رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


سر المتحف الكبير

28-10-2025 | 15:09


حمدي رزق,

“وقف الخلق ينظرون جميعًا
كيف أبني قواعد المجد وحدي
وبناة الأهرام في سالف الدهر
كفَوني الكلام عند التحدي..”
من قصيدة "مصر تتحدث عن نفسها"، كتبها شاعر النيل "حافظ إبراهيم"، وتغنت بها كوكب الشرق "أم كلثوم"، لا تزال تتردد كلماتها في قلبي وعقلي.
كم تاقت النفس للحظة عزٍّ باهرة، كم تمنت الروح المتعبة أن ترى بعينها حصاد تعبها وشقاها مجسدًا في عيون العالم، تتسع الحدقات دهشة على البهاء، والرقي، والحضارة. مهد الحضارة الإنسانية هنا، ومن هنا انبثق فجر الحضارة.
المتحف الكبير يحتضن ملوكًا أضاءوا حضارة العالم، سر المتحف الكبير تلخيصًا، الشعب الملك، الشعب المصري هو الملك الأول، صانع الحضارة، الفلاح المصري، والصانع المصري، والكاتب الجالس يدون التاريخ، تاريخ شعبٍ عاش على الضفاف، ونسج خيوط حضارته من شعاع الشمس المشرقة.
شعبٌ عظيم يحتفل بملوكه العظماء، ويكرم تاريخهم، ويُطلع العالم على حضارتهم الخالدة، ويشهد العالم على عظمتهم، ليبرهن على عظمته، ويرسم لوحة الخلود، ويدون في بردية محفوظة للأجيال المقبلة قصة الأمس واليوم وغدًا.
إحساسٌ طاغٍ بالعظمة والفخر والعز يغمر المحروسة، أحفاد الفراعين في غبطة وسرور. نادرةٌ مثل هذه اللحظات الباهرة، إبهار وبهاء وعظمة، عظمة على عظمة يا مصر.
افتتاح المتحف يومٌ مجيد من أيام المجد المصري، وستتلوه أيام لا تقل عظمة، الأيام المقبلة تحمل مناسباتٍ جدَّ سعيدة.
الفرصة سانحة لجذب أنظار العالم إلى رؤية مصر الجديدة، مصر التي تبني ولا تهدم، ترفع القواعد عاليًا، بلد الأمن والأمان والسلام، تبرهن على حضارتها الإنسانية، وعلى علو المقام، على فنون وآدابٍ مبهرة، وعلى توقِ شعبٍ للحياة:
"إذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ
فلا بـدّ أن يستجيب القــدرْ.."
مصر تقدم للعالم ملمحًا من أسطورتها الخالدة على ضفاف النيل الخالد، مصر قلب العالم النابض، ترفع رايات السلام البيضاء، حماماتٌ تطير في قرص الشمس.
هنيئًا للمصريين بهذه الطلة الباهرة، وهنيئًا للمخلصين الذين رسموا هذه اللوحة الراقية، وهنيئًا لشعب مصر الذي صنع كل هذا البهاء.
الشعب هو الملك الذي يُحسن استقبال ملوكه، ويُنزلهم منازلهم في كرمٍ مصريٍّ خالص.
افتتاح المتحف الكبير فرصةٌ سنحت لتُسلِّط وسائل الإعلام العالمية عدساتها وتركز نشراتها على حدثٍ مصريٍّ ضخمٍ انتظره العالم طويلًا، فرصةٌ يستوجب الإمساك بها بالتلابيب واستثمارها عالميًا، حدثٌ تاريخيٌّ قلَّ أن يجود الزمان بمثله.
كم هم كرماء ملوك الفراعين، حتى في توابيتهم يمنحوننا لحظاتٍ من الفخار الوطني. لمَ نحرم مصر من مثل هذا الألق الذي يُضوي ويُنير ليل الوطن؟
قد يكون الغيب حلوا، إنما الحاضر أحلى. تغيير "المود" بحدثٍ عالمي محدد سلفًا منحةٌ، يستوجب استثمارها جيدًا. التخارج من الحالة المهيمنة بكلكلها على الوطن ضرورةٌ وطنية، وغدًا ننسى، فلا نأسى على ماضٍ تولى.
رغم الأزمات والعكوسات، والحروب، وحلقة النار المتحلقة حول خاصرة الوطن، تزيح مصر أستار متحفها الكبير، وتُذهل العالم بقدرة المصريين على تعلية البناء.