء من خلال القمم الطارئة أو الاجتماعات العادية، مثل القمة العربية في بغداد مايو الماضي.

 

وأكد أستاذ العلاقات الدولية أن مصر جسّدت رؤيتها الواضحة من خلال دعمها المتواصل لقطاع غزة، ورفض الحصار، وكل أشكال الإبادة والتهجير التي سعت إسرائيل لفرضها لطمس معالم القضية الفلسطينية، وتصفيتها، مضيفا أن مصر تصدت منذ البداية لمحاولة فرض سيناريو التهجير، وأعلنت بوضوح أن هذا الخط الأحمر غير قابل للنقاش أو التفاوض.

وأشار إلى أن الرئيس السيسي، وجه قبل أكثر من شهرين، رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعلن فيها رفض مصر لهذا السيناريو، واستعدادها لدعم أي جهود تهدف إلى وقف إطلاق النار، وتحقيق السلام، وفقًا لحل الدولتين، الذي لطالما دعمته مصر، مضيفا أن السياسات المصرية الواضحة ساعدت على ترسيخ رؤية القاهرة، إقليمياً ودولياً، وكان لها دور كبير في كسب تأييد العديد من الدول، خاصة بعد لقاء الرئيس السيسي بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في أبريل الماضي، حيث تبنت فرنسا الرؤية المصرية.

وشدد على أن هذه الرؤية دعمتها عدة دول أوروبية أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة، مما زاد من الضغط الدولي على إسرائيل والولايات المتحدة، لا سيما في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذا الزخم الدولي أدى إلى دعم الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي، مع بعض التعديلات، لكن جوهرها الأساسي بقي كما طرحته القاهرة، وقف إطلاق النار، إدخال المساعدات، رفض التهجير، وبدء التفاوض على حل الدولتين.

ولفت إلى أن هذه الجهود تكللت بتوقيع اتفاق السلام في قمة شرم الشيخ، أول أمس، وهو يعد إنجازًا دبلوماسيًا مهمًا، لإنهاء الحرب على القطاع والتي استمرت عامين متواصلين، مضيفا أنه من المبكر الحديث عن استقرار دائم أو بداية مرحلة إعادة الإعمار بشكل كامل، لأن هناك تحديات كثيرة تواجه تلك العملية، منها ما يتعلق باستمرار المناورات الإسرائيلية، رغم التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وأشار إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة أوضحت أن وقف الحرب ليس نهائيًا بعد، ما يعني أن الأوضاع لا تزال غير مستقرة، والسيناريوهات مفتوحة، مضيفا أن هناك تحديات تتعلق بالعراقيل الإسرائيلية وكذلك التحديات الأمنية في مناطق معينة من غزة، وكذلك ما يخص إدارة قطاع غزة، وهو سيناريو مقلق قد يعرقل تنفيذ الاتفاق، في ظل وجود مساعٍ أمريكية وإسرائيلية لإعادة هيكلة السلطة الفلسطينية، وهو أمر يحمل في طياته تحديات كبيرة، خاصة إذا لم يُراعَ فيه توافق الداخل الفلسطيني.

وأشار إلى أن ما تحقق حتى الآن، رغم أهميته، لا يُعد نهاية المطاف، فالأيام المقبلة ستظهر نوايا الأطراف الدولية، خاصة إسرائيل والولايات المتحدة، وما إذا كانت هناك رغبة حقيقية في المضي نحو حل دائم وعادل.

 

رسم ملامح جديدة للمشروع الوطني الفلسطيني

وقال الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن قمة شرم الشيخ جاءت تتويجًا للجهود المصرية خلال العامين الماضيين، خاصة في ما يتعلق بالصراع في قطاع غزة، سواء من حيث السعي إلى التوصل إلى تسوية لوقف إطلاق النار، أو في ما يخص إدخال المساعدات الإنسانية.

وأوضح "إسماعيل"، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن القمة تمثل ثمرة للتعاون المصري مع دولة قطر الشقيقة ضمن هذا المسار، إلى جانب رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في إطلاق اتفاق سلام يُنهي هذه الأزمة، مضيفا أن الفترة الأخيرة شهدت عزلة متزايدة لإسرائيل على الساحة الدولية، في ظل اصطفاف دولي متنامٍ لدعم القضية الفلسطينية، ورفض واسع للممارسات الإسرائيلية.

وأشار إلى أن كل هذه العوامل أدت إلى تعزيز ضرورة تغليب الحلول السلمية، والبحث الجاد عن تفاهمات سياسية، مضيفا أن استقبال مصر للوفود المشاركة في قمة شرم الشيخ كان خطوة تعكس دورها المحوري كركيزة للاستقرار في المنطقة، كما أنها أبرزت نموذجًا جديدًا للدبلوماسية المصرية، خاصة في إطار سعيها الدائم لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

وشدد على أن النقاشات تناولت أيضًا تفاهمات مستقبلية تتعلق بإعادة إعمار قطاع غزة، وكذلك رسم ملامح جديدة للمشروع الوطني الفلسطيني.