تشهد الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الثلاثاء، حدثًا سياسيًا استثنائيًا، مع انطلاق انتخابات بلدية مدينة نيويورك، ثاني أكبر المدن الأمريكية من حيث التأثير السياسي والاقتصادي، والتي يُرجَّح أن تُحسم لصالح مرشح الحزب الديمقراطي المسلم "زهران ممداني"، وفق ما تظهره استطلاعات الرأي.

وفي هذا السياق، نستعرض سيرة المرشح الديمقراطي زهران محمود ممداني، الذي أثار قلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حد تهديده بوقف التمويل الاتحادي عن مدينة نيويورك في حال فوز ممداني في الانتخابات.

أصل هندي

وُلد زهران محمود ممداني عام 1992 في العاصمة الأوغندية كمبالا، لأسرة من أصل هندي، حيث يعمل والده أستاذًا في جامعة كولومبيا الأمريكية، فيما تُعد والدته ميرا ناير مخرجة أفلام معروفة على نطاق واسع داخل الولايات المتحدة.

انتقل ممداني مع عائلته إلى مدينة نيويورك عندما كان في السابعة من عمره، حيث أكمل تعليمه الأساسي والثانوي هناك، قبل أن يلتحق بكلية بودوين، التي أسهم خلالها في تأسيس أول فرع لحركة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، لتكون تلك البداية الحقيقية لعلاقته بالقضية الفلسطينية، التي شغلت لاحقًا مساحة كبيرة من نشاطه السياسي والاجتماعي.

وإلى جانب نشاطه الطلابي، نظم ممداني حملات وطنية بالتعاون مع منظمات تقدمية لدعم مرشحين يساريين، والسعي لتوسيع نطاق التأمين الصحي في الولايات المتحدة.

وفي عام 2014، أنهى دراسته الجامعية وحصل على بكالوريوس في الدراسات الأفريقية، لينخرط بعد ذلك في العمل السياسي، بعد فترة عمل خلالها مستشارًا سكنيًا لأصحاب الدخل المنخفض. كما تزوّج خلال العام الحالي من الفنانة السورية راما دوجي.

الطريق إلى السياسة

بدأ ممداني مسيرته السياسية عام 2015 متطوعًا في حملة علي نجمي الانتخابية، التي لم تنجح في انتخابات المجلس البلدي للدائرة الـ23 في نيويورك.

وفي عام 2017، انضم إلى الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا، وشارك في حملة المرشح خضر اليتيم، القس اللوثري من أصل فلسطيني، الذي ترشح عن بروكلين، لكن الحملة لم تُكلل بالنجاح.

وخلال العامين التاليين، كرر ممداني تجربتين انتخابيتين مماثلتين، دعم خلالهما مرشحين لم يُوفقوا في حملاتهم.

وفي عام 2019، قرر خوض التجربة بنفسه، معلنًا ترشحه لعضوية جمعية ولاية نيويورك عن الدائرة السادسة والثلاثين، التي تضم منطقتي أستوريا ولونج آيلاند سيتي في كوينز، بدعم من الاشتراكيين الديمقراطيين في الولايات المتحدة.

جاء برنامجه الانتخابي مرتكزًا على إصلاح الإسكان والشرطة والسجون، والملكية العامة للمرافق، ليُعلن فوزه في نوفمبر 2020، ويُعاد انتخابه دون أي معارضة في عامي 2022 و2024.

عمودية نيويورك

بالنسبة لخطوته الحالية، فقد بدأت أولى خطواتها في أكتوبر الماضي، حيث أعلن ترشحه لمنصب عمدة مدينة نيويورك، مدعومًا هذه المرة أيضًا من قبل الاشتراكيين الديمقراطيين.

وفي يوليو الماضي، استطاع أن يفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك، وذلك على حساب حاكم الولاية السابق أندرو كومو، الذي قرر منافسته على المنصب كمرشح مستقل.

عداء مع ترامب

احتدم العداء خلال الفترة الماضية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي لعمودية نيويورك زهران ممداني، في سباق وصفه الإعلام الأمريكي بأنه "الأكثر إثارة للجدل في تاريخ المدينة الحديث".

ويشير الإعلام الأمريكي إلى أن العلاقة بين الرجلين تحولت إلى مواجهة علنية بين "ألدّ الأعداء"، إذ لم يتوقف أيٌّ منهما عن مهاجمة الآخر.

فقد وصف ترامب ممداني بأنه "شيوعي مجنون" و"فظيع"، ملوّحًا بحجب الأموال الفيدرالية عن نيويورك في حال فوزه، بينما ردّ ممداني متعهدًا بـ"مواجهة ترامب في كل خطوة"، ومؤكدًا أن الناخبين سئموا من تهديداته.

وبحسب الإعلام الأمريكي، فإن هذا التصعيد يخدم كليهما؛ فترامب يسعى لتأجيج القاعدة الجمهورية عبر تصوير ممداني كوجهٍ لليسار المتطرف، فيما يستفيد الأخير من العداء لتوحيد الديمقراطيين خلفه في الانتخابات.

انتخابات العمودية

يتنافس مع زهران ممداني في انتخابات بلدية نيويورك، المرشح المستقل أندرو كومو، والمرشح الجمهوري كورتيس سليوا.

وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة في نيويورك احتدام المنافسة بين المرشح ممداني والحاكم السابق للولاية كومو، بعدما تراجع الفارق بينهما بشكل لافت مع اقتراب موعد التصويت، إذ سجّل ممداني تقدمًا متأرجحًا من استطلاع لآخر تراوح بين 6 و10 نقاط فقط، ما يعكس اشتداد السباق.