مع زيارة لى چاى ميونغ.. محطات في تاريخ العلاقات المصرية الكورية
في أول جوله له للشرق الأوسط منذ توليه الحكم، في يونيو الماضي، بدأ رئيس كوريا الجنوبية لى چاى ميونغ، زيارة إلى مصر، ضمن جولته في المنطقة، والتي بدأت بالإمارات وتشمل جنوب أفريقيا وتركيا، ومن المقرر أن يستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي والسيدة قرينته اليوم.
وتأتي الزيارة في ظل علاقات عميقة وتعاون قوي بين مصر وكوريا، منذ عقود، رغم البعد الجغرافى والحداثة النسبية للعلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وسيول قبل ثلاثين عاما، إلا أن مجالات التعاون بين البلدين متعددة.
تاريخ العلاقات المصرية الكورية
يعود تاريخ العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية، إلى عقود من القرن الماضي، فعلى الرغم من بعد مصر الجغرافي عن كوريا الجنوبية تظل دائما في ذاكرة الكوريين طوال العمر، حيث عقد الاجتماع الثلاثي بين 22 إلى 26 نوفمبر 1943، بين الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل، والقائد العام تشان كاى شيك من جمهورية الصين فى فندق مينا هاوس بالقرب من منطقة الأهرامات من أجل مناقشة جهود قوات الحلفاء فى حربها ضد دول المحور، وصدر عن هذه القمة إعلان القاهرة، الذي منح الاستقلال لكوريا في 27 نوفمبر 1943، وأُذيع على مسامع العالم عبر الراديو في 1 ديسمبر 1943.
وباتت شروط إعلان القاهرة آلية دولية أخرى لتحديد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بإعلان بوتسدام فى 26 يوليو 1945 بين قوات الحلفاء والاتحاد السوفيتى السابق حول ترسيم الحدود.
واعترفت مصر رسميا باستقلال جمهورية كوريا الجنوبية في عام 1948، ومنذ ذلك الحين تنوعت أوجه ومجالات التعاون الاقتصادي والعلمي بين البلدين، وفي عام 1961، اتفقت البلدان علي إقامة علاقات قنصلية بينهما، حيث افتتحت جمهورية كوريا قنصليتها العامة في القاهرة في عام 1962، وافتتحت مصر كذلك قنصليتها العامة في العاصمة الكورية سول في عام 1991،.
وفي عام 1995 تمت ترقية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مستوى سفارة، وفي عام 1996، عينت جمهورية كوريا ملحقًا عسكريًا لها في القاهرة في عام 1996 بينما قامت مصر من جانبها في العام 2005 بتعيين ملحق تابع لوزارة الدفاع في جمهورية كوريا.
وشهدت السنوات التالية تشكيل لجان من البلدين لصياغة اطار مؤسسي للتعاون الثنائي مثل لجنة المشاورات السياسية التي أنشأت في عام 1996، وعقدت آخر دوراتها – السادسة – في سول في نوفمبر 2009، وكذلك اللجنة المشتركة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا: والتي أنشأت بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين الجانبين في العام 2004 وتغطي مجالات متنوعة من الحكومة الإلكترونية، تطوير خدمات البريد المصري.
وكذلك مجلس الأعمال المشترك، الذي أنشأ إبان زيارة الرئيس السابق مبارك إلى سول في أبريل 1999، ويضم المجلس أعضاء بارزين من الجانبين (جمعية رجال الأعمال المصريين، رابطة الصناعات الكورية).
العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس السيسي
وفي سبتمبر الماضي، احتفلت البلدان بالذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الثنائية بينهما، وأكد الرئيس السيسي حرص مصر على مواصلة توطيد الشراكة الاقتصادية مع كوريا الجنوبية وتوسيع آفاقها، استنادا إلى النجاحات التي تحققت في مجالات التعاون القائمة، وذلك من خلال تشجيع المزيد من الشركات الكورية على استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر، والاستفادة مما تتمتع به مصر من استقرار ومزايا تنافسية متنامية، وكذا اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة مع الدول العربية والإفريقية.
حيث استقبل الرئيس السيسي المبعوث الخاص لرئيس جمهورية كوريا الجنوبية بارك بوم كي، بحضور وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج الدكتور بدر عبد العاطي، والسفير الكوري في القاهرة، في 30 سبتمبر الماضي، وثمن الرئيس السيسي ما شهدته العلاقات المصرية الكورية من تطور ملموس على كافة الأصعدة، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي رسخ مكانة كوريا الجنوبية كشريك اقتصادي فاعل لمصر.
كما أشاد بالتجربة الكورية على مدار العقود الأخيرة التي انعكست في التقدم الذي تشهده كوريا حاليًا، مشيرًا إلى أهمية الاستثمارات الكورية في السوق المصرية.
- فى 20/10/2022 تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً من الرئيس الكوري آنذاك، يون سوك، تناول التباحث حول عدد من موضوعات التعاون الثنائي بين البلدين خاصةً على الصعيد الاقتصادي والاستثماري في اطار علاقات الصداقة بين مصر وكوريا الجنوبية، وفى ضوء النماذج الناجحة التي تقدمها الاستثمارات الكورية في مصر فى العديد من المجالات، كما تم تبادل وجهات النظر بشأن الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وكذلك سبل التعاون في قضايا تغير المناخ، خاصةً في ضوء استضافة مصر المرتقبة للقمة العالمية للمناخ في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ.
وفى 20/1/2022 زار رئيس جمهورية كوريا الجنوبية حينها، موون جاي إن، والسيدة قرينته، مصر، وكانت تلك أول زيارة لرئيس كوري جنوبي إلى مصر منذ حوالي 16 عاماً، استقبلهما الرئيس عبدالفتاح السيسي، والسيدة قرينته، عقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، أعقبها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين.
ورحب الرئيس بنظيره الكوري الجنوبي، تناولت المباحثات استعراض تطورات عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث شهد اللقاء توافق الرؤى بشأن مجمل هذه الموضوعات، وفي مقدمتها تطورات الأزمة الليبية.
وأكد الرئيس من جانبه أن استقرار الأوضاع الداخلية بالأراضي الليبية يمثل أولوية بالنسبة لمصر، ومن ثم مواصلة مصر مساعيها الحثيثة مع الأطراف الليبية لإجراء الانتخابات الوطنية.
كما أكد الرئيس في ذات السياق دعم مصر الدائم لكافة الآليات التي تضمن أمن واستقرار شبه الجزيرة الكورية، أشاد الرئيس الكوري بالثقل السياسي المصري كحجر زاوية في صون الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصةً ما يتصل بالتحركات المصرية للتوصل إلى التسوية السياسية للأزمات في المنطقة، فضلاً عن جهودها الحثيثة بقيادة السيد الرئيس لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وأظهر تقرير حديث صادر عن التجارة الخارجية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن أجمالي صادرات مصر لكوريا الجنوبية بلغ 4.203 مليار دولار، خلال الفترة من 2015 وحتى أغسطس 2025، موضحا أن صادرات مصر لكوريا الجنوبية خلال الفترة من يناير حتى أغسطس 2025 بلغت 49.59 مليون دولار.