في مثل هذا اليوم تأسست منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" عام 1964، والتي تعد إحدى أبرز الهيئات الدولية التي كرست جهودها لحماية الأطفال ورعاية حقوقهم في شتى أنحاء العالم ، ومنذ تأسيسها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تطورت ولاية المنظمة وبرامجها وشعاراتها لتعكس رسالتها المتنامية في دعم الأطفال الأكثر ضعفا، والارتقاء بأوضاعهم الصحية والتعليمية والاجتماعية.
تأسيس اليونيسف ومسيرتها الأولى
في 11 ديسمبر 1946 ، تأسست منظمة اليونسيف بموجب القرار 57 (د-1) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، نتيجة تصويت بالإجماع في الدورة الأولى للجمعية عقب الحرب العالمية الثانية، لتوفير الإمدادات والمساعدة للأطفال ، وكان اسمها الأصلي "صندوق الطوارئ الدولي للأطفال التابع للأمم المتحدة"، وبدأت كصندوق إغاثة مؤقت تابع للأمم المتحدة، وبالتالي كان يحق لها استخدام شعار الأمم المتحدة.
ركزت اليونيسف في البداية على توفير الغذاء والملابس والأدوية للأطفال والأمهات في أوروبا والصين وفلسطين التي مزقتها الحروب، ومنذ أوائل خمسينيات القرن الماضي بدأت المنظمة في وضع أهدافا طويلة الأجل تستهدف الدول النامية ، بإطلاق تدابير تستهدف الأمهات والرضع، وتقديم استشارات في مجال التغذية، وتوزيع أغذية غنية بالفيتامينات، ومكافحة الأمراض ، وإنشاء آلاف المراكز الصحية ،والحاق الأطفال والمراهقين بالمدارس.
وفي عام 1950، توسعت اليونيسف لتشمل معالجة الاحتياجات طويلة الأجل للأطفال والنساء في البلدان النامية في كل مكان، وأصبحت في عام 1953 جزءا ثابتا من منظومة الأمم المتحدة، وتم حينها اختصار الاسم ليصبح "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" ، مع الاحتفاظ بالاختصار المستمد من الاسم الأصلي.
تطور شعار اليونيسف
مر شعار اليونيسف بعدة تحديثات تعكس توسع دورها العالمي؛ فبدأ بصورة "طفل يشرب الحليب" التي جسدت نشاط المنظمة الأول ، مع الاحتفاظ بعناصر من شعار الأمم المتحدة مثل غصني الزيتون والكرة الأرضية ، ومع توسع عملها وصدور اتفاقية حقوق الطفل عام 1959، تحول الشعار في التسعينيات إلى صورة "أم ترفع طفلها" رمزا للأمل والأمان.
وفي عام 1975 تم اعتماد أول شعار قياسي عالمي مسجل لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ثم جرى تعديله عام 1978 ليتماشى مع الاتجاهات البصرية السائدة ، وفي الذكرى الأربعين لتأسيس اليونيسف عام 1986 تغير الخط واللون إلى الأزرق الفاتح مع إصدار أول دليل للمعايير البصرية ، وفي 2001 أُطلق الشعار الحالي مع تبسيط الصورة وتحديث الألوان لتعكس حيوية الأطفال، ثم أضيفت عبارة "اتحدوا من أجل الأطفال" عام 2008 لتعزيز دور المنظمة ، وفي 2016 أصبحت عبارة "لكل طفل" جزءا أساسيا من الشعار لتعبر عن الولاية العالمية لليونيسف وتركزها على الأطفال الأكثر ضعفا.
دور اليونيسف في حماية الطفل عالميا
تسترشـد المنظمة في عملها باتفاقيـة الأمم المتحدة لحقـوق الطفل التي تحمي الأطفال الموجودين في نزاع مع القانون ،وهو مجال يهتم بمنع العنف ضد الأطفال وسـوء معاملتهم واسـتغلالهم وبالرد على هذه الانتهاكات، ويتم هذا العمل في أوسـاط قانونية واجتماعية مختلفة ، بما في ذلك المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، ويمثل قضاء الأحداث جزءا جوهريا من التزامات اليونيسف لضمان المحاكمة العادلة وحماية حقوق الطفل.
وعلى مدار تاريخها، ومنذ نشأتها، قدمت المنظمة المساندة في مجالات عديدة ، منها : مناصرة حقوق الأطفال حول العالم ، والنهوض بإغاثة الأطفال من الفقر والجوع وحمايتهم من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية ، وضع برامج طويلة الأجل معنية بالبقاء والتنمية ، وتقديم الخدمات الأساسية من التعليم وتنمية المهارات ، وتطوير بيئة أكثر صحة وأمانا للأطفال وأسرهم في كل مكان ، و توفير المياه المأمونة والصرف الصحي.
وتعمل اليونسيف الذي يقع مقرها بمدينة نيويورك ، في أكثر من 190 بلدا وإقليما ، وفي بعض الأماكن الأكثر صعوبة ، من أجل الوصول إلى الأطفال واليافعين الأشد حاجة للمساعدة ، وتعمل من خلال مكاتب قطرية في جميع أنحاء العالم إلى جانب 32 لجنة وطنية ، وسبعة مكاتب اقليمية ومركز أبحاث في فلورنسا ، وعملية إمداد في كوبنهاغن ، ومركز خدمات مشترك في بودابست ، إضافة إلى مكاتب أخرى في بروكسل وجنيف وسول وطوكيو ، وتمول بالكامل من خلال الدعم التطوعي الذي يقدمه ملايين الناس حول العالم وشركاؤها من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
جهود اليونيسف في مصر
تعمل اليونسيف بالشراكة مع الحكومة المصرية ومنظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدني لضمان حصول كل طفل وطفلة في مصر على حقوقهم دون تمييز ، خاصة فيما يتعلق بالصحة والسلامة البدنية والنفسية وكذلك حصولهم على التطعيمات الأساسية، والتغذية السليمة كبداية صحية لحياتهم.
وخلال شهر نوفمبر الماضي ، احتفل المجلس القومي للطفولة والأمومة باليوم العالمي للطفل بالتعاون مع منظمة اليونيسف تحت شعار "رحلة بناء ذاتي"، برعاية السيدة الفاضلة انتصار السيسي قرينة السيد رئيس الجمهورية ، وبحضور وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي ، ورئيسة المجلس الدكتورة سحر السنباطي ، والسيدة إلينا بانوفا المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، ونتاليا ويندر روسي ممثل اليونيسف في مصر، ولفيف من الشخصيات العامة والدولية.
وأكدت الفعالية التزام مصر بحقوق الأطفال وتعزيز الشراكات بين الحكومة والمجتمع المدني ومنظمات التنمية والقطاع الخاص لضمان تمتع كل طفل بحقوقه وفرصة في التعبير عن ذاته وبناء مستقبله بثقة وإبداع.
وفي مطلع شهر ديسمبر الحالي ، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء فيديو عبر منصاته استعرض جهود الدولة لتعزيز جودة التعليم وتنمية المهارات الأساسية لدى طلاب المرحلة الابتدائية، عبر البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة ، الذي يعد أحد المبادرات الوطنية الرائدة التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع منظمة اليونيسف، بهدف تحسين جودة التعليم من خلال مناهج مطورة وأساليب تعلم حديثة تراعي الاحتياجات الفردية في التعلم.
وفي السياق ذاته ، نفذت منظمة اليونيسف بالشراكة مع الحكومة المصرية مبادرة (صحتنا في بيئتنا) في عدد من المحافظات ، والتي تهدف إلى إبراز السلوكيات الصحيحة في التغذية والنظافة العامة والشخصية، ورفع الوعي البيئي لدى الطلاب ، وقد تم تنفيذها على مستوى 150 مدرسة بمحافظة أسوان في أغسطس 2024 ، وشملت غرس مجموعة من الأشجار في المدارس، وتوعية الأطفال والمعلمين بترشيد استهلاك المياه والاستخدام الآمن للصرف الصحي.
الخاتمة
لقد كانت اليونيسف، منذ تأسيسها قبل قرابة ثمانية عقود، ولا تزال، ركيزة أساسية في حماية حقوق الطفل عالميا ، وقد تطورت رسالتها وأساليب عملها لتشمل الإغاثة والتنمية والدعم الاجتماعي والقانوني والصحي والتعليمي، مما جعلها منظمة محورية في بناء مستقبل أكثر عدلا وأمنا لكل طفل في كل مكان.