رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


صورة تبهج القلوب

26-10-2025 | 19:32


عمرو سهل

لم تكن صورة الرئيس السيسي والطفلة الفلسطينية ريتاج التي حقق الرئيس أمنيتها بلقائه ومصافحته خلال احتفال نصر أكتوبر لم تكن مجرد لقطة عابرة لحدث رسمي بل هي نص بصري مكتمل الأركان يحمل في طياته خطابا إنسانيا عميقا يتجاوز حدود السياسة والمراسم فالرئيس يسير إلى جوار طفلة صغيرة ترتدي الثوب الفلسطيني المطرز وتمسك بعكاز واحد لكنها ترفع يدها الأخرى بعلامة النصر لتعلن بعفوية الواثقين نحن باقون نحن أقوى في هذه اللحظة تتقاطع الرموز ويتحول المشهد إلى حكاية عن الإنسان والقيادة والهوية والصمود فالطفلة هنا ليست مجرد فتاة تبتسم أمام عدسة الكاميرا بل هي تمثيل لجيل كامل جبل على المعاناة لكنه لم يسمح للمعاناة أن تقتل الحلم إنها تمشي بثوب يحمل ذاكرة أمة كاملة كل غرزة فيه تحكي عن جرحٍ وعن انتصار صغير متراكم حتى صار الثوب نفسه رمزا للاستمرارية والمقاومة الثقافية كما أن العكاز الذي تتكئ عليه لا يبدو في يدها أداة عجز بل يمثل امتدادا لقوة خفية في داخلها فهو عصا إرادة لا عصا ضعف وكأنها تقول لمن حولها نقصي الجسدي لا ينتقص من كمال روحي أما الرئيس فيمثل في هذه الصورة الوجه الآخر للسلطة السلطة التي تقترب من الإنسان لا لتتحدث إليه من فوق بل لتسير إلى جواره فالابتسامة التي تعلو وجهه لا تبدو مصطنعة بل نابعة من لحظة وعي بأن القوة الحقيقية ليست في الأوامر بل في القدرة على منح الأمل وحين يضع يده على كتفها برفق يتجسد معنى الاحتواء الأبوي ليتحول المشهد إلى لقاء بين رمزين رمز الدولة ورمز البراءة بين من يملك القرار ومن يملك الحلم.


وفي عمق الصورة تتشكل طبقات من الدلالات فرمزية الثوب الفلسطيني تضيف بعدا سياسيا وإنسانيا في آن واحد فالثوب هنا ليس مجرد زي تراثي بل هو ذاكرة مقاومة تمتد من خيوط الأرض إلى وجدان الأمة وأن يرتديه جسد طفلة بعكاز هو إعلان أن الهوية أقوى من الجراح وأن الجسد حين يصاب لا يصيب معه الروح وبينما ترفع الطفلة يدها بعلامة النصر تتحول الصورة إلى قصيدة بصرية تقول إن النصر ليس حدثا عسكريا فحسب بل هو موقف إنساني وقرار بالاستمرار رغم الألم ويمكن وصفها بلحظة التقاء بين الحاضر والمستقبل فالرئيس يمثل الحاضر بما يحمله من خبرة ومسئولية والطفلة تمثل المستقبل بما يحمله من براءة وطاقة وأمل وفي المسافة الصغيرة بينهما تتجسد معادلة الوطن تواصل الأجيال وتناقل الأمل واستمرار الإيمان بأن الغد يمكن أن يكون أجمل والصورة لا تحتفي بشخصين بقدر ما تحتفي بفكرة أن الإنسانية تظل اللغة الأصدق وأن الشعوب التي تعلم أبناءها رفع إشارة النصر حتى وهم يتكئون على العكاز هي شعوب تعرف أن الكرامة لا تمنح بل تنتزع بالإصرار والإيمان وهي صورة تذكّرنا أيضا بأن النصر لا يبدأ من ميادين المعارك بل من قلوب صغيرة تعرف أن الابتسامة في وجه الألم هي أول معركة في طريق الحياة.