رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الإرهاب القادم ليس إرهاب الأمس ولا إرهاب اليوم الطاعون الإرهابى من الإقليمية إلى العالمية

8-3-2017 | 13:26


بقلم –  سفير د. رضا شحاتة

رغم النكسات تلو النكسات، والضربات القاتلة المميتة التى تتلقاها تنظيمات الإرهاب وخلاياه السرطانية التى تفتك بالمدنيين الآمنين الأبرياء، رجالًا ونساءً وأطفالًا، بل وتتاجر فى أسواق النخاسة بفتياتهم، فى بقاع العالم العربى المصابة بأوبئة الإرهاب فى الموصل وفى الرقة حتى سيناء .. مصر لم تنج منها برغم الضربات الساحقة كل يوم وكل ساعة حيثما كانوا فى الكهوف والصحارى والجبال.

لكن هذا الوباء الإرهابى كالأفاعى، تقطع الرأس فتنمو له رؤوس أخرى فى أماكن أخرى وتسحق ديدانه، فإذا بها تظهر فى مستنقعات إرهابية متوطنة، كما نرى فى شمال سيناء وفى العريش، وهى كلها مظاهر تتطلب الكثير من المراجعة والتوقف وإعادة البحث لاستكشاف سبل علاج ناجع لهذا السرطان الذى لم تُجدِ معه العلاجات المستخدمة، بعد أن استطاع هذا الوباء أن يحور، وأن يطور من تكتيكاته مستخدمًا أعقد وأحدث تكنولوجيات العصر المتاحة، يقاوم بها أحدث أسلحتنا وأشدها فتكًا من خلال تطوير استراتيجيتنا وأساليبنا القتالية، بعد أن يتأكد لنا عقب كل معركة وكل نكسة يصاب بها هذا العدو أنه لم يزل يختبئ فى شكل جديد؛ ليضرب فى عمق الجسد المصرى شمالًا وجنوبًا، مستمدًا الدعم التكنولوجى والتسليحى من مصادر وعواصم معادية لمصر.

حقيقة الأمر اليوم وخطورته أن هذا الوباء السرطانى، ينتقل من المستوى المحلى أو حتى دون المحلى فى إحدى مناطق مصر ـ من صحراء سيناء متمثلًا فى صعيدها أو صحرائها الغربية إلى المستوى الإقليمى خارج الخليج العربى (العراق) أو إلى الدول المجاورة لها أو خارج سوريا (لبنان والأردن) أو إلى الدول المجاورة لها فيما يعرف بالإرهاب العابر للحدود والدول المجاورة، فى استراتيجية جديدة لتنظيم ما يسمونه (بالدولة الإسلامية) ألا وهى تحويل المنطقة كلها فى الشام والعراق والأردن ولبنان وسيناء إلى مسرح واحد شامل متسع يتحرك فيه ذهابًا وإيابًا ظهورًا واختفاء مخترقًا الحدود الشاسعة فى المشرق والمغرب والساحل المتوسطى ثم باتجاه أوروبا ذاتها ثم عابرًا الأطلنطى إلى أميريكا نفسها.

واذا كان الخبراء العسكريون يرون أن القوة النيرانية لهذه الدول بما فيها مصر رغم كل شئ تفوق ألف مرة القوة النيرانية للتنظيمات الإرهابية فإن عدم التناسب فى القوة النيرانية ليس هو المعيار الأساسى بعد تطوير أدوات الإرهاب باستخدام الطائرات (دون طيار) الموجهة وهى سلاحه الجوى البدائى الجديد من خلال تلك (الطائرات بدون طيار) ومن خلال أسلوب التعددية المتتابعة أو الفورية فى أماكن ومسارح مختلفة متزامنة بتوجيه تلك الضربات بهدف محدد، وهو تحطيم (المعنويات) وغرس الشعور القاتل بالخوف والذعر لا فى مسارح العمليات فحسب بل داخل المدن والعواصم فى الدول العربية ذاتها حتى الآمنة منها، ثم ينتقل من العواصم العربية إلى العواصم الأوروبية والى المدن الأمريكية تحديدًا.

كذلك فإن القراءة المدققة فى هذا السياق لفقرات محددة من خطاب الرئيس الأميريكى (ترامب) أمام الكونجرس بمجلسيه النواب، والشيوخ ٢٨ فبراير ٢٠١٧ حين قال إنه وجّه وزارة الدفاع لأن تضع الخطة لتدمير وتحطيم وإبادة (استخدم ترامب هذه الكلمات الثلاث المحددة) لشبكة الوحوش الضالة التى ذبحت المسلمين والمسيحيين تمامًا مثلما فعلت داعش مع المسيحيين المصريين فى ليبيا، وكما فعلت بأقباط مصر الأبرياء الشهداء بالأمس فى العريش مع رجالهم ونسائهم فى أطفالهم.

وربما جاء فى كلمات (ترامب) رغم قلتها فى هذا السياق ما يمكن أن يكشف عن بعض الخطوط العريضة الاستراتيجية واشنطن الجديدة التى تعد الآن لها وزارة الدفاع وهى تقوم تحديدًا على العمل مع الحلفاء، بما فى ذلك الأصدقاء والحلفاء فى «العالم الإسلامى» بهدف القضاء على هذا العدو من سطح كوكب الأرض.

مفتاح هذه الاستراتيجية، كما يقول خبراء أميريكيون إن أمن الوطن الأميريكى والدفاع عن الأمن القومى الأميريكى لا يبدأ من داخل الولايات المتحدة بل يبدأ من خارجها، أى من المناطق الموبوءة بالطاعون الإرهابى الأسود فى المشرق وفى سيناء وفى ليبيا والممتد من العواصم الأوروبية، وهو الآن فى طريقه عبر الأطلنطى إلى الداخل الأميريكى ( وأرجح أن هذا التعاون سيكون على رأس أولويات مباحثات السيسى ـ ترامب فى واشنطن فى زيارته لها هذا الشهر).

البروفيسور «بروس هوفمان» الأستاذ بجامعة «جورج تاون الأميريكية» ومؤلف كتاب (داخل معاقل الإرهاب) يرسم صورة شديدة القتامة بعد أحداث باريس فى ١٣ نوفمبر ٢٠١٥ حين جرى ذبح العشرات فى إحدى الحفلات الموسيقية وبعض المقاهى باستخدام أخطر تكنولوجيات الإرهاب (الطائرات بدون طيار)، وهو ما يرفع درجات الرعب والفزع إلى أقصى درجة ومرتبة من خلال تكتيكات الهجوم المتزامن باستخدام ما نسميه (بالخفافيش) الصناعية الموجهة، وهى ظاهرة تتكرر اليوم فى ساحات القتال فى الموصل وفى سوريا على نحو ما نقلت قناة التليفزيون الأميريكية (سى بى إس)، وهذه الأدوات التى أسميها مجازًا (الخفافيش) ليست إلا طائرات هيلكوبتر بدائية معدلة تحمل القنابل ودانات المدفعية القتالية لضرب المدنيين وقتل العشرات بل المئات فى العواصم والمدن الكبرى.

وأمام العالم وقنواته التليفزيونية تباهى (داعش) بسلاحها الجديد وتنشر صورة مع (المجندين) الجدد فى الخلايا الإرهابية حول كيفية استخدام هذه «الخفافيش» الصناعية البدائية، كما لو كان التدريب على الأنشطة الإرهابية بمثابة حصة فى التدريب المهنى، وهذه المهنة لا تعدو فى حقيقتها أن تكون الإرهاب والضربات الإرهابية التى يسمونها كذبًا (الجهاد) المقدس، والغريب العجيب أن القنابل تصوب بدقة عالية فوق العربات المدرعة، لكن دوائر الأبحاث المتخصصة، ترى فى تكتيكات الإرهاب التى استحدثتها (داعش) أنه يستخدم (الخفافيش) الصناعية لتشتيت انتباه الجنود أو القوات البرية من الخطر الأكبر والأشد ألا وهو اقتراب العربة الانتحارية المفخخة التى تحدث التفجير القاتل للمئات لا للعشرات من الجنود والأفراد، ويؤكد البروفيسور (هوفمان المتخصص فى استراتيجية الإرهاب أن الأسلحة المستخدمة اليوم فى ساحة القتال أصبحت تنتقل إلى المسرح المدنى الأوسع.

ويعنى هذا التحول فى الاستراتيجية والتكتيك معًا أننا أمام مرحلة جديدة، كما أن الصراع إذا كان سيخرج من الموصل، وإذا كان سيخرج من حلب أو من الرقة أو من تدمر، أو حتى إذا أصيب بنكسات وهزائم فى ساحة القتال فى سيناء مصر، فإن المخطط الاستراتيجى الجديد هو الانتقال إلى المسرح المدنى فى المدن والعواصم ليس فى العراق وسوريا، بل سوف يمتد إلى العواصم ومن الدول العربية ومدن الساحل المتوسطى الجنوبى عابرًا المتوسط دول جنوب المتوسط فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، إلى قلب أوروبا، وحتى إذا كانت هذه الاستراتيجية الجديدة لم تزل فى سياق الاحتمالات أو الافتراضات فإن أحد خبراء مكافحة الإرهاب فى المركز المتخصص فى قاعدة (وست بوينت) العسكرية فى الولايات المتحدة يرى أن استخدام (خفاش) صناعى صغير(الطائرات بدون طيار) أو مجموعة من تلك الخفافيش الصناعية من خلال التوجيه الذاتى تتمتع بخصائص الهجوم القاتل والتأثير النفسى المروع، ويؤكد هذا الخبير أن هذا الخطر أصبح اليوم واقعًا ملموسًا تواجهه الدول والعواصم فى كل القارات.

وفى سياق هذه الحرب النفسية القاتلة فإن المتخصصين فى رصد ومتابعة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية من خلال الرسائل المشفرة أو الإعلام المشفر كما يقال قد لاحظوا أن التنظيم يستخدم خفاشًا صناعيًا خاصا به لنقل الصور ولنشر فيديوهاته المفزعة عن الذبح والعمليات الانتحارية عبر كل وسائل التواصل الاجتماعى المتاحة.

الرسالة واضحة تمامًا وهى أنه كلما تكبدت (داعش) خسائر أكبر وأكبر فى سيناء مصر ـ مثل موصل العراق ـ ومثل حلب فى سوريا والرقة وتدمر، فإنها تزداد شراسة ويزداد إحساسها بالحاجة إلى إبراز قوتها وتأكيد تأثيرها، وليست الفيديوهات الانتحارية وعمليات شن الهجمات الإرهابية فى دول الغرب ـ مثل دول المشرق العربى إلا مجرد الظاهر من هذه الاستراتيجية.

عندما وقع الحادث الإرهابى فى ليلة رأس السنة الجديدة فى أحد الأندية الليلية فى مدينة اسطنبول التركية على شاطئ البوسفور، لقى ٣٩ شخصا مصرعهم، لم يكن القاتل، كما تصفه الصحافة مجرد أحد (الذئاب المنفردة) بل إنه كان يحتفظ فى بيته ـ بعد ما ألقى القبض عليه وجرى تفتيش منزله كان الإرهابى القاتل يحتفظ بخفاشين صناعيين (طائرتين بدون طيار) فى منزله كأدوات معدة للاستخدام ضد المدنيين فى المدينة التركية.

هذه المظاهر إذا كانت توحى باستنتاج يوضح استراتيجية (داعش) التى تقوم على تحوير وتطوير أساليبها، فذلك هو أنها تخطط للاستمرار فى الحرب حيثما كانت وأينما كانت وبكل الطرق المتاحة لها سواء خرجت من سوريا أو من العراق، ويقطع خبراء الإرهاب فى بلجيكا مثلا أنهم لا يعرفون على وجه اليقين فى أى شكل وفى أى صورة سوف تظهر العمليات الإرهابية (لداعش)، وأن كل ما تعرفه الأجهزة الاستخباراتية عن التنظيم أنه يستعد لكى يواجه الهزيمة بالتحول إلى العمل السرى تحت الأرض، بعد أن أصبح الاحتفاظ بهدف (الخلافة) أمرا شبه مستحيل، فقرر الانتقال من التنظيم المركزى إلى التنظيم اللامركزى عبر عواصم العالم كله.

ويستقرئ المحللون لرسائل (التنظيم) على مواقعه الإلكترونية أن تنظيم الدولة الإسلامية يُعد العدة لشن هجوم على مستوى عالمى؛ أى الحرب للهجوم ثم الانسحاب أو كما نسميه نحن الكرّ والفرّ، ومع تراجع مساحة الأرض التى ظل التنظيم يسيطر عليها فى سوريا وفى العراق، ومع الحرب التى يخوضها الجيش الليبى فى المناطق الشرقية، ومع ضراوة الحرب التى تخوضها قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية فى سيناء فإن تنظيم الدولة الإسلامية يعلن بوضوح أنه سوف يوسع آفاقه العملياتية، واستراتيجية التنظيم على هذا الأساس هى استراتيجية الحرب طويلة الأجل فى الشهور، بل السنوات القادمة، وإن كان ذلك يتوقف على قدرة التنظيم فى إعادة تأسيس قواعده بين صفوف من يسمون «بالمقاتلين الجهاديين» فى مناطق أخرى من العالم بدءا من مساحات القتال فى نيجيريا شمال شرقى نيجيريا (بوكو حرام) إلى السواحل الليبية التى ترتع فيها الفوضى على الحدود الغربية لمصر إلى الصحراء الموحشة فى سيناء (هكذا تحدد استراتيجية التنظيم مسارح الحرب القادمة) وفوق جبال أفغانستان وأدغال جنوب الفلبين، وهى كلها تمثل المناطق التى يحاول التنظيم تجنيد العملاء وتكوين الشبكات والخلايا اللامركزية لتحريكها فى الوقت المناسب.

استراتيجية التنظيم كما يحلله الخبراء لا تقف عند هذا الحد فقط، فهم يتجهون كما يستقرئ الخبراء ويسعون إلى السيطرة، وكما يقولون فى أدبياتهم على العاصمة باريس، ومن قبلها السيطرة على روما وعلى أسبانيا، بعد أن تذيق شعوبها الويلات وبعد أن تدمر «البيت الأبيض» و «العاصمة البريطانية» و «برج إيفل» وهى أى استراتيجية التنظيم ـ كما قرأها خبراء مكافحة الإرهاب فى أدبياتهم تسعى إلى السيطرة على مدن كابول وكراتشى ومنطقة القوقاز (روسيا) بل ومدينة «قم» إحدى المدن الإيرانية والمزارات المقدسة (ضريح الإمام الخومينى) وتمتد الاستراتيجية إلى الرياض فى السعودية وإلى طهران، وبغداد ودمشق والقدس والقاهرة وصنعاء والدوحة وأبو ظبى حتى يعود الحكم والسيادة والقيادة للمسلمين فى كل مكان كما يقولون ويخططون وصولًا إلى تحقيق هذه الاستراتيجية العالمية، حيث لا تتوقف أجهزة تنظيم «الدولة الإسلامية» عن نشر دعاياتها بهدف تجنيد المسلمين «الغاضبين المحبطين»، بل وتجنيد قطاعات من غير المسلمين فى أوروبا وفى الولايات المتحدة، ويرى الخبراء كذلك فى استراتيجية (داعش) أن أخطر العوامل التى أعطت مصداقية وتأثيرًا لدعاية التنظيم ذلك الخطاب الفج المتشدد المعادى للمسلمين فضلًا عن السياسات العنصرية التى انتهجها الرئيس الأميريكى (دونالد ترامب) منذ توليه الرئاسة وقبل ذلك.

ويرى أحد الخبراء المحللين فى مؤسسة(راند) الأمريكية ذات الصلة الوثيقة بأجهزة الأمن والدفاع فى واشنطن (برايان جينكيز) أن الخطر الذى يطرحه تنظيم (داعش) داخل الولايات المتحدة يتجاوز خطر (التسلل) سواء (الفردى أو الفكرى ) بل يتعداه إلى التأثير الأشد بما يسمونه فى علم النفس (بالاستهواء) أو التأثير «بالإيحاء النفسى» وإن كانت أنشطة التنظيم فى أوروبا خاصة فى تركيا فى العامين الأخيرين تطرح تصورًا عامًا عن أسلوب التنظيم الإرهابى فى تنفيذ عملياته.

أحد الخبراء (الأتراك) فى مكافحة الإرهاب، وهو يعمل حاليًا أستاذا بجامعة (جورج ماسون) الأمريكية فى واشنطن يرى أن التنظيم لديه منهج محدد فى تقسيم العمل، ويستخدم العملاء المحليين فى تنفيذ (التفجيرات الانتحارية)، وهى لا تحتاج إلى مهارات متقدمة، أما الهجمات التى تتطلب تخطيطًا تنفيذًا عسكريًا أى له طابع عسكرى قتالى عال، فالتنظيم يكلف به «العناصر الجهادية» ذات الخبرة القتالية المتمرسة، وهذه العناصر تكون وافدة من الخارج، ثم تظل فترة من الزمن فى تركيا كامنة دون نشاط ومجهولة تقريبًا حتى تضرب ضربتها القاتلة، وهذه هى بالضبط عملية النادى الليلى ليلة رأس السنة فى اسطنبول، حين دخل «القاتل» إلى تركيا بطريقة مشروعة وظل مقيمًا فيها لمدة عام مع زوجته وأطفاله فى إحدى المدن بالأقاليم التركية حتى تم (تنشيطه) قبل العام الجديد بعشرة أيام ليلة الهجوم الإرهابى، حين انتقل إلى إحدى الشقق فى اسطنبول، حيث قام التنظيم بنقل الأسلحة إلى منزله عبر شبكته السرية فى الداخل.

ولعل أكثر الأعمال الإرهابية ضراوة وإثارة للفزع والرعب، هى ما يرتكبه أبعد الناس ارتباطًا أو صلة بتنظيم «الدولة الاسلامية»، وهو نفس ما حدث مع المواطن التونسى الذى كان يقود الشاحنة فى مدينة (نيس) الفرنسية الصاخبة فى الاحتفال (بعيد الباستيل) فى العام الماضى حين قتل ٨٦ شخصا وأصاب أكثر من (٤٠٠) آخرين، ولم تكن له علاقة واضحة محددة بالتنظيم برغم إعلان التنظيم المسئولية عن العملية.

ـ خبير الإرهاب الأميريكى (هوفمان) الأستاذ بجامعة جورج تاون يرى أن مثل هذا الإنسان استطاع التنظيم (اجتذابه) إلى القيام بالعملية بطريق «الإيحاء النفسى» أو الاستهواء أو التحفيز المعنوى» دون تجنيد وارتباط مباشر، ومن ثم كما يقول الخبير فالتنظيم يطبق عدة أساليب متوازية، إما تنفيذ العمليات بطريقة مباشرة ومحددة، أو بطريق الذئاب المنفردة بمجرد التأثير والتحفيز النفسى أى باستخدام (التأثير عن بعد) بوسائل التواصل الاجتماعى وما يعرف فى أساليب التنظيم (بالبرقية)، وهى تلك الأساليب المتعددة المتطورة، من رسائل شفرية، إلى ذئاب منفردة إلى خفافيش صناعية (طائرات بدون طيار)، يعتمد عليها التنظيم للبقاء والاستمرارية؛ حتى يبعث من جديد وتنشر خلاياه السرطانية فى جسد المشرق العربى والشمال الأفريقى وجنوب المتوسط وقلب أوروبا وعبر الأطلنطى إلى قلب الولايات المتحدة.

الخطر الإرهابى تحول هذا العام والأعوام القادمة من خطر محلى إلى تهديد إقليمى أوسع لا يستثنى أحدًا، ثم إلى أخطار عالمية وجودية تنذر الجميع شرقًا وغربًا بالدمار، فكأننا اليوم وقد تجاوزنا عصر الصراعات الحدودية والصراعات القومية، والصراعات الاقتصادية والعرقية وصراعات مناطق النفوذ إلى ما هو أفدح وأعظم، إلى صراعات الوجود ذاته، إما أن نكون أو لا نكون، إما أن نكون مصريين الكل فى واحد أى فى خندق واحد ضد الخطر الداهم الذى ينذر بالخروج من سيناء إلى قلب مصر، وإما أن نكون عربًا مشرقًا ومغربًا أى فى خندق واحد أيضًا ضد خطر يهدد هويتنا الحضارية ووجودنا القومى والتاريخى، وكذلك إما أن نكون فى مصفوفة إنسانية واحدة تدافع عن وجودها ضد هذا الطاعون الأسود الجديد الذى لم يستثن عاصمة أو مدينة فى العالم القديم أو الجديد إلا وأعد لها الاستراتيجية للسيطرة والهيمنة.

فيا أيها المصريون ويا أيها العرب اتحدوا وليكن الكل فى واحد حتى لا يرتفع فوق الوطن العربى ذلك العلم المجلل بالسواد.