رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


"فورين بوليسي": فك شفرة الاتصال الهاتفي بين ترامب ونظيره الصيني ودلالاته بالنسبة لليابان وتايوان

27-11-2025 | 15:44


ترامب ونظيره الصيني

دار الهلال

شهدت العلاقات الأمريكية الصينية تطورا لافتا هذا الأسبوع بعدما أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ اتصالا غير متوقع بنظيره الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين، في خطوة أعادت تسليط الضوء على مسار التقارب الحذر بين البلدين، رغم التوترات الإقليمية المتصاعدة.

وجاء الاتصال، وفق البيان الصيني، لتأكيد نجاح اجتماعهما الشهر الماضي في بوسان بكوريا الجنوبية، فيما أوضح ترامب عبر منصة "تروث سوشال" أن المحادثات تركزت على التجارة، وأن الطرفين اتفقا على زيارات متبادلة، حيث يتوجه ترامب إلى بكين في أبريل المقبل، فيما يزور شي واشنطن في وقت لاحق.

وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن قضية جزيرة تايوان كانت الغائب الحاضر في هذا الاتصال الهاتفي، حيث إن اللافت في الاتصال الأخير لم يكن جدول الزيارات أو الحديث عن التجارة، بل الطريقة التي طرحت بها قضية تايوان.

فخلال لقاء بوسان بكوريا الجنوبية، تجنبت بكين ذكر القضية تماما، بينما أكد ترامب حينها أنها لم تناقش. غير أن الصين أكدت عقب الاتصال الأخير أن شي أكد "الموقف الصيني المبدئي" حول تايوان، وشدد على أن "عودة تايوان إلى الصين جزء أصيل من النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية".

ورغم أنه من غير المرجح أن يكون الطرفان قد خاضا نقاشات معمقة حول الملف، إلا أن الخطاب الصيني يحمل -وفقا للمجلة الأمريكية- معاني لا يلتقطها الجانب الأمريكي دائما، خصوصا أن المصطلحات المرتبطة بتايوان داخل الصين محكومة بضوابط سياسية صارمة. فمجرد استخدام مسؤول أجنبي لتعبير معين قد يقدم داخليا باعتباره انتصارا دبلوماسيا لبكين، رغم أن المفاوض الأمريكي قد يستخدمه فقط لمجاراة لغة محاوره، دون إدراك دلالاته السياسية .

ورأت المجلة أن ما يزيد الأمور تعقيدا أن الكلمات ذاتها لا تعني الشيء نفسه للطرفين. فمفهوم "الصين الواحدة"، على سبيل المثال، يحمل تفسيرات متباينة جذريا بين واشنطن وبكين. كما أن عبارة "النظام الدولي لما بعد الحرب"، التي يكررها المسؤولون الصينيون تشير في القاموس الصيني إلى نظام يفترض أن القوى الكبرى —وفي مقدمتها الصين وروسيا— تمتلك حق تقرير مصير "مجالات نفوذها".

ويزداد المعنى وضوحا حين يستخدم الرئيس الصيني المصطلح في سياق الحديث عن روسيا وأوكرانيا، أو حين يوحي بأن مكانة الصين في النظام الدولي تعطيها الحق في "استعادة تايوان".

وبالنسبة لتوقيت الاتصال الهاتفي، ترى "فورين بوليسي" أن التوقيت يحمل طابعا استراتيجيا. فالصين تعيش حالة احتقان دبلوماسي مع اليابان، بعد تصريحات رئيسة الوزراء الجديدة ساناي تاكايتشي حول إمكانية أن يبرر اجتياح صيني لتايوان تدخلا عسكريا يابانيا، وهو ما رد عليه وزير الخارجية الصيني وانغ يي بوصف التصريحات بأنها "صادمة" وتخطيا لـ"الخط الأحمر".

ولفتت المجلة إلى أن شي، في حديثه مع ترامب، كان واضحا في توظيف النزاع مع اليابان. فاليابان، بوصفها "الطرف الخاسر في الحرب العالمية الثانية"، تقدمها بكين دائمًا كنموذج يجب أن يلتزم بـ"النظام الدولي لما بعد الحرب". ومن المرجح أن شي كان يسعى إما إلى دفع واشنطن لممارسة ضغط على طوكيو، أو للحصول على موافقة ضمنية من ترامب بأن سلوك اليابان غير مقبول.

وبالفعل، اتصل ترامب مباشرة بعد مكالمته مع شي برئيسة الوزراء اليابانية، ما يشير إلى أنه حاول استيعاب الرسالة الصينية، إلا أن الجانب الياباني لم يشر إلى مناقشة قضية تايوان، ما يوحي بأن طوكيو نجحت في صد أي ضغط محتمل.

وحول احتمالات التصعيد، نبهت المجلة الأمريكية إلى أن خطورة هذا المشهد تكمن في أن شي قد يعتقد أن ترامب تعهد خلال المحادثة الهاتفية بالضغط على اليابان، وإذا لم يحدث ذلك، فقد يتفاقم التوتر الصيني-الياباني، وبالتالي يهدد التحسن النسبي في العلاقات الأمريكية الصينية.

وأخيرا، تؤكد المجلة أن الصين قد لا تحتاج إلى أكثر من المكاسب الرمزية، مثلا، أن يصف ترامب شي بأنه "قائد عظيم"، وأن يلتزم بزيارات قريبة، وأن تتجنب واشنطن دعم اليابان علنا في النزاع الحالي، حيث إن الصمت، في هذه الحالة، سيكون نصرا بكلفة منخفضة لبكين.