ارتفعت أسعار النحاس إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بعد أن حددت الصين النمو المحلي كأولوية اقتصادية قصوى للعام المقبل، وسط تخزين المعدن في الولايات المتحدة.

وذكرت وكالة بلومبيرج اليوم /الاثنين/ أن سعر المعدن الصناعي ارتفع بنسبة 1.3% ليصل إلى 11,771 دولارا للطن، متجاوزا الرقم القياسي الذي سجل في الجلسة السابقة.

جاء هذا الارتفاع الأخير بعد أن أعلنت بكين اليوم أنها ستتمسك بنهج مالي "أكثر استباقية" وستحافظ على سياسة نقدية "متساهلة إلى حد ما" لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ونقلت الوكالة الأمريكية عن شو وانكيو المحللة في شركة الوساطة الصينية "كوفكو فيوتشرز" قولها "تظهر قراءات المكتب السياسي بيئة اقتصادية أكثر استباقية مما توقعه المستثمرون، وسيستفيد النحاس من دعم السياسات لتحديثات شبكات الكهرباء، وقوة الحوسبة، ولا يزال الزخم إيجابيا للغاية".

وكانت بيانات التجارة الصينية داعمة أيضا، حيث انتعشت الصادرات الشهر الماضي لتتجاوز التوقعات وتدفع الفائض التجاري للبلاد إلى ما يزيد على تريليون دولار للمرة الأولى في أي عام.

وارتفع سعر النحاس، وهو معدن أساسي للكهرباء والتحول في مجال الطاقة، بأكثر من 30% في بورصة لندن للمعادن هذا العام.

وواجه الطلب الجديد - الذي غذته مراكز البيانات والمركبات الكهربائية - شحا في المعروض العالمي، مع نمو طاقة الصهر بوتيرة أسرع من قدرة المناجم على مواكبة الطلب، وقد أدت سلسلة من انقطاعات العمل في المناجم إلى تفاقم نقص المواد الخام.

وتسارعت وتيرة الارتفاع في الأسابيع الأخيرة نتيجة للمخاوف من نزوح المعدن إلى الولايات المتحدة تحسبا لفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية العام المقبل.

وقد أدى ذلك إلى تقليص المخزونات ودفع علاوات الأسعار في أماكن أخرى إلى مستويات غير مسبوقة، كما تسبب في ارتفاع أسعار العقود الآجلة في نيويورك بشكل كبير متجاوزة نظيراتها في بورصة لندن للمعادن.

في سياق متصل، توقعت وكالة الطاقة الدولية ظهور عجز كبير في إمدادات النحاس العالمية خلال العقد المقبل، قد يصل إلى 30% بحلول عام 2035، في ظل الارتفاع المتسارع في الطلب على المعدن نتيجة التحول الطاقي العالمي والتوسع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وتشير الوكالة إلى أن قطاع النحاس يواجه تحديات هيكلية معقدة، أبرزها تراجع جودة الخامات وارتفاع تكاليف الاستثمار، فضلا عن طول المدد الزمنية اللازمة لتطوير مشاريع التعدين الجديدة، وهو ما يجعل رفع الإنتاج بوتيرة سريعة أمرا بالغ الصعوبة مقارنة بالمعادن الحرجة الأخرى.

كما عدلت المجموعة الدولية لدراسة النحاس توقعاتها لعام 2026، لترجح تحول السوق العالمي للنحاس المكرر من فائض كان مقدرا بنحو 209 آلاف طن إلى عجز يبلغ 150 ألف طن، نتيجة تباطؤ نمو الإنتاج مقابل زيادة الطلب.

وتقدر بيانات السوق أن قيمة صناعة تعدين النحاس بلغت 9.24 مليار دولار عام 2024، مع توقعات بارتفاعها إلى 13.93 مليار دولار بحلول عام 2035، مدفوعة بمعدل نمو سنوي يصل إلى 3.8% خلال الفترة من 2025 إلى 2035.

وتواصل الصين تعزيز هيمنتها على سوق النحاس العالمي، إذ تسهم حاليا بأكثر من نصف الإنتاج العالمي من النحاس المكرر.