رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


"وول ستريت جورنال": واشنطن تفشل في تحقيق طموحها بإعادة هيكلة اقتصاد الصين عبر الحرب التجارية

1-11-2025 | 16:07


الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

دار الهلال

عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقيادي الصيني شي جين بينج إلى طاولة التفاوض مجددا، في خطوة تهدف إلى خفض التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، لكن في الوقت نفسه يبدو أن الولايات المتحدة قد تضطر للتخلي عن هدفها الطويل الأمد المتمثل في دفع الصين إلى إعادة هيكلة اقتصادها، نظرا لأنه بعد سنوات من الشد والجذب خاصة خلال ولايات ترامب، لم يتغير اقتصاد الصين.

ولعدة سنوات، ومن خلال إدارات أمريكية متعاقبة، كان كبار المسؤولين في واشنطن يأملون أن يؤدي انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001 إلى فتح نظامها السياسي، لكن تلك الآمال في الليبرالية السياسية تآكلت على نطاق واسع، خاصة مع تولي شي جين بينج السلطة في أواخر 2012، حيث عزز قبضة الحزب الشيوعي الصيني على النظام السياسي والمجتمع المدني، بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

ومع ذلك، احتفظ كثيرون داخل دوائر ترامب بالأمل في ليبرالية اقتصادية صينية، وتحدث مسؤولون بالبيت الأبيض عن استخدام قوة الاقتصاد الأمريكي لدفع الصين بعيدا عن السياسة التجارية التي وصفت بأنها موجهة للصادرات، ومدعومة للصناعات، وتثبط استهلاك مواطنيها الذين يبلغ عددهم 1.4 مليار نسمة.

واعتقد صناع السياسات في واشنطن أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ستضغط على الصادرات الصينية وتشجعها على إيجاد مصادر نمو جديدة داخليا، ربما من خلال إصلاحات شاملة في الصحة والرفاة الاجتماعي للسماح للمستهلكين بالإنفاق أكثر وتوفير أقل، وكان من المفترض أن يدفع هذا الضغط الصين لشراء المزيد من المنتجات الأمريكية والعالمية، ما يقلص فائضها التجاري وتمكن الشركات الأمريكية والمزارعين من الوصول إلى سوق المستهلكين الأسطوري في الصين.

لكن رغم أن حملة ترامب الجمركية الأولى أسفرت عن تعهدات صينية بشراء المزيد من السلع الأمريكية، إلا أنها لم تحقق أيا من تلك الأهداف الهيكلية الكبرى، حيث فشلت الرسوم المرتفعة لترامب في تحريك بكين، بل على العكس دفعتها إلى الرد بضربات مضادة قوية، أبرزها استخدام الصين لمواردها من المعادن النادرة لضرب الشركات الأمريكية المعتمدة عليها، ووقف شراء فول الصويا الأمريكي في محاولة لمعاقبة القطاع الزراعي الأمريكي.

ووفقا لـ"وول ستريت جورنال"، أدت استراتيجية بكين إلى واقع جديد، جعل الصين خصما طبيعيا للولايات المتحدة على نطاق التكنولوجي والتجاري والجيوسياسي، وفرضت على ترامب التراجع مرارا، وأوضح محللون أن الولايات المتحدة "باتت تملك قدرة محدودة جدا على التأثير في استراتيجية الاقتصاد الكلي الصينية".

ويتمثل أحد أبعاد هذا الواقع بأن موقف الهيكلة الاقتصادية للصين قد تراجع إلى حد أن الاجتماعات التجارية الحالية بين البلدين باتت تركز أكثر على استقرار العلاقات بدلا من تحقيق إصلاحات هيكلية حقيقية، وقالت ويندي كاتلر، المفاوضة التجارية الأمريكية السابقة: "نرى أن الهدف الآن هو خفض التصعيد وليس اختراق أرضية جديدة".

وبالرغم من أن مسؤولين صينيين يعترفون بأن الاستهلاك ضعيف، وأن هناك رغبة ما لإعادة التوازن، فإن الإصلاحات ظلت مجزأة، متأثرة بإصرار أيديولوجي على أن الإنتاج الصناعي هو مصدر الرفاه، وبخوف من الإصلاحات المؤلمة في الضريبة والرعاية الاجتماعية.

وعندما تولى ترامب السلطة في 2016، تبنت واشنطن نهجاً أكثر عدوانية للضغط على الصين لتغيير نموذجها، لكن بكين استغلت رحيله لإضعاف آليات التأثير الأمريكية. وحدّدت الصين منهجا استراتيجيا للعمل عبر بناء صناعات محلية، وتطوير بدائل للمكونات النادرة، والتموضع كمورد رئيسي في سلاسل التوريد العالمية.

أما إذا التزمت بكين ببرنامجها الذي يركز على الهيمنة الصناعية والتكنولوجية مهما كلف الأمر، فإن تداعياته ستتجاوز حدودها، حيث جمد النمو في وارداتها، فيما يتضخم فائضها السلعي إلى أكثر من تريليون دولار، كما رفضت الصين التنازل عن التصنيع منخفض القيمة للدول الأقل نموا، حتى وهي تخطو نحو إنتاج السيارات والطائرات والرقائق.

وعند إطلاق الحكومة الصينية لخطة تطويرها الخمسية الجديدة هذا الشهر، أكدت أنها لا تنظر حتى في الابتعاد عن المسار الذي تعتبره محققا لنجاح كبير، مجددة التزامها بالاكتفاء الذاتي التكنولوجي واستثمارها في الصناعات المتقدمة والتصدير.

واكتسبت الصين من الحروب التجارية المتتالية فكرة تناقض تماما ما أرادت واشنطن أن توصله، بدلا من إعادة التوازن، أدركت الصين أنه من الضروري تقليص اعتمادها على الولايات المتحدة في مجالات حرجة مثل أشباه الموصلات، وبناء أدوات اقتصادية تمكنها من مهاجمة نقاط ضعف الخصم، مثل هيمنتها على المعادن النادرة.