في بيانها الختامي.. مجموعة العشرين تشدد على تعزيز التضامن لمواجهة الأزمات العالمية
أصدر قادة مجموعة الـ20 بيانهم الختامي الذي استعرضوا فيه التحديات العالمية وسبل تعزيز التضامن والمساواة والاستدامة باعتبارها ركائز للنمو الشامل، وذلك خلال القمة التي استضافتها جوهانسبرج كأول قمة للمجموعة تُعقد على أرض إفريقية.
وركز البيان على المشهد الدولي المضطرب، حيث أشار القادة إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية واشتداد المنافسة الاقتصادية بين القوى الكبرى.
وأعربوا عن قلقهم من تأثير الحروب والصراعات المستمرة على الشعوب والاستقرار العالمي، مؤكدين أن استمرار النزاعات يعرقل التنمية ويهدد الاقتصاد الدولي.
وجدد القادة تمسكهم بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وشددوا على ضرورة احترام سيادة الدول وعدم استخدام القوة لفرض واقع جديد. وأدانوا الهجمات التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية، ودعوا إلى التوصل إلى حلول سلمية للنزاعات في فلسطين وأوكرانيا والسودان والكونغو، مؤكدين أن "السلام هو الطريق الوحيد نحو الازدهار".
وفي ملف الأمن الإنساني، أدان البيان الإرهاب بجميع أشكاله، واعتبر حماية المدنيين في مناطق التوتر التزاماً دولياً يجب احترامه دون استثناء.
وعلى صعيد المناخ والكوارث، فقد ربطت القمة بين تزايد الكوارث الطبيعية وتغير المناخ، وطالبت بدعم أكبر للدول الفقيرة التي تتحمل العبء الأكبر رغم محدودية إمكاناتها. ودعا القادة إلى تسريع العمل على أنظمة إنذار مبكر لجميع الدول بحلول عام 2027، مع الإشادة بخارطة الطريق التي أطلقتها جنوب إفريقيا ضمن هذه المبادرة.
وفي محور الاقتصاد العالمي، تناول البيان الضغط المتزايد الذي تفرضه الديون على الدول منخفضة الدخل، مؤكداً ضرورة تحسين شفافية الديون وتنفيذ إصلاحات لمعالجة أوضاع البلدان الأكثر هشاشة. ودعا إلى تفعيل آليات مثل مبادلات الديون مقابل التنمية والمناخ، لمساعدة الدول على استعادة قدرتها المالية وتحقيق الاستقرار الداخلي.
وكانت الطاقة محوراً مركزياً أيضاً، حيث أكد القادة أن 600 مليون شخص في إفريقيا ما زالوا بلا كهرباء. ودعم البيان التوسع في الطاقة المتجددة ومضاعفة كفاءة الطاقة عالمياً، مع توفير تمويل ميسر للدول النامية لتأمين "انتقال عادل" لا يزيد من الأعباء المالية.
كما أطلقت القمة إطاراً جديداً لإدارة المعادن الحرجة، نظراً لدورها الحيوي في التكنولوجيا والطاقة. وأكد القادة ضرورة ضمان سلاسل توريد مستقرة، مع تمكين الدول الإفريقية من تحقيق قيمة مضافة محلية بدلاً من الاكتفاء بتصدير المواد الخام.
وركز البيان على ضرورة إصلاح النظام الدولي بما يعكس الواقع العالمي الجديد، واعتبر أن تعزيز التعددية وتحديث مؤسسات الأمم المتحدة خطوة أساسية لتحقيق الاستقرار.
ودعا القادة إلى إصلاح مجلس الأمن ليصبح أكثر تمثيلاً للدول النامية، خصوصاً إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، مؤكدين أن الحوكمة الحالية لم تعد قادرة على مواكبة التغيرات السياسية والاقتصادية. وأشاروا إلى أن تعزيز التعاون الدولي هو الطريق لمعالجة الأزمات من الفقر إلى النزاعات.
وفي ملف التنمية، شدد البيان على ضرورة تحريك التمويل الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودعم التجارة والاستثمار باعتبارهما محركين رئيسيين للنمو. كما أشاد بالتقدم في منطقة التجارة الحرة الإفريقية وعدّها منصة لتسريع الاندماج الاقتصادي في القارة.
وشدد البيان أيضاً على الحماية الاجتماعية، ودعا لتوسيع شبكات الأمان وتوفير دعم أكبر للفئات الأكثر هشاشة. وفي ملف مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، أشار القادة إلى خسارة إفريقيا لنحو 88 مليار دولار سنوياً، ودعموا مبادرات جديدة لوقف هذه الظاهرة وتعزيز الشفافية المالية.
واحتلت قضايا المناخ احتلت حيزاً مهماً، حيث جددت القمة التزامها الكامل باتفاق باريس والعمل للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية خلال منتصف القرن. ودعت لزيادة تمويل الدول النامية في مواجهة التغير المناخي وحماية الغابات والتنوع البيولوجي، ودعمت تنفيذ الاتفاقيات الجديدة الخاصة بحماية البحار.
وفي محور تمكين المرأة، أعاد البيان الالتزام بإعلان بكين ودعا لتوسيع مشاركة النساء في الاقتصاد والسياسة ومعالجة العنف وعدم المساواة. كما تبنى هدفاً جديداً لخفض نسبة الشباب خارج العمل والتعليم والتدريب، ودعم جهود تقليص فجوة الأجور بين الجنسين.
وتناولت القمة أيضاً قضايا الصحة العالمية، مرحبة باتفاقية الجائحة الجديدة لمنظمة الصحة العالمية ودعت لتعزيز الأنظمة الصحية. كما دعمت البحث العلمي، وتطوير التعليم، وتحسين الاعتراف الدولي بالمؤهلات.
وفيما يخص الذكاء الاصطناعي، أكد البيان مجددا على ضرورة الاستفادة من إمكانات التقنيات الرقمية والناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، للحد من أوجه عدم المساواة، مرحبا بعمل فريق العمل المعني بالذكاء الاصطناعي.
وأشاد البيان بقيادة جنوب إفريقيا لرئاسة مجموعة العشرين في دفع المناقشات العالمية حول الذكاء الاصطاني وحوكمة البيانات والابتكار من أجل التنمية المستدامة.
ونقل البيان قول القادة: "نوكد مجددا على مبادئ مجموعة العشرين بشأن الذكاء الاصطناعي، ونذكر بإعلان قادة نيودلهي وريو دي جانيرو بشأن التزاماتنا بتسخير إمكانات التقنيات الرقمية والناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. سنعمل على تعزيز التعاون الدولي ومواصلة المناقشات لإطلاق العنان لكامل إمكانات الذكاء الاصطناعي، وتقاسم فوائده بشكل منصف، وتخفيف مخاطره، مع إدراك الحاجة إلى مراعاة آراء البلدان المتقدمة والنامية. لضمان تطوير ونشر واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وموثوق، يجب مراعاة حماية حقوق الإنسان، والشفافية وسهولة التفسير والإنصاف والمساءلة والتنظيم والسلامة والرقابة البشرية المناسبة والأخلاقيات والخصوصية وحماية البيانات، وحوكمة البيانات. نُدرك دور الأمم المتحدة، إلى جانب المنتديات الأخرى ذات الصلة، في تعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تمكين التنمية المستدامة".
وأشار إلى إنشاء اليونسكو لمرفق مساعدة سياسات التكنولوجيا برئاسة جنوب إفريقيا، والذي يهدف إلى دعم البلدنا في صياغة سياستها المتعلقة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بالاستفادة من الخبرات والبحوث العالمية.
ورحب البيان أيضا بإطلاق مبادرة الذكاء الاصطناعي من أجل إفريقيا، التي طُورت كمنصة تطوعية للتعاون متعدد الأطراف ومتعدد أصحاب المصلحة بين مجموعة العشرين والاتحاد الإفريقي، مضيفا "نشجع على تعزيز الوصول إلى قوة الحوسبة في البلدان الإفريقية، بالإضافة إلى المواهب والتدريب في مجال الذكاء الاصطناعي، ومجموعات البيانات عالية الجودة والتمثيلية والبنية التحتية باعتبارها ركائز أساسية لتطوير الذكاء الاصطناعي واعتماده في إفريقيا ونشجع تطوير المنظومة الإفريقية للذكاء الاصطناعي من خلال المساهمات الطوعية بالموارد التقنية والمالية، وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي السيادية المتمركزة حول أفريقيا، بالاستناد إلى شراكات طويلة الأجل مع التركيز على نماذج استثمارية تولد قيمة مستدامة في القارة".
وجدد البيان الدعم القوي لإفريقيا في تعزيز النمو الاقتصادي والتجارة والوظائف والازدهار، مشيرا إلى الدور الرئيسي الذي يلعبه استثمار القطاع الخاص في إطلاق الإمكانات الاقتصادية للقارة.
وجاء في البيان: "نُدرك أهمية ميثاق مجموعة العشرين مع إفريقيا، ونُشيد برئاسة جنوب إفريقيا لمجموعة العشرين لتعزيزها الميثاق بشكل أكبر، بما في ذلك من خلال إطلاق مرحلته الثانية (2025-2033) بدعم من إنشاء صندوق متعدد المانحين لمجموعة البنك الدولي، ونلاحظ الإصلاحات التي اتخذها شركاء مبادرة دعم الشركاء لتعزيز مناخ الاستثمار لديهم، والأعضاء الجدد في المبادرة، جمهورية زامبيا وجمهورية أنجولا".
وبالنسبة للشراكة في إفريقيا، أقر البيان أيضا بالشراكات الموسعة الأخرى مع القارة السمراء، القائمة على مبادرات جماعية أو ثنائية، والتي تهدف إلى تعزيز قدرتها على توليد النمو والتنمية والتصنيع والتقدم التكنولوجي.
وأوضح البيان أن الاقتصاد العالمي أظهر مرونة في النصف الأول من عام 2025 ، وذلك على الرغم من مواجهة استمرار حالة عدم اليقين المتزايدة والتحديات المعقدة، وتشمل هذه التحديات استمرار التوترات الجيوسياسية والتجارية واضطرابات سلاسل التوريد العالمية وارتفاع مستويات الديون وتكرار الظواهر الجوية المتطرفة والكوارث الطبيعية، وقد تُشكل هذه العوامل مخاطر سلبية على النمو، وقد تزيد من المخاطر على الاستقرار المالي واستقرار الأسعار.
ولفت البيان أنه في ضوء ارتفاع الدين العام والضغوط المالية، تدرك الدول الحاجة إلى تعزيز إمكانات النمو طويل الأجل من خلال اتباع سياسات اقتصادية كلية مُوجهة نحو النمو، مع بناء هوامش مالية، وضمان الاستدامة المالية وتشجيع الاستثمارات العامة والخاصة وإجراء إصلاحات مُعززة للإنتاجية، حيث تُعد الإصلاحات الهيكلية ضرورية لتحقيق نمو اقتصادي قوي وخلق وظائف أكثر وأفضل.
وأضاف البيان أنه ينبغي لصندوق النقد الدولي إجراء تحليل أعمق لجميع الاختلالات المفرطة ومعالجتها عند الضرورة ودون تمييز من خلال إصلاحات خاصة بكل بلد والتنسيق متعدد الأطراف، بطريقة تُسهم في اقتصاد عالمي مفتوح ودون المساس بالنمو الاقتصادي المستدام.
ولفت البيان مجددا على الدور الحاسم لبنوك التنمية متعددة الأطراف في دفع عجلة الحد من الفقر، وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية في جميع البلدان المتعاملة معا.
ورحب بالتقرير الافتتاحي حول التقدم المحرز في تنفيذ خارطة طريق بنوك التنمية متعددة الأطراف لمجموعة العشرين، الذي أعده رؤساء هذه البنوك، كما أقر بإمكانية إطار كفاية رأس المال في مساعدة بنوك التنمية متعددة الأطراف على استخدام مواردها الحالية بكفاءة أكبر، وتقاسم المزيد من المخاطر مع القطاع الخاص، واستخدام أدوات جديدة لزيادة قدرتها الإقراضية على مدى العقد المقبل.
وأوضح أنه في حين يبدو أن خطر أزمة ديون نظامية قد تم احتواؤه على نطاق واسع، تواجه العديد من البلدان الضعيفة ذات الدخل المنخفض والمتوسط تكاليف تمويل مرتفعة، واحتياجات كبيرة لإعادة التمويل الخارجي، وتدفقًا كبيرًا لرأس المال الخاص. ويمكن أن تُقيد هذه الثغرات المتعلقة بالديون، إلى جانب عوامل أخرى، حيزها المالي، وقدرتها على معالجة الفقر وعدم المساواة، وقدرتها على الاستثمار في النمو والتنمية. ونرحب بالتقدم الأخير الذي أحرزه الإطار المشترك، ونلاحظ أنه بعد خمس سنوات من إنشائه، قدّم معالجات للديون إلى البلدان الأربعة التي طلبت ذلك، وهي تشاد وزامبيا وغانا وإثيوبيا.
وجاء في البيان: "نؤكد مجددا التزامنا بصندوق نقد دولي قوي، قائم على الحصص، ومزود بموارد كافية، في قلب شبكة الأمان المالي العالمية، ندعم استمرار تعاون صندوق النقد الدولي مع ترتيبات التمويل الإقليمية، وقد تقدمنا في الحصول على الموافقات المحلية اللازمة لموافقتنا على زيادة الحصص بموجب المراجعة العامة السادسة عشرة للحصص، ونتطلع إلى إتمام هذه العملية دون أي تأخير. ونُقر بأهمية إعادة تنظيم حصص الدول الأعضاء لتعكس بشكل أفضل الأوضاع النسبية للدول الأعضاء في الاقتصاد العالمي، مع حماية حصص الدول الأعضاء الأفقر. ومع ذلك، نُقر بأن بناء توافق في الآراء بين الدول الأعضاء بشأن إصلاحات الحصص والحوكمة سيتطلب إحراز تقدم تدريجي، وندعم دعوة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إلى وضع مجموعة من المبادئ التي تُوجه المناقشات المستقبلية حول حصص صندوق النقد الدولي والحوكمة بحلول اجتماعات ربيع عام 2026.
وفيما يخص التضامن والمساواة والاستدامة، أكد على الحاجة إلى تعزيز تمثيل البلدان النامية وصوتها في صنع القرار في بنوك التنمية متعددة الأطراف وغيرها من المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية. وفي هذا السياق، نرحب بإنشاء الكرسي الخامس والعشرين في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي لتعزيز صوت وتمثيل بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ونوه البيان بمذكرة مجموعة العشرين بشأن توجيه حقوق السحب الخاصة، مع ملاحظة تحقيق ما يزيد عن 100 مليار دولار من التوجيه الطوعي لحقوق السحب الخاصة أو مساهمات معادلة لها للبلدان المحتاجة، وتحويلها إلى الصندوق الاستئماني للحد من الفقر والنمو والصندوق الاستئماني للمرونة والاستدامة. ونحث على الوفاء السريع بالتعهدات المعلقة، مشجعا البلدان الراغبة والقادرة قانونيا على دراسة توجيه حقوق السحب الخاصة إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف مع احترام وضع الأصول الاحتياطية للمطالبات الناتجة المقومة بحقوق السحب الخاصة وضمان سيولتها.
وأكد مواصلة التزامه بتعزيز تدفقات رأس المال المستدامة إلى الاقتصادات الناشئة والنامية، وتدعيم أطر السياسات السليمة، ولا سيما استقلالية البنوك المركزية. مع ملاحظة الدور المتنامي للمؤسسات المالية غير المصرفية، والعمل الجاري لفهم أثر ذلك على تدفقات رأس المال.