عبير الحلو.. مهندسة وضعت نواة مشروع الرعاية الاجتماعية الذي أعادت وزيرة التضامن إطلاقه
"رحل الجسد وبقي الأثر" .. بهذه الكلمات يمكن تلخيص الحضور الخاص للمهندسة الراحلة عبير الحلو داخل وزارة التضامن الاجتماعي ، ذلك الحضور الذي عاد للواجهة مرة أخرى خلال اجتماع رسمي، حين اختارت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي أن تستحضر اسمها وتذكر فضلها في وضع النواة الأولى لمنظومة تسجيل أبناء مؤسسات الرعاية، رغم مرور سنوات على رحيلها.
وفي لفتة إنسانية لافتة .. أشادت الوزيرة بالدور المؤسس الذي قامت به الراحلة عام 2020 حين صممت البذرة الأولى لهذه المنظومة، التي تستهدف توثيق بيانات 7869 طفلًا داخل 465 مؤسسة رعاية على مستوى الجمهورية، قبل أن تستأنف الوزارة تطويرها وإطلاقها في صورتها المتكاملة اليوم. كانت الإشارة إلى اسمها بمثابة رسالة تقدير لإنسانة لم تكمل الطريق، لكن بقي أثر جهدها ممتدًا في أكثر الملفات حساسية وإنسانية داخل الوزارة.
والراحلة عبير الحلو كانت واحدة من أبرز كوادر التحول الرقمي بوزارة التضامن الاجتماعي، بدأت رحلتها بتطوير البنية الرقمية للوزارة، وأسهمت في تحديث الموقع الالكتروني للتضامن ثم موقع بنك ناصر الاجتماعي ، وقد عُرفت بدقتها وصبرها وهدوئها، وبإيمانها بأن التكنولوجيا ليست مجرد أدوات، بل وسيلة لرفع جودة حياة الخدمات الاجتماعية.
وعام 2020، وضعت المهندسة عبير التصميم الأولي لمنظومة تسجيل أبناء مؤسسات الرعاية، بهدف توفير قاعدة بيانات دقيقة ومتكاملة تسهّل المتابعة، وتتيح التدخلات السريعة، وتحسن جودة الخدمات، إلا أن المشروع توقف لاحقًا، قبل أن تعود الوزارة في الوقت الراهن لاستكمال ما بدأته، وتطلق النظام الجديد الذي سيكون بوابة متقدمة لإدارة بيانات الأطفال وحمايتهم.
استحضار الوزيرة لاسمها في هذا السياق لم يكن تفصيلًا عابرًا بل اعتراف علني بأن بداية هذا العمل تعود إلى جهد إنسانة رحلت، لكنها تركت ما يستحق البناء عليه.
ولم يتوقف عطاؤها عند مؤسسات الرعاية، فقد كان لها دور لافت في رقمنة خدمات المؤسسة القومية لتيسير الحج والعمرة، وتحسين آليات قرعة الحج الإلكترونية، حرصًا منها على أن تصل خدمات الوزارة للحجاج بأعلى مستويات الدقة والاحترام.
كانت الراحلة جزءًا من البعثة الرسمية للحج لعدة أعوام، مقدّمة نموذجًا لموظفة تعمل من القلب، وتطمح دائمًا إلى أن يكون التطوير في خدمة الناس.
عند وفاتها، نعتها الوزيرة السابقة نيفين القباج بكلمات مؤثرة قالت فيها:"كانت دؤوبة مجتهدة في عملها، وصبورة لا تبغي إلا الخير رحل جسدك، لكن أعمالك وسيرتك وأثرك باقٍ بيننا".
واليوم، يأتي استحضار اسمها من وزيرة التضامن الحالية الدكتورة مايا مرسي ليمنح سيرتها حياة جديدة، ويؤكد أن المؤسسات لا تنهض فقط بالخطط والميزانيات، بل بالأيادي المخلصة التي تزرع وتترك أثرًا لا يزول.
عبير الحلو ليست مجرد اسم طُوي في سجلات الوزارة بل رمز لبداية مشروع كبير أعادت الوزارة إحياءه اليوم وامتدت ثماره لحماية آلاف الأطفال داخل مؤسسات الرعاية..وقد يكون رحيلها قد سبق اكتمال حلمها، لكن إطلاق المنظومة الآن يثبت أن الإرث الحقيقي هو ما يستمر بعد الغياب.