حكاية شارع سقراط.. أحد مؤسسي الفلسفة الغربية
تضم القاهرة، عاصمة مصر لأكثر من ألف عام، عددًا كبيرًا من الشوارع والميادين التاريخية التي يعود تاريخها إلى قرون وتعد هذه الأماكن مقصدًا للعديد من السياح، لما تحمله من طابع جمالي وأهمية ثقافية وتاريخية، مما يجعلها من أبرز معالم القاهرة السياحية والتاريخية، ومنها شارع سقراط.
ولد سقراط في مدينة أثينا عام 470 قبل الميلاد، وكان والده يعمل نحّاتًا، ووالدته ربة منزل. يُذكر أن سقراط مارس مهنة والده في صغره، وعاش حياة مستقرة نسبيًا بفضل ثراء عائلته، ما منح حياته طفولة خالية من المخاوف المالية نسبيًا. تلقى تعليمه وفق قوانين وعادات أثينا، حيث تعلم القراءة والكتابة، كما درس الجمباز والشعر والموسيقى، على غرار أبناء الأثرياء آنذاك.
خدم سقراط في الحرب البيلوبونيزية وميز نفسه في ثلاث حملات عسكرية، وفقًا لأفلاطون، ما أكسبه سمعة الشجاعة والالتزام.
أسلوب حياة سقراط وشخصيته
عرف سقراط عن نفسه بأنه غير مهتم بالملذات المادية، بما في ذلك الراحة الشخصية والمظهر الخارجي. كان يهمل النظافة الشخصية، نادرًا ما يستحم، يمشي حافي القدمين، ويملك معطفًا واحدًا خشنًا، كما كان معتدلًا في الأكل والشرب.
كان سقراط يمتلك معرفة واسعة بمذاهب فلاسفة قبله مثل بارمينيدس، هيراكليتوس، وأناكساجوراس، وأعلن معلم دلفي أن سقراط هو أحكم رجل في اليونان. جذب اهتمام الشباب الأثينيين، واعتبر شخصية مثيرة للجدل، كما سخر منه في العديد من المسرحيات الكوميدية.
الفلسفة والمعتقدات
ركز سقراط على البحث عن الحكمة وتحسين الأخلاق، مؤمنًا بأن الإنسان يجب أن يترك الشهوات الدنيوية مثل الطعام، المال، والملابس، ويبحث عن المعرفة وتطوير النفس. أبرز إسهاماته في الفكر الغربي كان المنهج السقراطي أو أسلوب الحوار (Elenchus)، والذي يقوم على تحليل المشكلات من خلال سلسلة من الأسئلة، ما يساعد على الوصول إلى الحقيقة تدريجيًا.
كانت معتقداته الفلسفية تركز على تطوير الذات والفضائل الأخلاقية، مؤكّدًا أن الحياة المثالية هي حياة البحث عن الخير. وقد دعا دائمًا إلى التركيز على الصداقات والمجتمع، مؤمنًا أن الفضائل الفكرية والأخلاقية هي أعظم ما يمتلكه الإنسان.
محاكمته وإعدامه
في عام 399 قبل الميلاد، حوكم سقراط بتهم إفساد عقول الشباب وعدم اتباع الدين الرسمي. دافع عن نفسه، لكنه أُدين بأغلبية الأصوات. اقترح سقراط عقوبة بديلة تتمثل في تلقي الطعام والسكن مجانًا من الدولة لقاء خدماته، لكن المحلفين رفضوا وأمروا بإعدامه.
رفض سقراط عروض الفرار من السجن في يومه الأخير، ومات صباح اليوم التالي بعد شرب الشوكران السام، محتفظًا بمبادئه حتى النهاية.
الإرث الفلسفي
على الرغم من مرور أكثر من 2500 سنة على حياته، فإن فلسفة سقراط ما زالت مؤثرة، وانتقلت عبر تلميذه أفلاطون الذي دوّن رسائله وحواراته، مؤكدًا على أهمية البحث عن المعرفة، الفضيلة، والحياة الأخلاقية، ما جعله أحد أبرز رموز الفلسفة الغربية.