رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


جلال الدين الرومي.. حين يرتقي العشق من الأرض إلى السماء

4-11-2025 | 08:33


جلال الدين الرومي

فاطمة الزهراء حمدي

يحتفل بـ عيد الحب، اليوم الذي تتجدد فيه معاني المودة والعاطفة، غير أن الحب لا يقتصر على علاقة بين شخصين، بل يمتد ليشمل كل المشاعر الإنسانية والروحية السامية، فهو طاقة تجمع الإنسان بالحياة وبالوجود وبالخالق أيضًا.

 

وفي هذا المعنى العميق يتجلى جلال الدين الرومي، شاعر العشق الإلهي، الذي جعل من الحب طريقًا للنور والمعرفة، ورأى فيه وسيلة لترقية الروح والاتحاد بالمطلق. فالحب في فلسفة الرومي ليس مجرد عاطفة عابرة، بل هو جوهر الوجود، وسبيل الإنسان للوصول إلى الحقيقة والتنوير.

جلال الدين الرومي

 

ولد جلال الدين الرومي في 30 سبتمبر1207م، الموافق "604" هجريًا في مدينة بلخ في أفغانستان، وانتقل مع والده إلى بغداد، في الرابعة من عمره، فنشأ بها وتعلم في المدرسة المستنصرية.

 

عرف الرومي بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، فتولى التدريس بقونية في أربع مدارس، وبعد وفاة والده سنة 628 هـ ترك التدريس والتصنيف والدنيا وتصوّف عام 642 هـ أو حولها، فشغل بالرياضة وسماع الموسيقى ونظم الأشعار وإنشادها.

 

وبفضل اتباع الرومي لتعاليم الإسلام السمحة، استطاع اجتذاب العديد من الأشخاص، ممن ينتمون إلى ملل أخرى بفضل سماحته ومرونته في التفكير والتعامل، وفقد امتاز بالتساهل اللامتناهي في العديد من الأمور والتعقيدات المنتشرة.

 

استخدم جلال الدين الرومي الشعر، والموسيقى في سبيل الوصول إلى الله، من خلال استحداثه للرقص الدائري ومع كل لفة ترتقي الروح في محبة خالصة للرحمن، يبتعد فيه عن الناس، حيث عرف الرومي مثل غيره من المتصوفة المسلمين باحترام جميع العقائد واعتبر أن الناس متساوون أمام الله.

 

تم تصنيف أعمال الرومي إلى عدة مصنّفات، وهي: «الرباعيّات»، «ديوان الغزل»، «رسائل المنبر»، «مثنوية المعاني»، «ديوان شمس الدين التبريزي»، «مجلدات المثنوي الستة»، «المجالس السبعة».

 

و«المجالس السبعة» عبارة عن تجميع لمواعظ ومحاضرات ألقاها في سبع مناسبات مختلفة، تتناول مواضيع عن القرآن والحديث الشريف، وتتضمن أشعار فريد الدين عطار وسنائي وللرومي نفسه، وقد قدم هذه المحاضرات بطلب من أشراف القوم مثل صلاح الدين زغرب.

 

أما «الرسائل».. وهي رسائل كتبها بالفارسية والعربية إلى مريديه ومعارفه ورجال الدولة والتأثير، وهي تدل على اهتمام جلال الدين الرومي وانشغاله بمعارف مريديه وما أصبح له من تأثير كبير عليهم.

 

كما ألف الرومي العديد من الكتب إضافة إلى إبداعه في الشعر، كان مبدعًا في النثر، وقدم كتاب «فيه ما فيه».. وهو كتاب فيه إحدى وسبعون محاضرة ألقاها الرومي على صحبه في مناسبات مختلفة، وهو من تجميع مريديه وليس من كتابته هو.

 

تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية والتي كتبت أغلبها باللغة الفارسية وبعضها بالعربية والتركية، تأثيرًا واسعًا في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية والعربية والأردية والبنغالية والتركية، وفي العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم.

 

وبعد سنوات قضها في محبة وتسامح وطاعة وذكر للرحمن رحل عن عالمنا المتصوف جلال الدين الرومي في 17 ديسمبر عام 1273م، بعدما نشر الحب والسلام تاركًا نور خالد يضيء دروب الإنسانية على مر القرون.