الإخوان على قوائم الإرهاب الأمريكية.. خطوة تقلب موازين التنظيم في العمق العربي والغربي
يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصنيف جماعة الإخوان كـ "منظمة إرهابية أجنبية"، حسبما أعلن في تصريحات له، حيث أكد أن هذا القرار سيتم بأقوى وأشد العبارات، وأنه يتم الآن إعداد الوثائق النهائية، في خطوة وصفها خبراء بأنه تعكس الحظر العالمي الذي طال الجماعة، وبدأ منذ سقوطها في مصر في عام 2013، لتأخذ عدة دول نفس الحذو المصري بتصنيف التنظيم كجماعة إرهابية.
جاء إعلان الرئيس الأمريكي، بعد أيام قليلة من قرار حاكم تكساس الأمريكية، جريج أبوت، بتصنيف الإخوان ومجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية (CAIR) على أنهما "منظمات إرهابية أجنبية ومنظمات إجرامية عابرة للحدود"، وسط مطالب من نواب بالكونجرس لوزارة الخارجية الأمريكية بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية.
وأضاف: "اليوم، صنفت الإخوان و(كير) كمنظمات إرهابية أجنبية ومنظمات إجرامية عابرة للحدود. هؤلاء المتطرفون ليس لهم مكان في ولايتنا، ويُحظر عليهم الآن اقتناء أي ممتلكات في تكساس".
وفي تصريحات سابقة له، في أغسطس الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إن تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية أجنبية قيد الإعداد لكنه عملية طويلة ودقيقة، خاصة مع وجود العديد من الفروع التابعة للإخوان التي يجب فحصها على حدة.
وفي يوليو الماضي، قدم السيناتور الجمهوري من تكساس، تيد كروز، وغيرهم مشروع قانون لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية.
جماعة إرهابية تلحق الضرر بالأمن الأمريكي
وقال الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، إن اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصنيف جماعة الإخوان منظومة إرهابية خارجية يُعد خطوة تعكس تماهياً مع السياسة الواقعية وتصنيفاً صحيحاً لطبيعة هذا التنظيم، موضحا أن مصر كانت سبّاقة في هذا المسار منذ عام 2013، وكذلك الإمارات والسعودية ودول أخرى صنّفت الجماعة منظمة إرهابية.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن اتخاذ الولايات المتحدة هذه الخطوة، وإن جاء متأخراً، يظل أفضل من عدم اتخاذه مطلقاً، مضيفا أنه يبدو أن هذا التوجّه يعكس انسجاماً مع مواقف الحلفاء العرب في الشرق الأوسط، وتأكيداً على أن جماعة الإخوان تمارس الإرهاب، كما اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن التنظيمات والمنظمات المرتبطة بالإخوان والمموّلة بواسطتهم تمارس أنشطة قد تُلحق ضرراً بالأمن القومي الأمريكي، وهذا من أبرز الدوافع وراء اللجوء إلى هذه الخطوة.
وأضاف أنه تكون لهذه الخطوة تداعيات كبيرة وخطيرة على التنظيم، خاصة أن الولايات المتحدة تُعد أكبر قوة استراتيجية في العالم، مضيفا أنه يبقى التساؤل هل ستتطلب هذه الخطوة تشريعات خاصة تُمكّن من مراقبة أموال الإخوان ومصادرتها عبر المنظمات والأنشطة التابعة لهم؟، بعض التحليلات ترى أنه يجب انتظار إقرار الكونجرس الأمريكي، بينما يرى متخصصون قانونيون أن ترامب قد يلجأ إلى إصدار قرارات تنفيذية ذات قوة إلزامية دون انتظار موافقة الكونغرس.
ولفت إلى أنه مهما يكن المسار، فإن الخطوة بحد ذاتها خطيرة وذات تبعات جسيمة على أنشطة هذه المنظمات المموّلة من الإخوان، وعلى الحركة كتنظيم عالمي، خاصة في ظل تزايد المسافة بينها وبين معظم الدول إقليمياً ودولياً، وها هي أكبر قوة استراتيجية في العالم تتجه لتصنيفها كمنظمة إرهابية.
محاصرة التنظيم في العمق العربي والغربي
ومن جانبه، أوضح عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الأصولية وقضايا الأمن الإقليمي، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تصنيف الإخوان على قوائم الإرهاب، تحمل انطباعا إيجابيا في محاصرة التنظيم في العمق العربي والغربي ورفع الدعم المالي والسياسي والإعلامي عنه قواعده التنظيمية، مضيفا أن القرار يحمل في ذاته مجموعة من الصعوبات التي ربما تعرقل مسار تحقيقه عمليا.
وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن قرار تنصيف الإخوان ليس سياسيا بل استخباراتيًا أمنيًا، ويخضع لمجموعة من الإجراءات والموافقات المرتبطة بعد جهات منها وزارة الخارجية، ووزارة الخزانة، وهيئة المخابرات الاستخبارات الأمريكية، وهيئة الإدارة الفيدرالية، والكونجرس الأمريكي، فضلًا عن عرضه على المحكمة القضائية قبل إعلانه في السجل الفيدرالي.
وأشار فاروق، إلى أنه من ضمن الإشكاليات صعوبة التصنيف الشامل لجماعة الإخوان "الأم"، في عدم وجود ما يعرف بجماعة الإخوان في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وإنما مؤسسات مشهرة رسمية، ما يعني أن الجماعة تتحرك في إطار علني وليس سري، ولا تحمل لافتات الجماعة، وبالتالي التصنيف ربما يضع عددًا من المؤسسات المحسوبة فكريًا على المشروع الإخواني.
وأضاف أن هذه المؤسسات تدخل في شراك مع مؤسسات أمريكية عسكرية ومالية وتجارية، بحكم طرح أنفسهم كممثلين على المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل (ماس وكير وإسنا، وماباك)، فضلًا عن الروابط القوية بين عدد من دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية مع الجماعة، لأنها تمثل لها مصدر حماية، وفي مقدمتهم بريطانيا مركز التنظيم الدولي وإدارة الجماعة حاليا بعد سقوط الإخوان في مصر.
وأكد فاروق، أن تصنيف الإخوان على قوائم الإرهاب سيفتح بابا من العداء والمواجهة بين قيادات الجماعة والإدارة الأمريكية، يمكن من خلالها يتم استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة العربية، أو في الداخل الأوروبي، في ظل هيمنة الإخوان على مصادر التمويل، من الصدقات والتبرعات التي تحصلت عليها من المراكز والمساجد الإسلامية، لتصدير صورة للإدارة الأمريكية، ودوائر صنع القرار الغربي، من أن الجماعة تمثل الإسلام الوسطي، والإطاحة بها من المشهد سيفتح الباب أما موجات العنف في العمق الغربي.
وقال فاروق، إن تصريحات ترامب، وقرار حاكم ولاية تكساس بتنصف الإخوان على قوائم الإرهاب، ينطوي على صراع سياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين، في ظل الدور المحوري والرئيسي الذي لعبته الجماعة لصالح حزب "الديمقراطيين" في حشد وتعبئة أصوات المسلمين من الأمريكان، أو الجاليات العربية، لصالح مرشحيهم في الولايات الفيدرالية أو في الانتخابات الرئاسية، فضلًا عن العلاقة التاريخية المرتبطة بدورهم الاستخباراتي في السيطرة على الجاليات العربية والإسلامية في الغرب، وكذلك دورهم المؤثر في مشاريع تقسيم الشرق الأوسط، وتصدير ما يعرف بـ"الإسلام الدموي"، وليس "الإسلام الدعوي".