وقف الحرب في أوكرانيا.. بين الضغوط الأمريكية والشروط الروسية|خاص
                    
                    بين الضغوط الأمريكية والشروط الروسية، يتأرجح مصير الحرب في أوكرانيا، التي تمضي في عامها الرابع بوصفها أحد أكثر الصراعات دموية منذ الحرب العالمية الثانية، فموسكو لم تنجح بعد في حسم المعركة، مدفوعة بصمود كييف، التي تستند إلى دعم غربي واسع يرى في استمرارها خط دفاع متقدم عن أمنه القومي.
وخلال الفترة الماضية، انتكست الجهود الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وسط اتهامات لموسكو باستخدام المفاوضات غطاءً لاستهلاك الوقت، دون نية حقيقية لإنهاء القتال، وهو ما تنفيه روسيا بشدة.
روسيا لا تريد التفاوض
وفي غضون ذلك، يرى الدكتور نبيل رشوان، الخبير في الشأن الروسي، أن الفترة الحالية تشهد توترًا شديدًا في العلاقات الروسية الأمريكية، عكس إلغاء قمة العاصمة المجرية بودابست، التي أُعلن عنها بين زعيمي البلدين.
وأوضح رشوان، في حديث لـ"دار الهلال"، أن الجانب الروسي حاول تفادي هذه الأزمة بإرسال مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين لشؤون الاستثمار والتعاون الاقتصادي، كيريل ديمترييف، إلى الولايات المتحدة، حيث عقد لقاءات مع مسؤولين أمريكيين.
وأضاف أن اختيار إرسال مبعوث الشؤون الاقتصادية إلى الولايات المتحدة لم يأتِ عبثًا، بل من منطلق أن موسكو تريد إبرام صفقة اقتصادية مع واشنطن تُحسّن بها العلاقات مع الإدارة الأمريكية التي يقودها دونالد ترامب، ذلك الرجل الذي هو في الأساس رجل أعمال، وبحكم خلفيته تلك، فهو يفضل إجراء الاستثمارات.
وفي سياق الحرب، يؤكد خبير الشؤون الروسية أن موسكو لا ترغب في الوقت الحالي في التفاوض على وقف الحرب في أوكرانيا، لكن ما يهمها بالدرجة الأولى تحسين علاقاتها مع واشنطن سياسيًا واقتصاديًا، فضلًا عن التباحث بشأن قضايا عسكرية ترتبط بالسلم العالمي.
وفي المقابل، فإن الولايات المتحدة -كما يضيف- يشغلها بالدرجة الأولى إنهاء هذه الحرب، لا سيما أن ذلك يخدم سجل الرئيس ترامب، الطامح لنيل جائزة نوبل للسلام بعد أن فاتته هذا العام.
وفضلًا عن ذلك، تريد الدول الغربية -وفق رشوان- وقف الحرب لمدّ أوكرانيا بكميات ضخمة من السلاح، تجعلها قادرة على ردع أي عدوان روسي قد يقع فيما بعد.
مفاوضات عبر الضغط
وأكد الدكتور رشوان أن الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، تريد أن تدفع روسيا إلى مفاوضات وقف الحرب عبر الضغط عليها، ويتضح ذلك بعد العقوبات الأخيرة التي فرضتها الإدارة الأمريكية على شركات نفط روسية، وهي تترقب نتيجة ذلك.
وعلى الجانب الآخر، حيث أوكرانيا، فإن الاتحاد الأوروبي لا يتوقف عن إرسال الدعم العسكري لها، وهو عامل ضغط آخر على موسكو، وفق رشوان.
ولفت إلى أنه في الفترة الماضية برز موضوع تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" الأمريكية بعيدة المدى وذات القدرة التدميرية العالية، وهو أمر زاد الضغط على روسيا، التي أبدت قلقًا واسعًا من هذه الخطوة.
واعتقد أن نهج الضغط الذي تتعامل به الولايات المتحدة مع روسيا قد يؤتي ثماره في المنظور القريب، حيث ظهرت بوادره في التنازلات التي قدّمها الرئيس الروسي في مكالمته الأخيرة مع نظيره الأمريكي، إذ لم يمانع في التنازل عن أجزاء من خيرسون وزابوريجيا تسيطر عليها أوكرانيا، بخلاف ما كان يبديه في السابق.
وفي المقابل، فإن على أوكرانيا أن تعترف بروسية دونباس ودونيتسك ولوجانسك، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم -حسبما يقول رشوان- الذي أوضح أن هذا الأمر صعب للغاية بالنسبة لكييف، إذ إن دول العالم حتى الآن لم تعترف بروسية القرم، التي تحتلها روسيا منذ عام 2014، كما رفضت نتائج استفتاءاتها حول ضم الأراضي الأوكرانية، متسائلًا: "كيف تريد إذًا من أوكرانيا أن تُقبل على ذلك؟".
وقف الحرب بعيد
وفي المحصلة، يرى خبير الشؤون الروسية أن مسألة وقف الحرب في أوكرانيا ما تزال بعيدة، لا سيما أن موسكو ما تزال تردد نغمة تحقيق أهداف العملية العسكرية، وهو ما يعني بشكل واضح استسلام كييف دون قيد أو شرط، كما حدث في نهاية الحرب العالمية الثانية مع ألمانيا واليابان.