رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


جثمان عمر عبدالرحمن أضاع فرصة على إعلام المتربصين

8-3-2017 | 12:44


بقلم –  محمود الحضرى

تيقنت فعلا أنه حسنا فعلت السلطات الرسمية بالموافقة على دفن عمر عبدالرحمن بمقابر عائلته فى مدينة الجمالية بالدقهلية، وهو ما قطع الطريق على «وصلات» تشويه، كانت معدة سلفًا، للحكومة، ولكل مسؤول، فى حال رفض استقبال الجثمان.

 

وأؤكد من هنا على اختلافى الكلى مع كل دعوات وأفكار عمر عبدالرحمن، وتطرفه الشديد ومعاداته للدولة المدنية وتكفيره للمجتمع والناس إلا أبناء فصيله، ولكن أيدت دفنه بمقابر بمصر، بعد أن وافته المنية بأحد السجون الأمريكية، الأسبوع الماضي، خلال فترة قضائه السجن المؤبد فى قضية اتهامه بتفجيرات نيويورك ١٩٩٣.

ولمست عن قرب، ومن خلال رسائل إعلامية تم إعدادها سلفًا عن عمر عبد الرحمن، على أساس أن السلطات المصرية سترفض دفنه فى مقابر الجمالية، وحسب ما عرفته فقد حوت الكثير من الآراء، التى تشوه مصر وملفها فى حقوق الإنسان أو ماقاله أحدهم فى تسجيل له «حقوق الموتى»، إلا أن هذا المخطط لقى حتفه مع موافقة السلطات على دفن الجثمان بمصر.

وبعيدًا عن أن عمر عبدالرحمن قد أوصى بدفنه بمقابر الأسرة فى الجمالية، بمحافظة الدقهلية، إلا أن تأييدى لموافقة السلطات المصرية على دفنه فى مسقط رأسه، جاء لكونه قرارا حكيما قطع الطريق أمام كل ما استعد له المتربصون بالبلاد وخارجها ومن سار على دربهم، واستن سنتهم، وقلت ساعتها لقد اطمأن قلبى بموافقة السلطات الرسمية على نقل الجثمان من الولايات المتحدة الأمريكية، والدفن فى مصر بمثابة “ضربة معلم”.

ومن خلال متابعة الموقف منذ الإعلان عن وفاة عمر عبد الرحمن، وضعت تصورًا، منه جزء واقعي، وآخر قراءة لما كان متوقعًا، ففى حال لو تم رفض دفن عمر عبد الرحمن فى مصر، ماذا كان سيحدث، خصوصًا من الجالسين وراء كاميرات فضائيات المتربصين، والمدافعين عن أصحاب فتوى العنف والإرهاب، وزهق الأرواح؟

المؤكد أنهم كانوا سيحولون القضية إلى «مناحة»، ولطم على الخدود، ورفع رايات الكراهية على الدولة المصرية، التى رفضت دفن ابنها المناضل- من وجهة نظرهم - فى التراب المصري، وساعتها كان الرفض – لوحدث طبعا كما كانوا يريدون- سيتحول إلى القضية الأولى لأبواق برامجهم ومختلف أنشطتهم، وهو ما أكدته بعض البرامج التى تم إعدادها سلفا، وحتما كانت صفحات الفيسبوك ستتحول إلى رايات سوداء ليس على عمر عبد الرحمن، بل على كل مسؤول، ولكن كل هذا ذهب مع الريح.

وينسى المتربصون كل كتابات عمر عبد الرحمن التحريضية على المفكرين والساسة والدولة المصرية، والتى حولها أتباعه إلى فتاوى للقتل وهدر الدماء، ويحولون كلمات وكتابات «عبد الرحمن» إلى فتاوى إلى رايات بيضاء فى النضال ضد «الاستعمار المصري» فى مصر.

وتاريخ فتاوى عمر عبد الرحمن الإرهابية طويل ومتعدد، واعترافات قتلة الرئيس الراحل محمد أنور السادات واضحة وضوح الشمس، حيث أكدوا مرارًا أنهم اتخذوا من كتابات وأقوال عمر عبدالرحمن منهجها للفتوى بارتكاب أعمال العنف والاغتيال.

والقول بأن عمر عبدالرحمن لم يكن مفتى الإرهاب والتطرف، فيه الكثير من غير الحقيقة، وأليست اعترافات قادة الجماعة الإسلامية، وقاتلى المفكر فرج فودة، ومرتكبى محاولة اغتيال الأديب نجيب محفوظ دليلا على أن آراءه وأقواله، كانت السم فى العسل، وعبارة عن فتاوى للقتل وهدر الدماء.

حتى أنه وبالرغم من موافقة السلطات المصرية على دفن عمر عبد الرحمن فى مصر، إلا أن البعض حاول استغلال وفاة الزعيم الروحى للجماعة الإسلامية ضد الدولة والنظام، فما بالكم لو تم رفض الدفن على تراب الأراضى المصرية، لأصبحت حديث المتربصين والإخوانجية على مدى شهور، إلا أن القرار دفن الفرصة، التى كانت ينتظرها هؤلاء، فى نفس اللحظة التى دُفن فيها الجثمان، وربما قبله.

ولم أتفق إطلاقًا مع كل من دعوا إلى رفض دفن جثمان عمر عبد الرحمن فى مصر، وحسنا فعلت الحكومة مع طلب تنفيذ وصية من نقل الفكر الإرهابى إلى أفراد الجماعة الإسلامية، فى بداية ظهورها فى سبعينيات القرن الماضي، والمؤكد أن موافقة السلطات المصرية جاءت بناءً على حيثيات خاصة، وليست تحت ضغوط من إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فلا أعتقد أن قضية دفن جثة بحاجة إلى حوار رؤساء، وعلى الأكثر سفراء، أو حتى مساعدى وزراء.

يقينا أيضًا أن قرار السماح بدفنه الجثمان فى مصر لا يتعدى مجرد اتصالات دبلوماسية فى مثل هذا الحالات، والمؤكد أن دفن عمر عبدالرحمن فى مصر أهدر فرصة كان ينتظرها البعض بأن يحولوا الجثمان إلى بطل، فضاعت الفرصة، وصمتت الأصوات كصمت القبور.

ولاحظنا حالة الصمت الإعلامى المتربص بهذا الوطن ومن ذوى الصلة به وأنصار الجماعة الإسلامية بالداخل والخارج، على ما قدمته الحكومة من تسهيلات باعتراف عائلة عمر عبدالرحمن نفسه، وعلى لسان نجله عمار، الذى أكد أن وزارة الخارجية قدمت جميع التسهيلات عن طريق القنصلية المصرية بواشنطن، لعودة الجثمان إلى مصر، كما تحملت الحكومة تكلفة نقل الجثمان وبتعاون كامل.

ولم تضع الحكومة أية شروط أو تحفظات على نقل الجثمان إلى مصر ودفنه، وهو ما فوجئ به من أعدوا العدة للطم الوجوه وشق الصدور على مصر والدولة، بل لم تكن هناك أى شروط خاصة بأعداد حضور مراسم تشييع الجنازة، وهو ما زاد من حزن منتهزى الفرص، خصوصًا مع المتابعات الأمنية على مسار عملية نقل الجثمان من مطار القاهرة إلى الجمالية بالمنصورة.

تجربة التعامل مع جثمان عمر عبدالرحمن أثبتت أن مواجهة الإعلام المضاد لاتحتاج سوى لقرارات حكيمة ودراسات حالة، وليس إلى أيدى المتشنجين.