حصار عالمي للجماعة الإرهابية.. الإخوان تنظيم منبوذ دوليًا
قرارات دولية متتالية تستهدف تنظيم وأفرع جماعة الإخوان وتصنيفها كمنظمات إرهابية، تلاحق الجماعة خلال الفترة الأخيرة، كان آخرها ما أعلنته ولاية فلوريدا الأمريكية، اليوم، بشأن تصنيف تنظيم الإخوان ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين، وذلك بعد شهر تقريبا من اتخاذ ولاية تكساس للخطوة نفسها تجاه المنظمتين
وفي 24 نوفمبر الماضي، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يبدأ الإجراءات الرسمية لتصنيف فروع محددة من جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية أجنبية، وهي فروع التنظيم في مصر ولبنان والأردن، وذلك لمواجهة "الشبكة العابرة للقارات للإخوان التي تغذي الإرهاب"، حسبما أكد بيان البيت الأبيض آنذاك.
كما وجه القرار الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسينت بالتشاور مع المدعي العام ومدير الاستخبارات الوطنية لتقديم تقرير مشترك خلال 30 يوما لتقييم ما إذا كان يجب تصنيف هذه الفروع ككيانات إرهابية بموجب القانون الأميركي، على أن تتخذ الإجراءات اللازمة للتصنيف خلال 45 يوما إضافيا، بما يشمل تجميد الأصول، وحظر السفر، وفرض عقوبات اقتصادية.
وقبل أيام، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عن قرار وضع جماعة الإخوان تحت مراجعة دقيقة تمهيدًا لإدراجها على لوائح الإرهاب، حيث أكد المتحدث باسم ستارمر، أن الجماعة المتطرفة، التي حاولت خلال السنوات الماضية نسج علاقات مؤثرة مع هيئات ومؤسسات حكومية، باتت اليوم تحت تقييم أمني وقانوني شامل يدرس إمكانية حظرها في إطار قانون مكافحة الإرهاب
وفي أوروبا لجأت عدة دول لاتخاذ إجراءات مشابهة، حيث تدرس الحكومة والبرلمان في ألمانيا، مشروعًا لتصنيف الإخوان كمنظمة محظورة هناك، بعد تقارير أمنية أكدت ازدياد نشاط الجماعة داخل المراكز الثقافية ودور العبادة، كذلك في النمسا حيث تبحث الحكومة تشديد القوانين المنظمة للتمويل والنشاط الديني، مع مناقشات وقرارات في دول أخرى منها بلجيكا وفرنسا التي لجأت إلى قرارات أخرى منها التحضير لقانون جديد يحد من تمدد الجماعة.
تداعيات على التنظيم
قال الدكتور أحمد كامل البحيري، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن لجوء عدة دول في الوقت الراهن إلى تصنيف تنظيم الإخوان كجماعة إرهابية وحظرها، أمر غير مفاجئ إلى حدّ كبير، فقد سبقت فرنسا بخطوات منذ نحو عام، استناداً إلى تقرير صادر عن وزارتي الداخلية والخارجية يخص نشاط الجماعة في فرنسا، وخلال تلك الفترة أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعاً مع مجلس الدفاع الوطني الأعلى، واتُّخذ سلسلة إجراءات تهدف إلى الحدّ من تمدد نفوذ الإخوان داخل بنية الدولة الفرنسية.
وأوضح "البحيري"، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن ماكرون كلّف وزارتي الداخلية والخارجية بإعداد تقرير يُفترض تقديمه مع نهاية هذا العام، يتناول عدداً من المنظمات والجمعيات، وفي مقدمتها “مسلمو أوروبا” التابعة لتنظيم الإخوان، مضيفا أن الخطوات التي بدأت تظهر مؤخراً في الولايات المتحدة، فهي امتداد للتحرّكات الأوروبية خلال العام الماضي.
وأشار إلى أنه ينطبق الأمر ذاته على الإجراءات التي اتخذتها ألمانيا، والتي شملت حظر بعض الجمعيات المرتبطة بالإخوان، مضيفا أن ما أُعلن اليوم من قبل ولاية فلوريدا وقبلها ولاية تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية يأتي ضمن مسار متكامل يستهدف ما يُعرف بـ“مجلس العلاقات الأمريكية– الإسلامية”، المرتبط بتنظيم الإخوان، وهو من أكثر المجالس تأثيراً داخل البنية الأمريكية، ويمتلك نحو اثنين وثلاثين فرعاً في عدة ولايات.
وأكد أن القرارات تخص مؤسسات الإخوان في أوروبا وأمريكا، لأن التنظيم ليست لها هياكل تنظيمية صريحة هناك كما هو الحال في الدول العربية، بل يعمل من خلال مؤسسات وجمعيات تُمارس نشاط التنظيم، سواء عبر الجامعات الأهلية أو جماعات الضغط مثل المجلس الإسلامي الأمريكي، مشيرا إلى أنه من المرجح أن تمتد هذه الإجراءات إلى ولايات أمريكية أخرى، إلى جانب القرار الفيدرالي الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي تضمن توجيهاً لوزارة الخارجية بتصنيف بعض أفرع الإخوان جماعات إرهابية، وفي مقدمتها فروع مصر والأردن ولبنان.
أما عن تداعيات هذا التصنيف والحظر على بنية التنظيم في هذه الدول، أضاف أنه فمن المتوقع أن ينعكس ذلك على حركة الأموال وتنقلها بين الأفراد، وعلى علاقات بعض المسؤولين الدوليين مع عناصر أُدرجت على قوائم الإرهاب، كما سيُقيّد نشاطهم داخل المنظمات الدولية وتحركاتهم في عدد من الدول، خاصة الأوروبية، إذ يُتوقع أن يؤثر القرار الأمريكي بقوة على مواقف عدة دول أوروبية وآسيوية لم تأخذ أي قرارات جدية تجاه التنظيم، لاتخاذ إجراءات مشابهة ضد الإخوان والتنظيمات التابعة لهم.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة ربما تأخذ خطوات أخرى تجاه أفرع التنظيم في عدة دول، لكن من غير المرجح أن يشمل القرار كل فروع التنظيم، نظراً لوجود حساسية في بعض الدول التي يرتبط فيها الإخوان بالعملية السياسية، مثل المغرب والكويت والبحرين، مضيفا أنّ الأهم هو أن فرع التنظيم المصري، باعتباره الأكثر تأثيراً وفاعلية، كان محور هذه القرارات، إلى جانب ما يترتب على ذلك من انعكاسات على نشاط التنظيم الدولي الموجود في لندن، وخاصة على علاقة بريطانيا بجماعة الإخوان.
وعن القرار البريطاني، أكد أن قرار رئيس الوزراء البريطاني بشأن إعادة التدقيق في نشاط الجماعة، هو مرحلة أولية قد يُبنى عليها قرارات أخرى، ويُمهد لإجراءات أشمل مستقبلاً، في بريطانيا التي تعد الراعي الأم لجماعة الإخوان على مر تاريخها، مضيفا أنه قد يصدر لاحقاً تضييق على نشاط بعض الأفراد أو حتى قرارات بالحظر.
ولفت إلى أن هناك عدة دوافع وراء القرار البريطاني منها نشاط متزايد للإخوان خلال الفترة الأخيرة في عدد من الدول الأوروبية، وارتباط بعض عناصرهم بجهات أو أفراد موضوعين على قوائم الإرهاب في عدة دول وخاصة الدول الأوروبية، فالنشاط الإخواني أصبح معلومًا للجميع، وهو ما جعل استمرار تجاهل هذه الأنشطة أمراً يسبب حرجاً للدول ومنها بريطانيا في علاقاتها الدولية.
التنظيم محاصر دوليا
ومن جانبه، قال الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، إن زيادة قرارات الحظر ضد جماعة الإخوان تؤكد أن التنظيم بات محاصرا دوليا بشكل غير مسبوق حيث لم تعد مزاعم الاعتدال والخطاب المزدوج تنطلي على أحد، مضيفا أنه أصبح هناك وعي متزايد بخطورة التنظيم على الأمن والاستقرار فقرارات الحظر تؤدي إلى تقليص أنشطته ومنع تمويله وغلق جمعياته التي تعمل تحت ستار العمل الخيري.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه الخطوات تمنح الأجهزة الأمنية والقانونية أدوات فعالة للمراقبة والتتبع والتحجيم، فضلا عن أن الرمزية السياسية لهذه القرارات تؤثر على صورة التنظيم أمام الرأي العام الغربي وتفقده القدرة على الضغط السياسي والإعلامي وقدرته على استقطاب الشباب أو التغلغل في المؤسسات.
وأشار البرديسي، إلى أن موجة الحظر تعني أن التنظيم فقد الكثير من حواضنه وأنه لم يعد يجد حماية من بعض الحكومات التي كانت تغض الطرف عن تحركاته مما يعكس تغيرا كبيرا في المناخ الدولي الذي بات يرى في الإخوان خطرا فكريا وأمنيا لا يقل عن باقي التنظيمات المتطرفة.