لم تكن جوهر جاسباريان مجرد مطربة أوبرا، بل كانت حالة فنية نادرة حملت في صوتها تاريخًا من الشغف والهجرة والموهبة الخالدة، من أرمينيا إلى القاهرة، ثم عودة إلى الوطن، صنعت مسيرة استثنائية جعلتها واحدة من أعظم الأصوات الأوبرالية في القرن العشرين.

وُلدت جوهر جاسباريان في أرمينيا، وعاشت جزءًا مهمًا من حياتها في القاهرة، حيث التحقت بأكاديمية الموسيقى لصقل موهبتها الفنية، وفي عام 1948، عادت إلى أرمينيا ضمن موجة نزوح الأرمن من الشرق الأوسط إلى الاتحاد السوفيتي، لتبدأ هناك مرحلة جديدة من رحلتها الفنية.

التحقت جاسباريان بمعهد الكوميتاس الحكومي للموسيقى، أحد أهم الصروح الأكاديمية في أرمينيا، والذي حمل اسم مؤسس المدرسة الوطنية الأرمنية للموسيقى، ومن خلال هذا المعهد، ثم دراستها في كونسرفتوار يريفان الموسيقي الحكومي، اكتمل نضجها الفني وتكرست موهبتها عالميًا.

في عام 1949، انطلقت مسيرتها الاحترافية من دار الأوبرا الأرمينية، حيث تألقت في تقديم 23 أوبرا خلال مشوارها الفني، إلى جانب حفلاتها الفردية التي حظيت بإعجاب الجماهير والنقاد، لتفرض اسمها كواحدة من أهم الأصوات الأوبرالية في التاريخ.

حصدت جوهر جاسباريان العديد من الجوائز الرفيعة، من بينها لقب فنانة الشعب السوفييتي، ووسام لينين، أعلى الأوسمة في الاتحاد السوفيتي، إلى جانب وسام الصداقة بين الشعوب، ووسام القديس ميسروب ماشتوتس، فضلًا عن لقب بطل العمل الاشتراكي، تقديرًا لعطائها الفني وتأثيرها الثقافي.

في 16 مايو 2007، رحلت جوهر جاسباريان عن عمر ناهز 83 عامًا، لكنها تركت إرثًا فنيًا خالدًا لا يزال يلهم الأجيال الجديدة. ظل اسمها محفورًا في تاريخ الأوبرا العالمية، كرمز للصوت الاستثنائي والموهبة التي لا تموت.