رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


واشنطن تكشف عن استراتيجية أمن قومي جديدة تنهي "عصر الهجرة" وتعيد صياغة أولويات الناتو بحلول 2027

5-12-2025 | 15:51


الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

دار الهلال

أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استراتيجية أمن قومي جديدة، تكشف عن تغييرات جذرية في أولويات واشنطن العالمية، وتركز بصورة غير مسبوقة على نصف الكرة الغربي، مع إعادة صياغة الدور الأمريكي داخل أوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو). وتضع الوثيقة، الصادرة في 33 صفحة، أوروبا في دائرة القلق عبر تحذيرها من مشكلة "طمس حضاري" محتمل، إضافة إلى الدعوة لوقف توسع الناتو وإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية مع موسكو.

وتتزامن هذه التحولات مع توجه أمريكي واضح لدفع أوروبا إلى تحمل العبء الأكبر للقدرات الدفاعية التقليدية داخل الناتو؛ ففي اجتماع عقد في واشنطن مساء /الخميس/، قال مسؤولون في البنتاجون لعدد من الدبلوماسيين الأوروبيين إن الولايات المتحدة تريد أن تتولى أوروبا غالبية القدرات الدفاعية التقليدية للحلف من الاستخبارات وحتى الصواريخ بحلول عام 2027، وهو جدول زمني اعتبره بعض المسؤولين الأوروبيين "غير واقعي". ووفق خمسة مصادر مطلعة على النقاش، نقلت الرسالة خلال اجتماع جمع مسؤولي سياسات الناتو في البنتاجون بعدة وفود أوروبية، بحسب تقرير نشره موقع "بريكينج ديفينس" Breaking Defense الأمريكي بعد الاطلاع على تفاصيل وثيقة استراتيجية الأمن القومى الجديدة.

وفي خطوة تعكس التحول الجيوسياسي، تؤكد الاستراتيجية المُتضمَّنة في الوثيقة أن الولايات المتحدة ستعيد إحياء وتطبيق "مبدأ مونرو" بشكل موسع، في إطار ما تصفه الإدارة بـ"الملحق الترامبي" للمبدأ التاريخي. وتشدد الوثيقة على أن واشنطن ستعمل على منع القوى غير الغربية من ترسيخ قدرات عسكرية أو السيطرة على أصول استراتيجية داخل نصف الكرة الغربي، مع توسيع الشراكات الإقليمية لمكافحة الهجرة غير النظامية، ووقف تجارة المخدرات، وتعزيز الاستقرار.

وتضع الاستراتيجية أمن الحدود في قلب الأمن القومي الأمريكي، إذ تشير صراحة إلى أن "عصر الهجرة الجماعية قد انتهى" وأن "أمن الحدود هو العنصر الأساسي للأمن الوطني". كما يأتي هذا التوجه في وقت تكثف فيه واشنطن عملياتها البحرية في المنطقة لوقف سفن يشتبه بتورطها في تهريب المخدرات.

أما فيما يتعلق بأوروبا، فتستخدم الاستراتيجية لغة غير معتادة في وثائق رسمية أمريكية، إذ تحذر من "الاحتمال الصارخ لطمس حضاري" في بعض الدول الأوروبية خلال العقود المقبلة، وتربط ذلك بتركيبة سكانية متغيرة قد تؤثر على رؤيتها لدورها العالمي وعلاقتها مع الولايات المتحدة. كما تشير الوثيقة إلى أن واشنطن ستعارض أية "قيود نخبوية معادية للديمقراطية" على الحريات الأساسية في أوروبا، في إشارة يعتقد أنها تتعلق بالانتقادات الأمريكية لقيود فرضتها بعض الحكومات الأوروبية على الأحزاب اليمينية المتطرفة.

وفي ما يتعلق بتوسّع الناتو، تدعو الاستراتيجية إلى "إنهاء التصور ومنع الواقع" المتعلق باستمرار توسع الحلف، في خطوة من المتوقع أن تثير نقاشات واسعة داخل أوروبا، خصوصًا الدول التي تنتظر دعمًا أمريكيًا لمساعيها للانضمام. وفي الوقت ذاته، تحث الاستراتيجية على تعزيز الحوار الدبلوماسي مع موسكو لإعادة بناء أسس "الاستقرار الاستراتيجي" في المنطقة.

وعلى صعيد الاستراتيجية تجاه آسيا، تؤكد الوثيقة أن واشنطن تسعى لبناء قوة عسكرية قادرة على "منع العدوان" داخل السلسلة الأولى من الجزر في المحيط الهادئ، مع مطالبة الحلفاء الإقليميين بـ"المزيد من الإنفاق والمزيد من الفعل" لدعم الدفاع المشترك. كما تشدد على أن منع نشوب صراع حول تايوان سيظل "أولوية"، وأن الولايات المتحدة لا تؤيد "أية تغييرات أحادية" للوضع القائم في مضيق تايوان، وهو موقف قد يلقى ترحيبًا في طوكيو وسيول وكانبيرا.

فالاستراتيجية الجديدة، التي تأتي قبيل مؤتمر ريجان السنوي للدفاع في ولاية كاليفورنيا، تمثل تحولًا شاملاً في رؤية الإدارة الأمريكية للتوازنات الدولية، ومن المتوقع أن تشكل محورًا رئيسيًا للنقاش بين كبار المسؤولين والخبراء الذين سيجتمعون هذا الأسبوع، خاصة في ظل غياب إجابات واضحة عن مستقبل التزام واشنطن تجاه أوروبا وآسيا في ظل إعادة تركيزها على نصف الكرة الغربي.