رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الرئيس السيسي الذي أحبط مخطط التهجير.. اعترافات رئيس الموساد تكشف الكواليس الكاملة

24-11-2025 | 14:23


قطاع غزة

أماني محمد

كشف رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي السابق (الموساد)، يوسي كوهين، عن تفاصيل دورالسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في إفشال مخطط الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، حيث كانت مصر حائط الصد لرفض مخطط التهجير وإفشاله، ونجحت جهودها في وقف الحرب وبقاء الشعب الفلسطيني في أرضه مع تبنيها لكل الجهود الرامية لإعادة إعمار القطاع.

وفي كتاب له جديد، صدر في سبتمبر الماضي، باللغة الإنجليزية بعنوان "سيف الحرية: إسرائيل والموساد والحرب السرية"، قال كوهين إن التهجير كان مؤقتاً، وأن الرئيس السيسي أحبط الخطة.

 وأوضح كوهين أنه صاحب خطة تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة خلال الحرب لترحيل نحو مليون ونصف المليون فلسطيني من غزة إلى سيناء.

ويقول إن الكابنيت الإسرائيلي وافق على الخطة، وعلى تكليفه بإقناع دول عربية بها، باعتبار أنها تهدف إلى خفض عدد الإصابات بين المدنيين، وأنه أقام اتصالات بهذا الشأن مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان والصين والهند، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي حسم الأمر، ورفض الخطة بشكل قاطع.

لاءات مصرية واضحة

ويقول الدكتور محمد عبود، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة عين شمس، إن الدور المصري في إحباط مخطط التهجير لم يكن بحاجة إلى اعتراف رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، مؤكدا أن كل من تابع ما حدث في قطاع غزة والحرب الشاملة ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023، يدرك تمامًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن منذ اليوم الأول "لاءات" مصرية واضحة، وعلى رأسها رفض التهجير.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه منذ إعلان هذه اللاءات، أصبحت التزامًا وطنيًا على الدولة والشعب المصري، وأكدت جميع الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية منذ ذلك الوقت أن مصر أسقطت مخطط التهجير وأفشلت كل المحاولات الإسرائيلية الرامية لتنفيذه.

وأشار عبود إلى أنه لم تقتصر هذه المحاولات على الجانب الإسرائيلي فقط، بل شملت أيضًا مساعي جماعات إرهابية مثل جماعة الإخوان التي حاولت بكل السبل مهاجمة مصر عبر اتهامات زائفة وتشويه دورها في دعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.

وأكد أن تصريحات يوسي كوهين، ليست إلا تأكيدًا لما هو معلوم مسبقًا بشأن الدور المصري في مواجهة مخطط التهجير، موضحا أنه قد تكون أهميتها أنها تكشف أن المواقف المصرية في الغرف المغلقة هي ذاتها المواقف المعلنة، كما أكد الرئيس السيسي مرارًا برفض التهجير وأنه لن ظلم لا يمكن القبول به أو المشاركة فيه.

وأشار إلى أن هذه التصريحات تؤكد أيضًا أن الضغوط التي مارستها إسرائيل على مصر كانت كبيرة، وأن دولًا كبرى شاركت في محاولة دفع مصر للتراجع عن ثوابتها الوطنية، إلا أن هذه الضغوط لم تنجح، مؤكدا أنه كما اعترف رئيس الموساد السابق، فقد أفشل الرئيس السيسي هذا المخطط برفضه القاطع لأي استجابة من أي نوع.

الرئيس السيسي أحبط الهدف الأساسي

فيما يؤكد الدكتور أحمد فؤاد أنور، خبير الشؤون الإسرائيلية، أن أهمية الكتاب تكمن في كونه صادراً عن شخصية تمتلك طموحاً سياسياً واضحاً، فهو يشكّل دعاية مباشرة لكاتبه وللجهاز الذي ترأسه بعد أن عمل فيه ضابطاً لسنوات طويلة، كما يعكس طموحه السياسي الذي يصل إلى حد السعي للترشح لمنصب رئيس الوزراء في إسرائيل.

وأوضح أنور، في تصريح لبوابة دار الهلال، أن كوهين في هذا الكتاب اعترف بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي أحبط الهدف الأساسي من العدوان على غزة، وأسقط مضمونه تماماً، وقضى على مخططه نهائياً، مضيفا أنه ورد هذا الاعتراف في سياق إظهار يوسي كوهين وكأنه كان على وشك تحقيق "إنجاز" يتمثل في تنفيذ تهجير "مؤقت" على حد زعمه.

وأضاف أن وصف التهجير بالمؤقت لا يعدو كونه محاولة للالتفاف على العقوبات الدولية وتجنب الملاحقات القانونية، فهو تلاعب بالألفاظ في حين أن الهدف الحقيقي واضح وهو التهجير، سواء بدأ مؤقتاً ثم حُوِّل لاحقاً إلى دائم كما حدث في تجارب سابقة، أو بأي صيغة أخرى.

وشدد على أن مصر وضعت أمام هذه الخطة خطاً أحمر واضحاً، وأعلن ذلك الرئيس السيسي صراحة وفي حضور قيادات أوروبية، مضيفا أن يوسي كوهين حاول بقوة إقناع دول مؤثرة في المشهد الدولي، وكذلك بعض الدول العربية، بأن خطته قابلة للتنفيذ، إلا أن الرئيس السيسي أفشل هذه الخطة وأحبط هذا الهدف تماماً.

ولفت إلى أن الجانب الإسرائيلي كان يحظى بدعم كامل في خطة التهجير من قِبل الولايات المتحدة، وبشكل مباشر من رأس الإدارة الأمريكية نفسها، ومع ذلك، تمكنت مصر من إسقاط هذا المخطط، في رسالة واضحة مفادها أن ما تريده إسرائيل أو واشنطن ليس قدراً محتوماً، وأنه لا يزال هناك مجال للمناورة ولتبنّي مواقف رافضة للاحتلال وللتهجير الذي يتعارض كذلك مع الأمن القومي المصري.

وشدد على أن تنفيذ هذه الخطة كان سيشكّل بداية لمزيد من الاشتباكات، كما كان سيؤدي إلى احتقان واسع، ويُحفّز محاولات للعودة إلى الأراضي الفلسطينية انطلاقاً من الأراضي المصرية، إضافة إلى محاولات الانتقام من احتلال غزة، لذلك طرحت مصر مقترحاً أثار غضب إسرائيل، وهو إعادة الفلسطينيين – إذا كان هناك حديث عن "عودة مؤقتة" – إلى قراهم الأصلية التي هجّروا منها عام 1948، وهو ما رفضته إسرائيل قطعاً.

وأكد أن مصر تعاملت مع هذا التهديد التاريخي الخطير من منطلق موقف ثابت وواضح، قائم على خبرة تراكمية في التعامل مع الجانب الإسرائيلي. فنحن استرددنا أرضنا كاملة بالقوة وبمعركة دبلوماسية وقانونية شرسة، حيث كانت مصر – حين رفضت الخطة وأسقطتها – قد أعدّت نفسها منذ سنوات عبر تحسين الاقتصاد، وتنويع مصادر السلاح، وتطوير الجهاز الإعلامي.

ولفت إلى أن هذه العوامل ساهمت في دعم القضية الفلسطينية دعماً تاريخياً بعيداً عن المزايدات والشعارات، دعماً واضحاً وحاسماً، وفي الوقت ذاته دفاعاً عن الأمن القومي المصري، وحظي هذا الموقف باحترام عالمي، وفرض نفسه على المشهد، وأفشل الهدف الأساسي غير المعلن من العدوان على غزة.

وشدد على أنه من الطبيعي أن يكون هناك غضب واحتقان داخل إسرائيل، بعد أن دفعت ثمناً باهظاً أخلاقياً وقانونياً واقتصادياً وأمنياً، فضلاً عن التضحية بالمحتجزين والأسرى الذين كان من الممكن الإفراج عنهم في الثامن من أكتوبر، إذ كانت الصفقة متاحة، لكن نتنياهو وحكومته سعوا إلى هدف أكبر: تهجير الفلسطينيين من ما يقارب 1% من فلسطين التاريخية، أي مساحة قطاع غزة، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية، في وقت تحوّلت فيه الضفة الغربية إلى كانتونات، تخضع لحصار وتضييق أمني كامل.

وأكد أن مصر بهذا الدعم  تقدّم نموذجاً يحتذى، وتؤكد أنها استعدت مبكراً لهذا السيناريو، ورفضت أي تطبيع مجاني أو تنسيق اقتصادي وأمني يُستخدم لتصفية القضية الفلسطينية، كما رفضت الابتزاز والضغوط التي استندت إلى اتهامات مفبركة، وكل ذلك يُحسب للقيادة السياسية وللدبلوماسية المصرية، وللرأي العام المصري الذي وقف داعماً لهذه المواقف الراسخة والتاريخية.