خلال رئاستها لمجموعة العشرين.. جنوب أفريقيا تدفع باقتراح تأسيس هيئة دولية لمواجهة "أزمة عدم المساواة"
دفعت جنوب أفريقيا، في إطار رئاستها الحالية لمجموعة العشرين، بمبادرة دولية جديدة لمعالجة تصاعد عدم المساواة حول العالم، عبر توصية بتأسيس هيئة عالمية دائمة لرصد التفاوت ووضع حلول عملية للحد من آثاره الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك تأثيره المتنامي على الديمقراطية والاستقرار السياسي.
وجاءت التوصية في التقرير الأول الصادر عن اللجنة الاستثنائية لعدم المساواة التي عينها الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، والتي يترأسها الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل فى العلوم الاقتصادية لعام 2001 جوزيف ستيجليتز، ويعد التقرير أول مراجعة شاملة ترفع إلى مجموعة العشرين بشأن الروابط المتزايدة بين الفجوة الاقتصادية والتحولات السياسية على مستوى العالم.
وأكد ستيجليتز أن اللجنة "تشعر بقوة بأن بعض أسوأ آثار عدم المساواة تقع على الديمقراطية"، مشيراً إلى وجود "أدلة تجريبية واضحة تربط بين ارتفاع مستويات عدم المساواة وتراجع الأنظمة الديمقراطية وزيادة النزعات السلطوية".
وأوضح أن عدم المساواة "يقوض الثقة في المؤسسات، ويغذي الاستقطاب السياسي، ويحد من مشاركة الفئات الفقيرة في الحياة العامة، ويخلق توترات اجتماعية متعددة ".
وأشار التقرير إلى أن تأثير التفاوت الاقتصادي على الديمقراطية يتوقف بدرجة كبيرة على "القواعد السياسية المنظمة للعملية الديمقراطية"، موضحا أنه في بعض الدول "يستطيع الأغنياء عملياً شراء النفوذ السياسي من خلال التبرعات الانتخابية أو السيطرة على وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، رغم بقاء الهياكل الديمقراطية شكلياً ".
وفي ظل هذا الواقع المتفاقم، أوصت اللجنة بإنشاء هيئة دولية مستقلة لعدم المساواة (International Panel on Inequality – IPI)، على غرار الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تكون مهمتها تقديم تقييمات دورية تستند إلى البيانات والأبحاث، لمساعدة الحكومات والمؤسسات متعددة الأطراف على فهم اتجاهات عدم المساواة وتأثير السياسات العامة عليها.
وأوضح التقرير أن صانعي السياسات في العديد من الدول يفتقرون إلى معلومات دقيقة ومتكاملة حول اتجاهات التفاوت وآثارها، وهو ما يجعل إنشاء الهيئة الجديدة "أولوية فورية" خلال رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين، وستكون الهيئة، وفق المقترح، مدعومة من "دول رائدة" داخل المجموعة وخارجها، وبمشاركة وكالات متعددة الأطراف.
وبحسب اللجنة، ستعنى الهيئة بتحليل الفجوات المعرفية، ومتابعة الأبحاث القائمة والجديدة، وإصدار تقارير دورية حول تأثير عدم المساواة في الدخل والثروة والصحة والتعليم والفرص، ومن المقرر أن تضم خبراء من تخصصات وجنسيات مختلفة، بدعم من أمانة عامة "رشيقة وفعالة".
وشدد ستيجليتز على أن "عدم المساواة المتصاعد يشكل تهديداً عالمياً يوازي خطورة تغير المناخ"، مؤكداً الحاجة إلى "معرفة أفضل حول كيفية تطوره، وكيف يمكن للسياسات المقترحة أن تحد منه أو تزيده سوءاً ".
وتأمل جنوب أفريقيا أن يشكل المقترح "إرثاً دائماً " لرئاستها لمجموعة العشرين، عبر وضع قضية عدم المساواة والتي تمس بشكل خاص الدول الأفريقية والنامية في قلب الأجندة الدولية، تمهيداً لعرضه خلال الاجتماعات التحضيرية لقمة القادة المقررة في جوهانسبرج الاسبوع المقبل يومى 22 و 23 نوفمبر الجاري.