فائض غير مسبوق في الكاكاو بكوت ديفوار وسط أزمة سيولة وتراجع عالمي في إنتاج الشوكولاتة
تواجه كوت ديفوار، أكبر منتج للكاكاو في العالم، فائضا كبيرا من المحصول المتكدس في موانئها، مع عجز العديد من المزارعين عن إيجاد مشترين وسط انخفاض الأسعار العالمية وأزمة سيولة تضرب المصدرين المحليين.
ويأتي هذا الفائض بسبب تحسن المناخ، في وقت يشهد فيه قطاع الشوكولاتة العالمي تراجعا في الإنتاج بسبب ارتفاع التكاليف وضعف الطلب في بعض الأسواق، ما فاقم الضغوط على سلاسل التوريد ودفع الشركات إلى تقليص مشترياتها من الحبوب الخام.
وتقول وكالة (بلومبيرج) ، في تقرير لها ، "اكتظت مواني أبيدجان، المركز التجاري، وسان بيدرو بشاحنات الكاكاو على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث وصل وسطاء محملون بالكاكاو بحثًا عن مشترين، وقد أدى هذا الارتفاع إلى ارتفاع شحنات حبوب الكاكاو الأسبوعية إلى أكثر من 100 ألف طن أسبوعيا وهو أعلى من المعتاد في هذا الوقت من العام.
وتضيف "هذا التدفق الهائل أدى إلى ازدحام استمر ثلاثة أسابيع، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة مع تقدم موسم الحصاد نحو يناير، وهذه الأزمة المالية عطلت الدورة الطبيعية التي يعتمد عليها القطاع خلال ذروة الموسم.
ويعاني المصدرون من عجز حاد في التمويل يمنعهم من شراء المحصول بالسعر المعتمد للمزارعين، والعديد من التجار الإقليميين استنفدوا خطوط الائتمان، ولا يملكون القدرة على تخزين الحبوب أو تمويل شحنها.
وضاعف الأزمة ، خفض شركات تصنيع الشوكولاتة إنتاجها بنسبة 4.3% بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل.
وأظهرت بيانات منظمة الكاكاو الدولية تحولا كبيرا في اتجاهات السوق العالمي الآن، وفائضا بنسبة 7.6% مقارنة بالموسم السابق.
وتراجعت الأسعار من مستويات قياسية تجاوزت 9,000 دولار للطن في يناير 2025 إلى نحو 5,500 دولار للطن بحلول ديسمبر، وأكدت مؤسسة "كوفاس" للأبحاث الاقتصادية أن هذا الانخفاض الحاد يعكس توقعات بمحاصيل وفيرة وضعف في الطلب.
وتستحوذ كوت ديفوار وغانا معا على نحو 60% من الإنتاج العالمي، ما جعل زيادة إنتاجهما، وهي مدفوعة بتحسن الأحوال الجوية وتوسع المساحات المزروعة، يتسبب في إغراق الأسواق وتردد المشترين العالميين في تكوين مخزون مرتفع التكاليف.
ويعتمد مئات آلاف المزارعين في كوت ديفوار على الكاكاو كمصدر دخل رئيسي، وكثير منهم اقترض لتمويل موسم الزراعة، ومع انهيار الأسعار، تراجعت العوائد إلى مستويات خطيرة بينما تبقى تكاليف الإنتاج مرتفعة.
وتشير تقديرات بحثية، إلى أن العديد من مزارعي الكاكاو في كوت ديفوار وغانا يعيشون على أقل من دولار واحد يوميا، ما يجعل الأزمة الحالية تهديدا مباشرا لأمنهم المعيشي.
وقبل شهرين فقط، توقع خبراء السوق استقرار الأسعار أو ارتفاعها بشكل طفيف، لكن التوقعات بمحاصيل قوية دفعت الأسواق إلى عمليات بيع كثيفة ومضاربات عمقت الهبوط.
وانخفضت عمليات الطحن داخل كوت ديفوار بنسبة 25.4% في أكتوبر 2025، ما يعكس تردد مصانع الشوكولاتة في الشراء، على أمل الحصول على أسعار أقل، وسط ضبابية حول الطلب الاستهلاكي خلال نهاية العام.
وكان المصدرون منذ أشهر قليلة يعانون من مشكلة معاكسة تمامًا، تمثلت في ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية.. أما الآن فقد انقلب المشهد نحو فائض معروض وغياب ثقة المشترين، ما تسبب في أزمة سيولة خانقة عبر سلسلة الإمداد كلها.
في المقابل ، تباينت توقعات المحللين حول المسار المقبل.. فبينما يتوقع البعض أن تجد الأسعار دعما عند حدود 5,000 دولار للطن إذا استقرت مستويات الإنتاج والطلب، يرى آخرون أن السوق قد يشهد مزيدا من الهبوط إذا استمرت وفرة المحصول وتباطؤ عمليات الشراء.