رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بعد فوز زهران ممداني.. هل تنضم نيويورك للولايات التى تمثل شوكة في ظهر ترامب؟

5-11-2025 | 14:55


فوز زهران ممداني عمدة نيويورك

أماني محمد

جاء فوزر المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، ليشكل تحديا أمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي هدد في وقت سابق بقطع التمويل عن الولاية في حالة فوزه، فيما قدم ممداني نفسه في وقت سابق بأنه سيكون الكابوس الأسوأ للرئيس الأمريكي.

التقدم الذي حققه الديمقراطيون في نيويورك التي تعد الأكبر من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة، لا يقتصر عليها فقط، حيث نجح الديمقراطيون أيضا في ولايتي نيوجيرسي وفرجينيا، كذلك في كاليفورنيا، حيث وافق الناخبون على الاقتراح 50، الذي سيسمح للديمقراطيين بإعادة رسم خريطة الكونجرس، وسط حالة من الترقب لانتخابات التجديد النصفي المقبلة للكونجرس في نوفمبر 2026.

في السنوات الأخيرة، حقق الحزب الديمقراطي نجاحا ملحوظا في الولايات الواقعة على طول السواحل الشرقية والغربية، وكذلك في الغرب الأوسط، ومن أبرزها كاليفورنيا ونيويورك وماساتشوستس وفيرمونت وواشنطن.

وفي خطاب النصر الذي ألقاه أمام مناصريه، أعلن ممداني عن أنه في مطلع يناير المقبل سيؤدي القسم رسميا عمدة لنيويورك، قائلا: "لقد منحتموني تفويضا من أجل التغيير ومن أجل سياسة جديدة".

وتفوق ممداني صاحب الـ34 عاما، على منافسيه المرشح الجمهوري كورتيس سليوا والمرشح المستقل والحاكم السابق لولاية نيويورك أندرو كومو، حيث حصل ممداني على 50.4% من الأصوات مقابل 41.3 لمنافسه الجمهوري متقدما بفارق أكثر من 100 ألف صوت.

ردّ فعل مباشر على السياسات الجمهورية

وتقول الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية إن فوز زهران ممداني يُعدّ ردّ فعل مباشر على السياسات الجمهورية المتشددة التي اتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضيفة أن مدينة نيويورك، من أهم الولايات الأمريكية، ويأتي زهران ممداني من خلفية فكرية تختلف تماماً عن الفكر الجمهوري المتشدد الذي يسود الحكم في الولايات المتحدة.

وأوضحت في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الفوز لا يمثل مجرد ردة فعل، بل هو أيضاً مؤشر واضح على تراجع شعبية الفكر اليميني المتشدد الذي يتبناه ترامب، مشيرة إلى أن من يتابع خطاب عمدة نيويورك الجديد يلاحظ أنه، رغم اختلافه الفكري مع التيار الجمهوري، يستخدم أسلوباً خطابياً مشابهاً في إثارة مشاعر مؤيديه واستمالة من يترددون في دعمه.

وأكدت أنه في الولايات المتحدة دائماً ما نجد توجهين رئيسيين الديمقراطي والجمهوري، إلى جانب تيار وسطي تحاول كل جهة استقطابه لصالحها، موضحة أن هذا الفوز يُعد دليلاً على أن الديمقراطية الأمريكية ما زالت تمتلك آليات لتصحيح مسارها، حتى وإن بدا في فترات سابقة أن تلك الآليات قد ضعفت، من خلال الانتخابات، وقدرة الأفراد على الترشح والانخراط في العمل السياسي وفتح المجال السياسي، استطاع عمدة نيويورك الجديد الوصول إلى موقعه.

وأشارت إلى ضرورة الانتظار لنرى ما سيحققه من نتائج، وما إذا كان سيتمكن من تجاوز التحديات التي قد تعيقه عن تنفيذ وعوده، لتقييم نجاح تلك التجربة الديمقراطية، مضيفة "أننا أمام اختبار لقدرة النظام الأمريكي على إدارة التعددية السياسية والفكرية والتعامل كفريق عمل، فالمصلحة في النهاية يجب أن تكون للولايات المتحدة ككل، لا لطرف على حساب الآخر، والسؤال المطروح الآن: هل سيتمكن من تشكيل فريق عمل يسعى لتصحيح مسار السياسات السابقة، أم لا؟"

وشددت على أنه في كل الأحوال، فإن مجرد فوزه يُعطي أملاً بأن الديمقراطية الأمريكية لا تزال حية، وقادرة على الحد من الاتجاهات المتشددة، مضيفة أن نجاح الديمقراطيون في ولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا ونيوجيرسي، يعكس تقدمهم ولكن يجب انتظار الانتخابات النصفية للكونجرس، العام المقبل، فهي ستكون المؤشر الحقيقي على مدى قدرة الديمقراطيين على استعادة نفوذهم.

وأشارت إلى أنه من المؤكد أن ما حدث يُعدّ إشارة واضحة على وجود ردّ فعل شعبي تجاه السياسات الجمهورية، وعلى قدرة الحزب الديمقراطي على خوض الانتخابات بوجوه جديدة ومختلفة قادرة على كسب ثقة الناخبين.

التوازن بين الحزبين

ومن جانبه، يقول الدكتور محمد عبد العظيم الشيمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن فوز زهران ممداني كمرشح ديمقراطي مؤشراً مهماً يجب قراءته في سياق طبيعة العملية السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقوم على مبدأ التوازن بين الحزبين الأكبر والأكثر تأثيراً في الداخل الأمريكي، وهما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن نتائج الانتخابات الأخيرة التي أُجريت لاختيار عدد من حكام الولايات الأمريكية، تُظهر رغبة لدى الناخب الأمريكي في استعادة هذا التوازن، خاصة بعد فترة من هيمنة الحزب الجمهوري على نتائج الانتخابات السابقة، سواء في مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ)، أو على مستوى الرئاسة بقيادة دونالد ترامب.

وأكد الشيمي أنه نتائج الانتخابات تعكس أيضا رفضاً واضحاً من قبل الشارع الأمريكي لسياسات ترامب، التي اتجهت نحو تكريس مبدأ “الصوت الواحد” للحزب الواحد والتوجه الواحد، وهو ما يتعارض مع النهج الديمقراطي الذي عُرفت به الولايات المتحدة لعقود طويلة.

وأكد أن هذا الفوز يشير إلى أن المرحلة المقبلة، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات النصفية لتجديد مقاعد الكونجرس، قد تشهد تقدماً أكبر للحزب الديمقراطي، بما يعيد التوازن إلى عملية صنع القرار داخل الكونجرس، ويهيئ الساحة استعداداً للانتخابات الرئاسية القادمة عام 2028.

وأشار إلى أن النتائج تعكس أيضاً صعوداً متزايداً لدور جماعات الضغط (اللوبيات) المختلفة في المشهد السياسي الأمريكي، مما يشير إلى تراجع نسبي في احتكار اللوبي اليهودي للتأثير داخل دوائر صنع القرار كما كان في العقود الماضية.

ويُعد فوز مرشح من أصول أوغندية وهندية، مسلم، في ولاية كبيرة مثل نيويورك دليلاً واضحاً على هذا التغيّر، إذ يعبّر عن تنوّع جديد في مراكز النفوذ داخل المجتمع الأمريكي، وربما بداية لتوازن أكبر بين القوى المؤثرة على الساحة السياسية.

وأشار إلى أن التقدم الديمقراطي في ولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا وتأثيره على إدارة ترامب الحالية، فمن المتوقع أن يكون لذلك انعكاس على السياسات الداخلية، خاصة وأن حكام الولايات يتمتعون بصلاحيات واسعة في رسم توجهات اقتصاداتهم المحلية، مشيرا إلى أنه ستبقى إدارة ترامب مدعومة بأغلبية جمهورية في مجلسي الكونجرس، مما يقلل من احتمال حدوث تغييرات جذرية في المدى القريب.

ولفت إلى أنه تحمل هذه النتائج رسالة واضحة لترامب والحزب الجمهوري بضرورة مراجعة سياساتهما خلال الفترة المقبلة، إذ إن التصويت لصالح الديمقراطيين يمكن تفسيره بوصفه تعبيراً عن رفض تلك السياسات، مشيرا إلى أنه زادت حدة الانتقادات مؤخراً بعد أن وجّه ترامب تهديدات مباشرة للناخبين في حال تصويتهم لمرشحين بعينهم، ملوّحاً باتخاذ إجراءات ضد ولاية نيويورك، وهو ما يُعد سابقة في تاريخ السياسة الأمريكية ويمثل إخلالاً بمبادئ الديمقراطية التي تقوم عليها البلاد.

وشدد على أن نتائج الانتخابات تمثل رسالة قوية لترامب مفادها أن عليه إعادة النظر في توجهاته التي ساهمت في إضعاف الممارسات الديمقراطية في البلاد.