رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عندما يأتى المساء.. نساء من ألف ليلة وليلة يسحرن عوالم حلمى التونى

8-3-2017 | 13:16


 

 

تقرير: شيرين صبحي

عدسة: إبراهيم بشير

 

ورود وطيور وأسماك ونخيل ونبات صبار بأشواكه الحادة، ونساء من الزمن الجميل، بملامح مصرية أصيلة، جميلات بعيون كحيلة، يخترن في ألوان مبهجة مرحة، يتكئن على مقاعدهن، يغنين ويرقصن، أو يعزفن على آلات موسيقية، وعلى مسافات بعيدة يطل رجل أو اثنان، بشوارب مفتولة وجلابيب صعيدية، وطرابيش حمراء.

يحرص الفنان حلمي التوني التوني على إضفاء البهجة إلى لوحاته، لتشع مرحا وجمالا يخفف من الأجواء المشحونة بالتوتر والاضطرابات التي يعيشها العالم، يمزج بين التراث والفن والتاريخ والعادات والأساطير، ليقدم لوحات تنضح بالطزاجة تأخذنا إلى عالم من السحر والجمال، إنه الفردوس المفقود الذي لا يكف عن مطاردته، فيأخذ بأيدينا لنتنسم بعض رحيقه.

نساء خرجن من حواديت ألف ليلة؛ رائقات، رقيقات، يمتلئن أنوثة، لا ينتمين إلى العالم الذي تعيشه المرأة اليوم التي تجري على الأرصفة أو تلهث في الطرقات وتقهرها ضغوط الحياة؛ فنساؤه يملؤهن الاعتزاز والثقة بالنفس، يعيدنا إلى المرأة في البيئة الشعبية خلال الزمن الماضي، يأخذ من حيويتها وينثرها فوق لوحاته.

للمرأة في لوحات التوني رفقاء ليسوا دائما من البشر، فهناك الأسماك والطيور والنخيل، أما طائر الهدهد فدائما ما ينقل رسالة ويبوح بأسرار إلى المرأة التي تمثل أم الدنيا، يأتيها بنبأ عظيم، يبشرها برسائل أمل أنه بعد الوجع والاغتراب لابد أن تهل روائح الأمل.

“عدى النهار والمغربية جاية تتخفى ورا ضهر الشجر، وعشان نتوه في السكة شالت من ليالينا القمر».. تنحني امرأة جميلة على إحدى الترع تغسل شعرها، يبدو من خلفها الشجر، في لوحة يستلهمها التوني من قصيدة شاعرنا الراحل عبد الرحمن الأبنودي التي كتبها عقب هزيمة ١٩٦٧ ويتنبأ فيها بالانتصار وعدم الاستسلام.

غنى عبدالوهاب «عندما يأتي المساء ونجوم الليل تنثر»، بينما غنى عبد الحليم بـ»عدي النهار والمغربية جيه تتخفي ورا ظهر الشجر». اختلفت الرؤي بين الليل الجميل الذي يتزين بالنجوم، وبين الليل الحزين المتخفي خلف ظلال الشجر، أغنيتان شجيتان يستلهمهما التوني في معرضه الجديد الذي يحتضنه جاليري بيكاسو بالزمالك.

انتشرت علي صفحات لوحات التوني الخلفيات السوداء الليلية، التي تتغني فوقها مشاهد فرحة مضيئة بالألوان والأنوار والظلال، فانتصر لأغنية عبدالوهاب وأطلق اسمها على معرضه الذي يستمر حتى ١٦ مارس الجاري، ولعلها في ذات الوقت تكون نبوءة وبشارة بنهار جديد، وصباح « أبو الشمس بترش الحنين» كما تمنى الأبنودي في الأغنية التي غناها العندليب.. يفتح التوني عيوننا على سحر الليل وما يصحبه في خيالنا من أنس وطرب، ويقدم لوحات غنائية تحمل رشاقة الكلمة وجمال الموسيقى، فنشاهد نماذج متعددة للمرأة الشعبية وهي تطل من نافذتها أو تنظر في مرآتها، بينما الفلاحة المصرية تستند على النخيل الباسق، أو تحمل آنيتها الفخارية وترتدي طرحتها التقليدية.

تحية إلى الفنانين هنري ماتيس وجوجان، يبعث بها التوني في لوحات تحاكي أعمالهما، ولكن برؤيته الخاصة، أما الرائد محمود سعيد فبعث له تحية أخرى عبارة عن امرأة في ملابس بنات بحري تحاكي اللوحة الشهيرة للفنان الراحل.

لا يفقد التوني الحلم، حتى لو كان يرسم أشجان البشر، فهذه لوحة عن ملائكة البطرسية الذين اغتالتهم أيدي الغدر، فجاءوا يحلقون بأرديتهم البيضاء، في لوحة اختار لها الفنان اللونين الأبيض والأسود، تزينها ورود حمراء لون الدم الذي مازال يروي هذه الأرض..!