رغم الترحيب الدولي الواسع بتوقيعه، يواجه الاتفاق الإطاري الموقع في العاصمة القطرية الدوحة بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة "23 مارس" المتمردة صعوبة كبيرة في تحقيق نتائج ملموسة. فوقف إطلاق النار يبقى في معظم جوانبه نظريا، فيما لايزال الجزء الأكبر من البروتوكولات قيد التفاوض حتى 29 نوفمبر كحد أقصى، وهو مسار معقد وشديد الحساسية.
أورد ذلك راديو "فرنسا" الدولي، مشيرا إلى أنه من أصل ثمانية بروتوكولات يفترض أن تشكل الاتفاق النهائي، لم يوقع سوى بروتوكولين خلال ثلاثة أشهر: بروتوكول إطلاق سراح السجناء في 14 سبتمبر، وبروتوكول مراقبة وقف إطلاق النار والتحقق منه في 14 أكتوبر.
ومازال هذان البروتوكولان غير مفعلين فعليا. فلم يتم أي تبادل للسجناء، كما عقدت آلية المراقبة اجتماعا واحدا فقط اقتصر على اتصال أولي، وسط غياب بعض الأطراف. وسيكون التفاوض على البروتوكولات المتبقية أكثر صعوبة بالنظر إلى القضايا الحساسة التي تتناولها.
وعلى الصعيد الميداني، تتواصل أعمال العنف، فقد تم الإبلاغ عن وقوع اشتباكات جديدة في إقليمي شمال وجنوب كيفو خلال مطلع الأسبوع الجاري. الأمر الذي يعكس عدم احترام الالتزامات التي قطعت في الدوحة، والمتمثلة في "الوقف النهائي للأعمال العدائية" والاعتراف بأن "السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق بالوسائل العسكرية". كما لم تفعل كينشاسا وحركة "23 مارس" بعد آلية مراقبة وقف إطلاق النار.
ويتركز التوتر حاليا حول بروتوكول "الوصول الإنساني والحماية القضائية". وتعد إعادة فتح مطار جوما جزئيا نقطة خلاف رئيسية، حيث تريد كينشاسا الإشراف على العملية وكلفت عددا من نواب رئيسة الوزراء بمتابعتها. في المقابل، رفضت حركة "23 مارس" هذه الخطوة ووصفتها بأنها "وهمية" و"غير مقبولة"، مؤكدة أن "إعادة فتح المطار لن تتم إلا من قبل الحركة". وبالنسبة للمتمردين، يشكل المطار ورقة تفاوضية وموقعا استراتيجيا.
أما بروتوكول "استعادة سلطة الدولة" فيواجه بدوره تعارضا واضحا في الرؤى قبل بدء مناقشته. فحركة "23 مارس" لا تعتزم حل نفسها، بل تواصل تعزيز إدارتها المحلية، بل إنها ذهبت إلى حد تنظيم اختبارات للمتقدمين لمنصب قاض داخل المناطق الخاضعة لسيطرتها. وتشكك كينشاسا في شرعية هذه التعيينات، وتسعى إلى أن يتم حسم مصير هؤلاء القضاة في أي اتفاق نهائي محتمل. وتتمسك الحركة بأن الاتفاق الإطاري لا يشير إلى توسيع سلطة كينشاسا على المناطق التي تسيطر عليها الحركة، بل يتحدث عن "استعادة سلطة الدولة على كامل التراب الوطني"، وهما تفسيران متعارضان تماما.
وتتوقع الأطراف مفاوضات شديدة التعقيد حول بروتوكول "الترتيبات الأمنية المؤقتة وبرنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج". فالحركة لا تبدي أي نية لتقليص قدراتها العسكرية، وتؤكد أن جناحها العسكري، "سيكون الجيش الجديد" ويمكنه "الاندماج في القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية".
وقد اتفق الطرفان على تدابير أمنية انتقالية لمدة خمسة أشهر قابلة للتمديد، لكن لا توجد تفاصيل حتى الآن حول آليات تنفيذها أو الجهة المسؤولة عن تنفيذها.
وتبقى قضية "الهوية والمواطنة وعودة اللاجئين وإعادة توطينهم" نقطة حساسة أخرى، وتمثل مطلبا تاريخيا لحركة "23 مارس". وتشهد المنطقة بالفعل عودة بعض الأشخاص دون إطار رسمي، وهو ما تعتبره كينشاسا أمرا مريبا، إذ يؤكد وزير الاتصالات والإعلام الكونغولي باتريك مويايا أن بعض العائدين "لا يعرف أنهم كونغوليون".
وقد لخص الوسيط القطري محمد بن عبدالعزيز بن صالح آل خليفي الوضع قائلا "دور قطر ليس حل جميع الخلافات فورا، بل وضع إطار" يشمل البروتوكولات الرئيسية الواجب التفاوض بشأنها، مؤكدا في الوقت ذاته أن قطر "لن تنسحب" من المسار التفاوضي.