شمال سيناء.. بوابة التاريخ وروح المستقبل
محافظة شمال سيناء تمثل «خليطًا» مميزًا من التاريخ الغني، الطبيعة الخلابة، التراث الثقافي، والمقومات السياحية المتنوعة، من شواطئ البحر المتوسط إلى محميات الطيور، من تلال وأطلال أثرية إلى مسارات دينية عريقة، كل هذا يجعلها أرضًا واعدة تستحق الاهتمام والتطوير، لتكون وجهة حقيقية للسياحة الثقافية والبيئية ولترسيخ ثقافة أصيلة تعبّر عن الهُوِيَّة السيناوية.
الموقع والخصائص الجغرافية
وتقع محافظة شمال سيناء في الشمال الشرقي لمصر، وتُعتبر «الحصن الشرقي» للوطن، يحدّها شمالًا البحر المتوسط، وجنوبًا محافظة جَنُوب سيناء، وشرقًا فلسطين، وغربًا محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس.
والمساحة الإجمالية للمحافظة تبلغ نحو 28.99 ألف كم²، لكن ما يقارب 7.25 % فقط من هذه المساحة مأهولة بالسكان.
تضم المحافظة 6 مراكز إدارية و6 مدن، بالإضافة إلى 85 وحدة محلية قروية، وسكان شمال سيناء يُقدَّر عددهم بـحوالي 512 ألف نسمة (أوائل عام 2024) حسب الإحصاءات الرسمية.
التاريخ والتراث .. ملامح حضارية وأثرية
تضم شمال سيناء عددًا من المواقع الأثرية والتلال التاريخية التي تعود إلى عصور متعددة: فرعونية، رومانية، نبطية، إسلامية وغيرها. من أبرز هذه المواقع: الفرما (بيلوزيوم الأثرية) شمال قرية بالوظة، حيث آثار مدينة رومانية قديمة تتضمن مسرحًا وقلعة وحمامات.
و توجد تلال أثرية عديدة مثل تل الكنائس، تل الشهداء، تل قصراويت، تل المحمديات وغيرها، إضافة إلى قلعة العريش التاريخية التي بُنيت في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1560م على أنقاض قلعة أقدم.
وهذا التاريخ المتعدد الطبقات.. الفرعوني، الروماني، الإسلامي، العثماني، يمنح المحافظة مكانة تراثية وثقافية غنية، و الطبيعة والبيئة – محميات وشواطئ ومقومات للسياحة البيئية.
وتمتد المحافظة على شريط ساحلي طويل على البحر المتوسط، ما يمنحها شواطئ خلابة ومناخًا مميزًا وسواحل طبيعية يسعى إليها عشاق البحر والطبيعة.
تضم شمال سيناء محميات طبيعية هامة، من أبرزها محمية الزرانيق التي تُعد محطة رئيسية لهجرة الطيور من أوروبا إلى أفريقيا، وتُعتبر موطنًا دائمًا لطيور مهاجرة وأنواع محلية من الطيور.
و توجد بحيرات وسبخات طبيعية من بينها بحيرة البردويل، وبيئات متنوعة تشمل ساحلية، بحيرية، صحراوية، وجبلية، ما يتيح تنوعًا طبيعيًا بيئيًا يجذب محبي السياحة البيئية، السفر والترحال، وصيادي الطبيعة.
الثقافة، التراث الشعبي، والحياة المجتمعية
شمال سيناء تتميز بتراث حضاري متنوع — من تأثيرات الفترات الفرعونية والرومانية إلى الإسلامية والعثمانية، ما يُشكل خلفية ثقافية غنية.
المحافظة تعرف بحرف يدوية وتراث شعبي يعكس خصوصيتها المحلية، وهو جزء من هُوِيَّة سيناء الثقافية.
أيضًا تحتضن آثارًا لمسارات تاريخية ودينية مهمة، مثل طريق طريق العائلة المقدسة، الذي مرّ عبر سيناء ضمن الرحلة التاريخية للعائلة المقدسة، ما يمنح الأرض بعدًا روحيًا وتاريخيًا يُضفي قيمة دينية على السياحة في المنطقة.
إمكانات السياحة الشاملة .. ثقافية وبيئية ودينية وسياحة طبيعية
يمكن للمحافظة أن تكون وجهة للسياحة المتنوعة: من سياحة أثرية وتراثية عبر المواقع التاريخية والتلال والقلع، إلى سياحة بيئية وطبيعية تشمل محميات طبيعية، شواطئ وبحيرات ومناطق ريفية وصحراوية.
و السياحة الدينية تمثل فرعًا مهمًّا بفضل المسارات التاريخية مثل طريق العائلة المقدسة، بالإضافة إلى آثار إسلامية وتراث حضاري.
وزير الثقافة يعلن اختيار شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية 2026
وفي خطوة مهمة ومميزة اليوم أعلن الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، اختيار محافظة شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية لعام 2026، وذلك بعد موافقة اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، على مقترح وزير الثقافة باستضافة مدينة العريش لأعمال الدورة السابعة والثلاثين من مؤتمر أدباء مصر خلال ديسمبر الجاري.
ويأتي هذا القرار في إطار رؤية وزارة الثقافة لتعزيز حضور الأنشطة الثقافية والفنية في مختلف ربوع الجمهورية، ودعم الخطط الهادفة إلى تنشيط الحركة الثقافية في شمال سيناء، بما يعكس اهتمام الدولة بمدّ جسور الثقافة والإبداع إلى جميع المحافظات.
وأكد وزير الثقافة أن اختيار مدينة العريش لاستضافة مؤتمر أدباء مصر يُجسّد مكانتها التاريخية والحضارية، ودورها في إثراء المشهد الثقافي المصري، مشيرًا إلى أن فعاليات عام الثقافة ستمتد إلى مختلف مدن شمال سيناء، وستتضمن برامج متكاملة تشمل الفنون والآداب والتراث والأنشطة الموجّهة للشباب والأطفال.
ووجّه وزير الثقافة الشكر إلى اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، لدعمه المستمر للأنشطة الثقافية، وللتعاون المثمر بين المحافظة ووزارة الثقافة في خدمة الحركة الأدبية والفنية.
تقديم كامل الدعم لمؤتمر أدباء مصر
وأكد الوزير أن وزارة الثقافة تحرص على تقديم كامل الدعم لمؤتمر أدباء مصر، ليخرج بصورة تليق بمكانته كأحد أبرز الفعاليات الفكرية والأدبية في مصر، ولتعكس الدور الريادي للوزارة في تعزيز الثقافة والإبداع على مستوى الجمهورية، وأوضح أن الوزارة ستعمل بالتنسيق الكامل مع محافظة شمال سيناء لضمان خروج فعاليات مؤتمر أدباء مصر، وفعاليات «عاصمة الثقافة المصرية 2026»، بصورة متميزة تبرز إرث العريش الثقافي والحضاري، وتؤكد على مكانتها كمدينة محورية على خريطة الثقافة المصرية
ورغم الإمكانات الكبيرة، شهدت السياحة في شمال سيناء تحديات: في الماضي كانت المنشآت الفندقية محدودة، وعدد المواقع السياحية والخدمات أقل من المطلوب، لكن في السنوات الأخيرة، مع استقرار الأوضاع واهتمام الدولة بالتنمية، بدأت جهود إعادة تنشيط السياحة، وتحسين البنية التحتية والاستعداد لاستقبال الزوار للاستفادة من هذه المقومات الطبيعية والتراثية.