أثارت دراسة حديثة صدمة واسعة، بعدما أعلن علماء عن توصّلهم إلى الأصل الحقيقي للبعوضة التي حيّرتهم لسنوات طويلة، والمعروفة باسم "بعوضة مترو لندن.

وذكرت الدراسة التي أجراها فريق دولي من الباحثين بقيادة جامعة كولومبيا الأمريكية ونُشرت نتائجها في مجلة Science، أن البعوضة لم يكن موطنها الأول في أنفاق العاصمة البريطانية كما اعتُقد طويلًا، بل في ضفاف البحر المتوسط، كمناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديدًا في مصر.

ولأكثر من 80 عامًا حاول العلماء حل لغز الحشرة الغامضة التي ثبت أنها لم تُولد في أعماق لندن خلال الحرب العالمية، بل جاءت من الجنوب الدافئ، مهاجرةً عبر القرون من مصر والبحر المتوسط إلى أنفاق العاصمة البريطانية الباردة.

وأوضحت الدراسة أن هذه الحشرة التي ظنّ العلماء أنها تطوّرت داخل أنفاق المترو البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية، هي في الحقيقة نوع قديم من البعوض يُعرف باسم Culex pipiens form molestus، وُجد في المنطقة المتوسطية منذ آلاف السنين.

وحلّل الباحثون الحمض النووي لمئات من عينات البعوض من مختلف أنحاء العالم، بينها عينات تاريخية تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، ليكتشفوا أن هذه البعوضة المزعجة لم تنشأ تحت الأرض في لندن كما اعتُقد، بل تطوّرت منذ نحو 3 آلاف عام من نظيرتها التي تعيش في الهواء الطلق وتُعرف باسم pipiens، قبل أن تنتشر شمالًا مع مرور الزمن.

وبحسب الدراسة، فقد تم توثيق وجود هذه البعوضة لأول مرة في مصر على يد عالم الطبيعة السويدي بيتر فورسكاول في عام 1775، ثم لاحقًا في إيطاليا وكرواتيا خلال القرن التاسع عشر، قبل أن تُرصد في مواقع تحت الأرض بشمال أوروبا في بدايات القرن العشرين، أي قبل عقود من بناء مترو لندن الحديث.

وتشير التسلسلات التاريخية إلى أن البعوضة اتجهت شمالًا عبر أوروبا، لكنها لم تستطع البقاء في الأجواء الباردة، فوجدت في الأنفاق والمناطق الدافئة تحت الأرض مأوى مثاليًا خلال الشتاء، وهو ما جعلها لاحقًا تُعرف باسم "بعوضة المترو".