رئيس مجلس الادارة
عمــر أحمــد ســامي
رئيس التحرير
طــــه فرغــــلي
«الدفا عفا».. تعرف على مقلب مديحة يسري لصديقتها في الشتاء
تستكمل «الهلال اليوم» آراء نجوم الفن وانطباعهم عن أيام وليالي فصل الشتاء، وذلك من خلال ما كتبوه
بأقلامهم في مجلة الكواكب التي كانت تواكب فصول السنة بكل تناقضاتها، سواءً الصيف
أو الشتاء والخريف والربيع، ومن أروقة الزمن الجميل وكنوز الماضي نطرح رأي
الفنانة القديرة مديحة يسري عن فصل الشتاء وبرده القارس.
بدأت مديحة حديثها قائلة: إذا كان كثير من الناس يخافون من "الآخرة" لأنها تحمل في مضمونها معنى
الخوف من "جهنم" والعقاب والحساب، فإنني أخاف من الدنيا لأنها ترتبط
بفصل الشتاء.. والبرد والمطر.. فأنا أخاف من البرد ولا أطيقه، ولا أحبه، ربما
يستهويني فقط أن أطل من وراء النافذة لأشهد حبات المطر وهي تتساقط على أوراق الشجر، وربما يستهويني أيضاً أن أتأمل جلال الطبيعة وهي تستحم بالماء، كأنها تمسح عن
نفسها عرق الشهور الساخنة الحارة، ولكن الذي لا يستهويني أبداً أن أرى طفلاً يتلفح
بالبرد.. لأنني أكره البرد، ولا أطيق أن تلفحني منه نسمة، ولو رقيقة من الرطوبة.
وشهور الشتاء عندي هي شهور الأزمات، بالنسبة لي ولصديقاتي، ففي ليالي الشتاء يحلو
السهر، والمناسبات، والسهر لا يحلو بغير دعوة الأصدقاء والصديقات، ومن هنا تحدث
الأزمة، إنني أرفض كل دعوة للسهر تصلني في الشتاء، أفضل دائماً أن أحوط نفسي
بدفء البيت، وبحرارة المدفأة، وهناك وسائل كثيرة للدفء أحرص عليها وحدي في البيت، منها القراءة والموسيقى والملابس الثقيلة.
ومن حسن حظي أن جميع الصديقات والأصدقاء يعرفون عني في فصل الشتاء أنني أدين بمبدأ
"الدفا عفا"، لهذا لم يعد رفضي لدعواتهم شيئاً مزعجاً، أو مسبباً
للأزمة التي تحدث بين الداعي ومدعو في حالات الرفض.
وفي الأسبوع الماضي، وقعت أزمة حقيقية بسبب البرد، فقد تعرفت بصديقة جديدة، ورأت
هذه الصديقة أن تدعم أولى خيوط الصداقة بدعوة كريمة إلى قضاء يوم معها خارج البيت.. وتحيرت .. ماذا أفعل؟ هل أسوق لها تاريخ الشتاء في حياتي؟ هل أحكي لها عن خوفي
من الشتاء والبرد؟ وهل سوف تصدقني؟ ربما يبدو لها أنني من طراز غريب من الناس، ولكنها
لن تصدق أبداً أن الرفض أساسه البرد، وربما خمنت شيئاً آخر.. ومع ذلك لم أكن أستطيع أن أقضي يوماً
على حساب مخاوفي ومتاعبي.
حاولت بشتى الأساليب الدبلوماسية، أن أنحي عن ذهنها فكرة هذه النزهة لكنها لم
تستجب، ولم يكن هناك بد من تحويل الأمر إلى "هزار" يوصلني إلى الغرض،
فطلبت منها أن تنتظرني في مكان ما، ورأيت أن يكون هذا المكان محلاً عاماً،
وأعتقد أنها لم تجلس أكثر من عشر دقائق حتى وصلها تلغراف مني قلت لها فيه "
الدفا عفا يا صديقتي".
ودق جرس التليفون في بيتي، وكانت هي المتحدثة، ومن العجيب أنها أبدت اعتذارها
آسفة لأنها كانت ستسبب لي كثيراً من متاعب البرد الذي عانته هي خارج البيت .. ثم
جلست بعد ذلك أستمتع بالدفء في منزلي.