مدينة الألومنيوم.. تعانى
الدقهلية: سارة زينهم
ما يقرب من ٦٠ ألف مصرى يعملون داخل ٣ آلاف ورشة فى مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، المدينة الأشهر فى صناعة قلعة الألومنيوم.. ورغم أن المدينة تنتج ما يقارب من ٨٠ فى المائة من إنتاج الألومنيوم بمصر، إلا أنها تُحاصرها المشاكل، بسبب عدم وجود منطقة صناعية خاصة بها، حيث تقع الورش والمصانع داخل الحيز السكانى، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الخام نتيجة ارتفاع الدولار.. لذلك لجأ أصحاب المصانع لتشغيل نصف الطاقة الإنتاجية، وتقليص الإنتاج إلى الربع.
هانى جحا، صاحب مصنع، يعمل لديه ١٥٠ عاملا، ويقول نقوم بشراء المواد الخام من مصنع نجع حمادي، وشركة النحاس المصرية وهى «خام الألومنيوم» عبارة عن قوالب كبيرة تمر بمراحل التصنيعالمختلفة.
عملية صناعة أوانى الألومنيوم تمر بعدة مراحل، يذكرها محمود سامي، صاحب أحد المصانع، قائلاً: البداية من عملية جمع الخردة الخاصة بالأوانى ثم فرزها وفصل الشوائب عنها، ويأتى بعد ذلك عملية «الدرفلة» أى صهر الألومنيوم وفرده، ثم مرحلة التشكيل التى من خلالها يتم تشكيل الصوانى والحلل والأغطية، ثم مرحلة الفرن والتى تتم فى درجة حرارة مرتفعة جدا، ثم مرحلة التلميع والتى تُعد من أخطر المراحل على صحة العمال، وبعدها مرحلة وضع الأوانى فى مادة «البوتاس» وهى مادة كاوية وخطرة على العمال.
ويشار إلى أن الألومنيوم نوعان: بلدى وأفرنجى «لميع».. كمال إبراهيم صاحب مصنع، قال: نصدر الألومنيوم بعد صناعته وتغليفه إلى «السودان والجزائر وتونس والسعودية»، وحجم الصادرات يصل إلى ١٥٪ فقط من المنتج المصنوع، ومعظم الاستهلاك محلى عن طريق توزيعه للمحلات فى العديد منالمحافظات».
مخاطر يومية يتعرض لها العمال داخل ورش تصنيع الألومنيوم، ويقول كريم عبد المتولى، عامل، «المهنة فيها مخاطر كثيرة، فعمال تعرضوا لبتر أصابعهم، وآخرون أصيبوا بأضرار فى الرئة». مضيفاً: أن الفرن هو من أخطر المراحل فى عملية تصنيع الألومنيوم، لأن درجة الحرارة مرتفعة جداً، إضافة إلى استخدام أسطوانات الغاز التى تتسبب فى انفجارات كثيرا، مما يؤدى إلى حالات وفيات.
على الرغم من أهمية صناعة الألومنيوم بميت غمر، إلا أن أكثر تلك المصانع تعمل بدون ترخيص، ويطالب إبراهيم حامد صاحب مصنع بتسهيل شروط التراخيص، لان ٩٥ فى المائة من المصانع غيرمرخصة.. «المحافظ وعدنا بالترخيص ولحد دلوقتى ماشوفناش حاجة اتغيرت». مضيفاً: ندفع ضرائب وتأمينات والحكومة أجبرتنا على عمل سجل تجارى؛ لكن دون الحصول على ترخيص، فضلاً عن عدم وجود منطقة صناعية.
مرحلة التلميع هى من أصعب المراحل وأخطرها فى عملية الصناعة، حيث يعزل معظم أصحاب تلك المصانع هذه المرحلة فى مكان يبعد مترات عن المصنع، حيث تتم هذه العملية من خلال وضع مادة«البوتاس» داخل أحواض كبيرة الحجم، ثم يقوم العمال بوضع أوانى الألومنيوم داخل تلك الأحواض، حتى تُجلى ويظهر لمعانها بعد أن كان يملؤها السواد. صلاح موسى، عامل، قال «نتعامل مع تلك المرحلة بحذر شديد ونرتدى قفازات».
محمود راغب الدهتورى رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة الصناعات الهندسية ونقيب مصنعى الألومنيوم بالدقهلية، أكد أن مدينة ميت غمر بها ٣ آلاف مصنع وورشة صغيرة ومتناهية الصغر ونحن بصدد قانون جديد فى مجلس النواب ليتم التراخيص عن طريق إخطار هيئة التنمية الصناعية، لافتا إلى أن ارتفاع الدولار أدى لارتفاع أسعار المواد الخام، حيث وصل طن الألومنيوم إلى ٥٠ ألف جنيه، وأصحاب المصانع يضطرون فى الوقت الحالى إلى تشغيل نصف الطاقة الإنتاجية ونصف عدد الماكينات فى المصانع، وتقليص عدد ساعات وأيام العمل، مشيرا إلى أن إنتاج المصانع والورش سابقا كان يصل إلى ٣٠٠ طن فى الشهر، أما حاليا فالإنتاج تقلص إلى ٧٥ طنا فى الشهر فقط.
فى ذات السياق، اشتكى أهالى شوارع ميت غمر الممتلئة بورش تصنيع الألومنيوم، من تصاعد الأدخنة المحملة بالغبار، ويقول سمير عادل أحد سكان منطقة الورش «ارحمونا من الموت.. إحنا معرضين للأمراض الخطيرة لأننا موجودين وسط الورش»، وإلى الآن لم يتم أخذ قرار لنقل الورش إلى منطقة صناعية بعيدة خالية من السكان. أما «سلوى هادى» -ربة منزل- فقالت «ما بنعرفش ننام وحياتنا كلها قلق بسبب صوت تقطيع الألومنيوم، ومنزلى معرض للانهيار بسبب درجة الحرارة العالية داخل الأفران.