مجموعة العشرين 2025 بجوهانسبرج.. ألمانيا تسعى لتعزيز مكانتها وسط غياب ترامب وبوتين
أكد المستشار الألماني فريدريش ميرز، مشاركته في اجتماعات قمة مجموعة العشرين التي تنطلق اليوم السبت، في جنوب أفريقيا.. حيث يسعى لاستعادة مكانة بلاده في القضايا الخارجية، وسط غياب الولايات المتحدة وروسيا والصين.
وأوضحت شبكة دويتشه فيله - في تقرير تحليلي - أن ميرز يعتزم تعزيز التعددية في قمة مجموعة العشرين، بينما تقف الولايات المتحدة والصين وروسيا في صف النقيض، إذ لا يشارك قادتها في اجتماعاتها.
وتابعت أنه منذ عام 1999، تُعد مجموعة العشرين منتدى يجمع الدول الصناعية الرائدة والاقتصادات الناشئة في العالم. هذا التنوع في مستويات التنمية والأنظمة السياسية هو ما يجعل المجموعة قيمة للغاية في نظر أعضائها، وتضم المجموعة 19 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، ويمثل أعضاؤها مجتمعين أكثر من 80% من الناتج الاقتصادي العالمي.
لكن هذه المرة، يغيب ثلاثة من أقوى قادة العالم في حدث غير مسبوق في تاريخ المنظمة وهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينج.
ولم يُقدم "شي" أي تفسير لانسحابه بينما يواجه "بوتين" في ظل مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الحرب في أوكرانيا، خطر الاعتقال المستمر في الخارج، ولم يحضر شخصيًا منذ عام 2019.
وعلى عكس الصين وروسيا، لم ترسل الولايات المتحدة أي وفد إلى جنوب إفريقيا على الإطلاق حيث دافع الرئيس الأمريكي عن قراره مدعيًا أن المزارعين البيض في جنوب إفريقيا يتعرضون للاضطهاد والقتل، بينما رفضت حكومة جنوب إفريقيا هذا الادعاء رفضًا قاطعًا، كما لم تجد برلين أي دليل على إبادة جماعية ضد البيض في جنوب إفريقيا.
لكن ماذا يعني غياب الدول الثلاث الكبرى بالنسبة لمجموعة العشرين، ولهذا قال يوهانس فارويك، أستاذ العلاقات الدولية للشبكة "إن غياب القوى الثلاث يظهر أنها لم تعد تُولي أهمية كبيرة لهذا الحدث ولكل منهم أسباب مختلفة تمامًا".
وأضاف فارويك: "هذه ليست علامة جيدة على التعددية التي لطالما رُسخت في مجموعة العشرين".
ومع ذلك، بالنسبة للمستشار فريدريش ميرز، هذا ليس سببًا للانسحاب، بل على العكس تمامًا.. حيث قال المتحدث باسم الحكومة، سيباستيان هيل: "إنها إشارة مهمة للتعددية يرسلها المستشار، وأحث الناس على التركيز ليس فقط على الغائبين، بل على الحاضرين أيضًا". وأضاف: "مجموعة العشرين كانت ولا تزال إطارًا مهمًا للحكومة الفيدرالية".
ووصفت الحكومة الألمانية مناخًا دوليًا صعبًا لمجموعة العشرين، مشيرةً إلى أن النظام التعاوني الذي تدعمه يتعرض لضغوط متزايدة.
ويتجلى هذا الضغط بشكل أوضح في حرب روسيا ضد أوكرانيا. حتى داخل مجموعة العشرين، امتنعت بعض الدول عن إدانة الحرب، ولم تكتفِ برفض الانضمام إلى العقوبات المفروضة على موسكو، بل استفادت، من العمل كوسطاء للنفط الروسي.
كما اتسمت إعادة التوازن الجيوسياسي منذ تأسيس مجموعة العشرين أيضًا بالصعود الاقتصادي والعسكري الهائل للصين. فقد استغلت بكين نفوذها المتزايد من خلال دعم روسيا في الحرب ضد أوكرانيا وفرض قيود على تصدير المعادن النادرة، حسبما أفادت الشبكة,.
وأردف يوهانس قائلا: "نشهد إعادة توزيع سريعة للثقل والقوة السياسية العالمية، لم يعد الغرب المنقسم سياسيًا القوة الحاسمة في العديد من المجالات، بينما تؤكد دول الجنوب العالمي وجودها بثقة متجددة."
وأشارت الشبكة إلى أن قمة مجموعة العشرين الحالية ستكون أول قمة تعقد في جنوب إفريقيا بل وفي القارة الإفريقية. ويعتزم المضيفون اغتنام الفرصة: إذ تهدف جنوب إفريقيا إلى الدفع نحو التحول إلى الطاقة النظيفة في الدول النامية وتخفيف أعباء الديون عن الدول الفقيرة. ومع ذلك، فإن هذه الأجندة تحديدًا هي ما تنظر إليه الولايات المتحدة بعين الريبة.
وتتخذ ألمانيا وجهة نظر مختلفة تمامًا حيث قال المستشار قبل مغادرته: "سأغتنم الفرصة للانخراط في حوار أعمق، لا سيما مع الدول الأفريقية"، غير عابئ باحتمال إلغاء المزيد من الاجتماعات.
وعقب اجتماع مجموعة العشرين، سيتوجه ميرز إلى أنجولا لحضور قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. ووفقًا للحكومة، يُرسل هذا إشارة مهمة للتعاون بين أوروبا وأفريقيا.
وفي الفترة التي سبقت القمة، حثّ أكثر من 500 اقتصادي وخبير على إنشاء لجنة لمعالجة عدم المساواة في الثروة العالمية. وفي رسالة مفتوحة إلى ممثلي مجموعة العشرين، حذروا من أن "التركيزات المفرطة للثروة تُترجم إلى تركيزات غير ديمقراطية للسلطة، مما يُزعزع الثقة في مجتمعاتنا ومجتمعاتنا واستقطاب سياساتنا."
وتأمل المجموعة، بقيادة الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، جوزيف ستيجليتز، في الحصول على دعم المستشار فريدريش ميرز. ففي نهاية المطاف، ساهمت ألمانيا في إطلاق "التحالف العالمي ضد عدم المساواة" في يونيو الماضي، وهي مبادرة تدافع عن العدالة الاجتماعية.