في مئوية الزعيم ناصر.. كيف طوّع الفن سلاحًا تنمويًا (2 ـ 5 )
ظهرت قيمة الفن عند رجال الجيش عندما
طلبوا في إشارة منهم للقيادة بأن تشدو لهم أم كلثوم بأغنية خصيصاً لهم أثناء
حصارهم في الفالوجا وكان ضمن الدفعة الرئيس جمال عبد الناصر، وبعد قيام الثورة
كانت أم كلثوم أول من ذهب إلى مبنى القيادة بقصر القبة لتهنئ الضباط الأحرار وتشد
على أيديهم ، وأحيت أم كلثوم أول حفل وطني لرجال الثورة في 30 أكتوبر 1952 وشدت
بأغنيتين وطنيتين وهما " مصر التي في خاطري" و"مصر تتحدث
عن نفسها .. وعلم ناصر ومجلس قيادة الثورة بمرض أم كلثوم وهي صوت مصر، فأوفدوها
لرحلة للعلاج بأمريكا في أوائل عام 1953 وودعها حتى الطائرة الضابط أنور السادات ،
واستمرت فترة العلاج قرابة العام ، وعندما من الله عليها بالشفاء عادت إلى مصر .. وهكذا
كان حرص ناصر والقيادة السياسية على الفن ورموزه .
حفل بمناسبة شفاء أم كلثوم
وتقديراً لدور الفن وما يقدمه لخدمة المجتمع وتحية خاصة لصوت مصر أم كلثوم أقيم في
السابع من يناير عام 1954 بمسرح سينما ريفولي حفلاً بمناسبة شفاءها , حضره رئيس
الجمهورية محمد نجيب والبكباشي جمال عبد الناصر نائب الرئيس وكل مجلس قيادة الثورة،
وحسب تقرير جريدة أخبار اليوم عدد الجمعة 8 يناير، بدأ صلاح سالم الكلمة وحيا فيها
أم كلثوم وحياها الرئيس محمد نجيب تحية رقيقة وهنأها بالشفاء.
وكان من المفروض أن تغني أم كلثوم ثلاث وصلات
وهي جددت حبك ليه ورباعيات الخيام والأمل لكنها انسجمت وغنت أربع أغنيات، وقالت لو
طلب مني الجمهور أن أغني للصباح لغنيت لهم ، وطلب منها صلاح سالم أن تستبدل أغنية
الأمل بأنشودة السودان واستجابت أم كلثوم لطلبه وقبل أن تشدو فاجئت الجماهير بكلمة
حيت فيها أبناء السودان وأبلغتهم أطيب أمنيات مصر بمناسبة تشكيل أول وزارة سودانية
..
الضباط يغنون مع أم كلثوم
غنت في الوصلة الرابعة مصر التي في خاطري ولم
تكن تلك الأغنية في الحسبان فهي تسلتزم وجود كورس يردد معها وإذا بالموجودين
جميعاً من أكبر كبير إلى أصغر صغير يرددون معها ويشتركون في غناء الأنشودة وتنتهي
أم كلثوم من الغناء ويسدل الستار وتعود لتحية ووداع الحضور ولكنهم لم ينصرفوا
وازدادوا تصفيقاً وكانت الفرقة قد انصرفت واضطرت أم كلثوم أن تستدعي الموسيقيين
والطريف أن بعضهم قد وصل إلى الشارع وقد أعادتهم مرة أخرى ورفع الستار من جديد
لتغني أم كلثوم نصف ساعة أخرى.
الفن يحتفي بعيد الثورة
واحتفالاً بعيد الثورة الثاني أقيم بنادي
ضباط الشرطة بالزمالك حفلاً يوم 23 يوليو 1954 حضره الرئيس جمال ورجال الثورة ووفد
سوداني وكثير من الوفود العربية التي أتت لمشاركة مصر أعياد الثورة غنت فيه أم
كلثوم أربع أغنيات وهي (جددت حبك ليه) ثم ( ياظالمني ) ثم قصيدة (السودان) احتفاءً
بالوفد السوداني واختتمت أم كلثوم بقصيدة (صوت الوطن) مصر التي في خاطري واشترك
الضباط مع كوكب الشرق في غناء القصيدة الأخيرة.
أغنية خاصة للرئيس جمال
في أعقاب محاولة اغتيال ناصر في حادث
المنشية في أكتوبر 1954 أقيم حفل بنادي الضباط بالزمالك في 30 أكتوبر 1954
ابتهاجاً بتوقيع اتفاقية الجلاء واحتفالاً بنجاة الزعيم حضره الرئيس جمال عبد
الناصر ومجلس قيادة الثورة والسفير السوري والقائم بأعمال لبنان وعبد الرحمن عزام
الأمين السابق للجامعة العربية والشيخ الباقوري ولفيف من رجال السلك السياسي،
لتحييه أم كلثوم وتشدو لأول مرة بأغنية تذكر فيها اسمه وهي (ياجمال يا مثال
الوطنية) من نظم أحمد رامي وألحان السنباطي وكانت تلك هي الوصلة الأولى .. ومن
الطريف بعد انتهاء الوصلة عند الدقيقة 37 مع الموسيقى بدأ الضباط والحضور يرددون
ويغنون بدون موسيقى : أجمل أعيادنا المصرية بنجاتك يوم المنشية ، وأطلت أم كلثوم
برأسها من ثنايا الستارة لتقوم بدور المستمع وظلت تطل برأسها مبتهجة لمدة ثلاث
دقائق ثم انفرج الستار وهبطت أم كلثوم لتصافح الرئيس جمال وضيوفه وشدت على يده
بقوة والضباط يرددون نفس المقطع ثم تقدم رامي لمصافحة الرئيس والحضور ثم ألقى
الرئيس كلمة في هذه المناسبة واختتمت
الحفل بأغنية (ياظالمني).
يتبع ...