الأمم المتحدة تستعرض معاناة سكان قطاع غزة والكفاح المستمر للوصول إلى فرصة حقيقة للتعافي
استعرضت الأمم المتحدة في تقرير لها اليوم السبت معاناة سكان قطاع غزة والكفاح المستمر للوصول إلى فرصة حقيقة للتعافي وسط اتفاق هش بين إسرائيل وحركة حماس.
وأوضحت إنه بعد ما يقارب شهرين على وقف إطلاق النار الأخير في 10 أكتوبر، عمت غزة حالة من الهدوء النسبي الذي منح العائلات المنهكة بعضاً من الراحة بعد معاناة لا توصف ونزوح متكرر.
ورغم ذلك، ما زالت آلاف الأسر بلا مأوى، تفترش الأرض.
وأشارت إلى قصة صباح وأحمد التي تجسد معاناة الغزيين. فقد تنقلت الأسرة مع أطفالها السبعة بين الشجاعية والرمال ثم جنوباً إلى رفح ودير البلح والنصيرات قبل أن تعود إلى الشجاعية مرة أخرى. ويقول أحمد: "في كل مرة ننتقل فيها نفقد القليل مما تبقى لدينا".
ويعاني أحمد من مرض في القلب دون إمكانية الحصول على الدواء، بينما أُصيب أحد أطفالهم في رأسه وفقد الذاكرة، وسقط آخر من الطابق الخامس خلال قصف، فيما توفيت طفلته بالتهاب الكبد .
وتقول صباح بأسى: "توفيت أبنتي لأنني لم أستطع تأمين الدواء لها… لم يكن لدينا حتى الطعام، ولا حتى ذرة ملح."
وقبل وقف إطلاق النار، تحولت الحياة إلى صراع يومي من أجل البقاء، أيام تمر دون طعام أو مياه صالحة للشرب. ويقول أحمد: "أصعب ما يمر على الأب أن يرى أطفاله عطشى، ويكون لديه القليل من الماء لكنه يمنعهم من الشرب لأنه يجب أن يكفي لأيام."
ومع وقف إطلاق النار الحالي، برزت فرصة هشة تفرض على المجتمع الدولي التحرك سريعاً حيث تواصل المنظمة الدولية للهجرة وشركاؤها توفير الدعم الطارئ للمأوى لمساعدة العائلات على مواجهة شتاء يقترب بسرعة وبقسوة. ومنذ بدء الهدنة، يستمر تدفق العائلات شمالاً وجنوباً بحثاً عن مأوى آمن، ليكتشف كثيرون أن منازلهم لم تعد سوى أنقاض .
ووفقاً لشركاء المنظمة، تم تسجيل 639 ألف شخص يتحركون من الجنوب نحو غزة المدينة، فيما واصل آخرون طريقهم شمالاً نحو جباليا وبيت حانون. وما تزال أعداد كبيرة تستظل بخيام أو مواقع نزوح مفتوحة أو مبانٍ متضررة لا توفر حماية كافية.
وخلال الشهرين الماضيين، وزعت منظمة الهجرة الدولية أكثر من 660 ألف مادة صحية ومستلزمات إيواء من خلال برنامج سلسلة الإمداد المشترك، من بينها أكثر من 11 ألف خيمة ما تمنح حماية أساسية وشيئاً من الكرامة لأُسر مثل أسرة صباح.
وتقول المنظمة إن المخازن ممتلئة، والشاحنات جاهزة، والمساعدات مُحضرة، ولم يبق سوى فتح المعابر ليصل الدعم إلى مستحقيه.
ومع اقتراب الشتاء، تتزايد الحاجة الملحة إلى مواد الإيواء. ويقول محمد نجار، مدير برنامج في جمعية بيت لاهيا للتنمية، الشريك المحلي للمنظمة:
"العائلات تحتاج بشكل عاجل إلى خيام وبطانيات وملابس دافئة. البرد بدأ، ومن دون مأوى ودفء ستتفاقم المعاناة."
ففي الشتاء الماضي، تُوفي أكثر من عشرة أشخاص، بينهم رُضع، بسبب انخفاض درجات الحرارة، ويمكن نتجنب هذه المأساة هذا العام إذا وصلت المساعدات في الوقت المناسب.
ويضيف نجار: "طريق التعافي الطويل يُمهد بالفعل بجهود العاملين الإنسانيين الفلسطينيين، بدعم المجتمع الدولي. لكن الحفاظ على كرامة وسلامة الفلسطينيين في غزة يتطلب السلام والإرادة المشتركة."
ومع حلول الليل، ستنام العديد من العائلات مرة أخرى تحت السماء المفتوحة. وفر وقف إطلاق النار متنفساً، لكن الشتاء يقترب… والاحتياجات تتصاعد بسرعة، وفقا للبيان الأممي.