رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وزير الكهرباء يستعرض دور الطاقة الشمسية في تحقيق أمن الطاقة العالمي بمجلة "آفاق الطاقة"

26-11-2025 | 11:49


الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة

دار الهلال

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المركز العدد السادس من مجلة "آفاق الطاقة"، وتضمنت المجلة مقالا للدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، تحت عنوان "دور الطاقة الشمسية في مصر لتحقيق أمن الطاقة العالمي: رؤى وتحليلات إقليمية ودولية".

وأوضح الدكتور محمود عصمت، أن أمن الطاقة لطالما كان على رأس أولويات الدول والحكومات حول العالم، فمع تزايد الطلب على الطاقة والتقلبات الجيوسياسية التي تؤثر في البحث عن بدائل مستدامة وموثوقة أمرًا حيويًا، في هذا السياق تبرز الطاقة الشمسية كلاعب رئيس في تحقيق أمن الطاقة العالمي مقدمًا حلولًا واعدة لمستقبل الطاقة أكثر استقرارًا واستدامة؛ حيث تعد الطاقة الشمسية مصدرًا متجددًا ووفيرًا لا ينضب، على عكس الوقود الأحفوري (النفط، الغاز الطبيعي، الفحم) الذي يعد محدودًا وقابلًا للنضوب، كما أن التوسع في استخدام الطاقة الشمسية يقلل من الاعتماد على استيراد الوفود الأحفوري، مما يحرر الدول من تبعات تقلبات الأسعار العالمية والصراعات الجيوسياسية التي قد تؤثر في سلاسل الإمداد، ويعد هذا التحول أمرًا ضروريًا لتعزيز استقلال الطاقة بالدول وحماية اقتصاداتها من الصدمات الخارجية.

ولفت إلى أن دمج الطاقة الشمسية ضمن المزيج الطاقي للدول يشكل خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، حيث يُسهم بشكل فعال في تنويع مصادر الطاقة ما يعزز أمن الطاقة ويزيد من مرونة الأنظمة ويقلل من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على مصدر واحد أو عدد قليل من المصادر، فعندما تتأثر إمدادات أحد مصادر الطاقة يمكن لمصادر أخرى مثل الطاقة الشمسية أن تسد الفجوة وتضمن استمرارية التيار الكهربائي، وتتيح تقنيات الطاقة الشمسية وخاصة الألواح الكهروضوئية توليد الكهرباء بشكل لا مركزي على نطاق واسع من محطات الطاقة الكبيرة إلى الأنظمة المنزلية الصغيرة، هذا الانتشار يقلل من نقاط الضعف في الشبكات المركزية الكبيرة ويجعلها أقل عرضة للهجمات أو الكوارث الطبيعية، كما تمكن هذه اللامركزية المجتمعات النائية من الحصول على الكهرباء مما يعزز التنمية المحلية ويقلل من الفقر في الطاقة.

وأضاف وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن تكاليف إنتاج الطاقة الشمسية شهدت انخفاضًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة ما يجعلها تنافسية بشكل متزايد مع مصادر الطاقة التقليدية، هذا الانخفاض في التكلفة يجعل الاستثمار في الطاقة الشمسية جاذبًا، ويسهم في توفير التكاليف على المدى الطويل للمستهلكين والشركات، علاوة على ذلك يخلق قطاع الطاقة الشمسية فرص عمل جديدة في مجالات التصنيع والتركيب والصيانة والبحث والتطوير ما يدعم النمو الاقتصادي ويحفز الابتكار، وبالإضافة إلى فوائدها في أمن الطاقة تلعب الطاقة الشمسية دورًا حاسمًا في حماية البيئة ومكافحة تغير المناخ، فهي مصدر نظيف للطاقة لا ينتج عنه انبعاثات ضارة أو ملوثات للهواء ما يسهم في تحسين جودة الهواء وتقليل الآثار السلبية لتغير المناخ على صحة الإنسان والبيئة وتسهم الطاقة الشمسية في خفض انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالوقود الأحفوري.

تناول المقال إمكانات الطاقة الشمسية التي تتمتع بها الدولة المصرية، حيث تقع مصر ضمن الحزام الشمسي العالمي مما يمنحها متوسط إشعاع شمسي يتراوح بين 2000 إلى 3200 كليو وات ساعة متر مربع سنويًا، هذا يجعلها من أكثر الدول ملاءمة لتوليد الطاقة الشمسية، كما تمتلك مصر إمكانات هائلة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية ما يؤهلها لتكون رائدة إقليميًا وعالميًا في هذا المجال، ويتطلب تحقيق أمن الطاقة المستدام التوازن بين ثلاثة أبعاد رئيسة تشمل الاستدامة البيئية من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، والاستدامة الاقتصادية عبر ضمان تكلفة معقولة للطاقة، والاستدامة الاجتماعية بضمان وصول الطاقة للجميع بشكل عادل، وتعد وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر أحد الأطراف الرئيسة الفاعلة في تحقيق أمن الطاقة المستدام بأبعاده المختلفة من خلال تبني استراتيجيات طموحة تعتمد على تنويع مصادر الطاقة وزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة والعمل على تطوير البنية التحتية.

ونوه بأنه تم تحديث استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2040 في ضوء التطورات العالمية والمتغيرات الجديدة التي تتضمن انخفاض تكاليف التكنولوجيات الحديثة والتطور الهائل في تكنولوجيا تخزين الطاقة، مع استبعاد خيار توليد الكهرباء من الفحم واستبدال تلك القدرات المخططة بأخرى من الطاقة المتجددة بالإضافة إلى استخدام الهيدروجين الأخضر، وقد تضمن تحديث الاستراتيجية التوسع في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وزيادة حصتها في مزيج الطاقة ليصل إلى 42% بحلول عام 2030، و65% بحلول عام 2040 اعتمادًا على الموارد الطبيعية الهائلة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وقد تمت الموافقة على تحديث الاستراتيجية من المجلس الأعلى للطاقة في أغسطس 2024، ولعل من أبرز التجارب الناجحة لمشاركة القطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة هي مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان والذي يعد أحد أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم بمكان واحد بقدرة إنتاجية تصل إلى 1465 ميجاوات، ويسهم هذا المشروع في تقليل الانبعاثات الكربونية بنحو مليوني طن سنويًا بما يعادل إزالة 400 ألف سيارة من الطرق.

كما تناول مقال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة التحديات التي تواجه انتشار استخدام الطاقة الشمسية، فعلى الرغم من الإمكانيات الهائلة للطاقة الشمسية فإنها تواجه بعض التحديات مثل: تقلبات الإنتاج (اعتمادها على ضوء الشمس) والحاجة إلى حلول تخزين فاعلة للطاقة، بالإضافة إلى التكاليف الأولية للاستثمار في البنية التحتية، ومع ذلك فإن التطورات المستمرة في تقنيات البطاريات وأنظمة الشبكات الذكية بالإضافة إلى الدعم الحكومي والتعاون الدولي تفتح آفاقًا واسعة للتغلب على هذه التحديات وتعزيز دور الطاقة الشمسية في تحقيق أمن الطاقة العالمي، هذا وعلى الصعيد الوطني تواجه مصر تلك التحديات من خلال التحديث المتواصل لشبكات الكهرباء لاستيعاب مصادرة الطاقة المتجددة وتطوير تقنيات ومشروعات تخزين الطاقة وتطوير العديد من مشروعات الربط الكهربائي مع الدول المجاورة بما يعزز من قدرة مصر على تصدير الطاقة النظيفة وتعزيز الشبكات.

وأشار إلى أن من إجراءات لتحفيز مشاركة القطاع الخاص في الطاقات المتجددة أصبح عدد كبير من المستثمرين على ثقة في قطاع الطاقة المصري، وتقدم العديد من المستثمرين الأجانب والمحليين للاستثمار في مشروعات القطاع ونجح القطاع في الحصول على عروض بأسعار تنافسية للكيلو وات/ ساعة للطاقة المنتجة من محطات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح.

وبين أنه يجري حاليًا تنفيذ العديد من مشروعات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة والتي تسهم في توليد كميات كبيرة من الكهرباء النظيفة؛ حيث إنه بحلول عام 2030 سوف تصل قدرات الطاقة المتجددة إلى نحو 22 جيجاوات، ولا شك أن ما تبذله الوزارة من جهود لتحسين كفاءة استخدام الطاقة من خلال تطوير شبكات النقل والتوزيع وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة التي تقلل من الفقد في الشبكة الكهربائية لها من الأثر ما يسهم بدوره في تحقيق استدامة الطاقة في مصر؛ حيث يتم تنفيذ برامج لترشيد استهلاك الطاقة في القطاعات المختلفة وعلى رأسها القطاعات الصناعية والسكنية، ومع زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة يصبح التخزين أمرًا ضروريًا لتحقيق الاستقرار في إمدادات الطاقة، وإدراكًا من وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لأهمية تخزين الطاقة في تحقيق أقضى استفادة ممكنة من الطاقات المتجددة وتفريغ تلك القدرات خلال فترات الذروة وضمان اتزان واستقرار الشبكة الكهربائية الموحدة، لذا فقد تم التعاقد مع عدد من المستثمرين لإنشاء محطات تخزين طاقة باستخدام البطاريات بسعات تصل إلى 3.3 جيجاوات بحلول 2028.

وفي إطار تعزيز دور مصر المحوري كمركز مستدام للطاقة تشارك الدولة المصرية بفعالية كبيرة في تعزيز مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي، مثل الربط القائم حاليًا مع دول المشرق العربي من خلال الأردن، والربط مع دول المغرب العربي من خلال ليبيا، والربط مع السودان، والربط الجاري تنفيذه مع السعودية بقدرة 3000 ميجاوات، ومن خلاله سيتم ربط مصر بدول الخليج، كما تولي مصر أهمية كبرى للربط مع أوروبا وفي هذا الإطار يتم حاليًا العمل على عدد من المحاور مثل الربط مع اليونان لتصدير 3000 ميجاوات من الطاقة المتجددة بالإضافة للربط مع إيطاليا وبذلك سوف تصبح مصر جسرًا للطاقة بين إفريقيا وأوروبا.

وقال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة خلال مقاله إن هذه الجهود المتواصلة تشارك في رسم صورة للدور الذي تمارسه وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في تحقيق الأمن المستدام في ظل استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة 2030 واستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى 2040 والتي تسعى إلى التحول نحو الاقتصاد الأخضر؛ اعتمادًا على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة لتحقيق كل أهداف التنمية المستدامة التي لا غنى لها عن مصادر الطاقة.

وأوضح المقال في ختامه أن الطاقة الشمسية تعد حجر الزاوية في استراتيجية تحقيق أمن الطاقة العالمي في القرن الواحد والعشرين بقدرتها على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتنويع مصادر الطاقة، وتعزيز اللامركزية، وتقديم فوائد اقتصادية وبيئية جمة، فإنها تمثل ركيزة أساسية لمستقبل طاقة آمن، مستدام، ومزدهر للبشرية جمعاء، ويتطلب تحقيق هذا الهدف التزامًا عالميًا بالاستثمار في البحث والتطوير وتطبيق السياسات الداعمة وتعزيز التعاون الدولي لتسخير قوة الشمس الكاملة.