ماري كويني.. رائدة صنعت مجد السينما وأعادت تعريف دور المرأة
تحل اليوم ذكرى رحيل الفنانة والمنتجة الكبيرة ماري كويني، إحدى أهم رائدات السينما العربية، التي غادرت عالمنا في 25 نوفمبر 2003، تاركة وراءها إرثًا فنيًا ضخمًا ساهم في تشكيل تاريخ الصناعة وبناء مكانة المرأة داخلها.
وُلدت ماري كويني في 16 نوفمبر 1913 ببلدة تنورين اللبنانية، وانتقلت إلى مصر وهي طفلة صغيرة، لتصبح واحدة من أبرز رموز الفن في العالم العربي.
البدايات الفنية
بدأت رحلتها السينمائية عام 1929 حين رشحها المخرج وداد عرفي للمشاركة في فيلم غادة الصحراء أمام خالتها المنتجة آسيا داغر. وبرغم صغر سنها، خطفت الأنظار، واتسع حضورها سريعًا على الساحة الفنية. لم تكتف بالتمثيل فقط، بل أبدعت أيضًا في مجال المونتاج السينمائي، وأسهمت خلال الأربعينيات في تركيب 13 فيلمًا تركت بصمة واضحة في تاريخ الصناعة.
ثنائي سينمائي وحياة شخصية
عام 1931 التقت الفنان أحمد جلال أثناء تصوير فيلم وخز الضمير، لتنطلق بينهما قصة حب كللت بالزواج عام 1940. وقد شكّل الزوجان ثنائيًا سينمائيًا مؤثرًا، بعدما أسسا شركة إنتاج مستقلة عن آسيا داغر، وتشاركا في الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو. ومن أبرز أعمالهما المشتركة رباب وأم السعد.
وساهم الزواج في إنهاء الشائعات التي ربطت أحمد جلال بعلاقة عاطفية مع آسيا داغر، مؤكداً أن ماري كانت صاحبة المكانة الحقيقية في حياته.
إسهاماتها في الإنتاج السينمائي
تُعد ماري كويني من أوائل النساء اللاتي اقتحمن مجال الإنتاج بقوة. وفي عام 1957، استقدمت أول معمل ألوان في الشرق الأوسط، في خطوة أحدثت نقلة نوعية في الصناعة.
وقدمت مجموعة كبيرة من الأفلام الناجحة، منها أمير الأحلام، ظلموني الناس، نساء بلا رجال، الفجر يوم جديد، بدور. كما أنتجت الفيلم الأول لابنها المخرج نادر جلال غدًا يعود الحب عام 1972، بينما كان آخر أعمالها في الإنتاج فيلم أرزاق يا دنيا عام 1982.
التمثيل.. الوجه الآخر للإبداع
شاركت ماري كويني في بطولة 22 فيلمًا، من أبرزها: شجرة الدر (1935)، زوجة بالنيابة (1936)، الزوجة السابعة (1950)، نساء بلا رجال (1953)، رحمة من السماء (1958)، إلى جانب أفلام مهمة في الثلاثينيات والأربعينيات مثل غادة الصحراء، وخز الضمير، عندما تحب المرأة، بنت الباشا المدير، زليخة تحب عاشور، فتاة متمردة، رباب، أم السعد، والسجينة رقم 17.
ورغم جمالها وموهبتها، فضّلت العمل خلف الكاميرا لتكرّس جهدها لتطوير الفن السينمائي.
التكريم والجوائز
حصدت ماري كويني تقديرًا واسعًا، حصلت على:
جائزة الدولة التشجيعية عن فيلم حب من نار (1958)، شهادة تقدير من مهرجان الهند الدولي عن فيلم ابن النيل ليوسف شاهين، جائزة المركز الكاثوليكي للسينما عن فيلم بدور (1974).
رحلت في أول أيام عيد الفطر عام 2003، بعد أكثر من أربعة عقود من الإبداع والعمل الدؤوب في خدمة السينما، لم تكن مجرد اسم، بل كانت رمزًا للتحدي والطموح، ورائدة أعادت صياغة دور المرأة في السينما، وتركت إرثًا خالداً يلهم أجيالًا جديدة من النساء لصناعة مستقبل أكثر قوة وحرية في عالم الفن.