رسالة في تابوت ملكي.. تصميم دعوة حضور المتحف الكبير يبهر عالم آثار ومصريات ياباني
أبدى عالم الآثار والمصريات الياباني البروفيسور ساكو يوشيمورا انبهاره بتصميم دعوة حضور المتحف المصري الكبير، التي جاءت على شكل تابوت ملكي صغير يحتوي على تمثال توت عنخ آمون، في مشهدٍ يُجسد قوة الدبلوماسية الثقافية المصرية وعمق تقديرها لكل من شارك في حفظ تراثها الإنساني الخالد.
دعوة تحمل معنى أعمق من البروتوكول
ولم تكن الدعوة التي تلقاها البروفيسور يوشيمورا مجرد مشاركة رسمية في حدث عالمي، لكنها تمثل اعترافًا بالجميل واحتفاءً بشغفٍ استمر لعقود، فاليابان، حكومةً وباحثين، كانت شريكًا أصيلًا في دعم المشروعات الأثرية المصرية، وعلى رأسها أعمال الترميم والتنقيب في منطقة سقارة ووادي الملوك، بالإضافة إلى مساهمتها الفعالة في تمويل وإنجاز المتحف المصري الكبير.
جاءت دعوات حفل الافتتاح على شكل علبة فخمة مستوحاة من التوابيت الفرعونية، مبطنة بالقماش الأزرق المخملي الذي يرمز للصدق والعمق والراحة النفسية، تحتوي على تابوت صغير لتمثال توت عنخ آمون به بداخله دعوة الافتتاح، في مشهد يعكس تقدير مصر للعلماء والشخصيات الدولية التي ساهمت في اكتشاف الآثار المصرية.
و الدعوة المصرية للبروفيسور الياباني محمّلةً برسالة تقديرٍ عالمية: «الحضارة المصرية ليست ملكًا للمصريين وحدهم، بل إرثٌ تشترك في صونه الإنسانية كلها.»
المتحف المصري الكبير.. منارة جديدة للتراث الإنساني
ويمثل افتتاح المتحف المصري الكبير في نوفمبر المقبل حدثًا ثقافيًا استثنائيًا، لا لمصر وحدها، بل للبشرية جمعاء، فهو أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تمتد عبر آلاف السنين من التاريخ المصري القديم، وفي مقدمته مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة التي تُعرض لأول مرة بشكل متكامل.
إنه مشروع يجمع بين العلم والهندسة والفن والدبلوماسية الثقافية، يعيد رسم خريطة السياحة العالمية ويؤكد أن مصر ما زالت منارةً للحضارة والبحث والاكتشاف.
من القاهرة إلى طوكيو.. الجسور الثقافية لا تُهدم
العلاقة بين مصر واليابان في مجال الآثار تمتد لأكثر من نصف قرن، وهي علاقة قوامها الاحترام المتبادل والبحث العلمي المشترك.
البروفيسور يوشيمورا ليس مجرد باحث زائر، بل صديقٌ وفيّ لمصر كرّس حياته لدراسة تاريخها وترميم آثارها، وكان له دورٌ محوري في تدريب أجيالٍ من علماء الآثار المصريين، مؤمنًا بأن«مصر مدرسة الحضارة، ومن يتعلّم فيها يعرف كيف يُقدّس الإنسان وتاريخه»
و وصول الدعوة إليه لم يكن حدثًا عابرًا، بل رمزًا لجسرٍ ممتدٍ بين ثقافتين عريقتين — حضارة الأهرامات وحضارة الساموراي — يلتقيان على أرض العلم والاحترام المشترك.
مصر تُخاطب العالم بلغة الحضارة
من خلال هذا الحدث، تؤكد مصر أنها تستخدم الثقافة والتراث كأدواتٍ للقوة الناعمة، تُعيد بها صياغة صورتها أمام العالم في زمنٍ يبحث عن المعنى والاستمرارية.
فالدعوة التي حملت اسم البروفيسور الياباني تمثل في جوهرها دعوةً للإنسانية جمعاء لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث لا تُعرض الآثار فحسب، بل تُروى حكاية الإنسان الأولى.
من طيبة إلى طوكيو.. العظمة تتحدث بلغة واحدة
حين تصل دعوة مصر إلى البروفيسور يوشيمورا، فإنها لا تُرسل إلى شخصٍ واحد، بل إلى كل باحثٍ أحب مصر وقرأ لغتها المنقوشة على الحجر.
إنها لحظة تؤكد أن الحضارة المصرية ما زالت تُبهر وتُلهم وتجمع، وأن المتحف المصري الكبير ليس مجرد افتتاحٍ أثري، بل افتتاحٌ لمرحلةٍ جديدة من الحوار الإنساني العالمي.