رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بوليتيكو: قمة الاتحاد الأوروبي على المحك بسبب الخلاف حول الأصول الروسية المجمدة

18-12-2025 | 09:32


الاتحاد الأوروبي

تقف قمة الاتحاد الأوروبي المقررة اليوم الخميس أمام اختبار حاسم، في ظل انقسامات حادة بين الدول الأعضاء حول استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل مساعدات مالية عاجلة لأوكرانيا، ما يهدد بإفشال التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة.. فبينما ترى دول في شمال وشرق أوروبا، وفي مقدمتها ألمانيا، أن الأصول المجمدة تمثل الخيار الوحيد القابل للتطبيق لدعم كييف، تصر دول أخرى على بدائل تقوم على الديون المشتركة للاتحاد.
وأوضحت صحيفة بوليتيكو الأوربية، أن دبلوماسيين أوروبيين يسابقون الزمن للتوصل إلى تسوية صعبة في اللحظات الأخيرة، أملاً في إنقاذ اتفاق بشأن تقديم مساعدات مالية حيوية لأوكرانيا، وذلك قبيل قمة قادة الاتحاد الأوروبي عالية المخاطر المقررة اليوم في بروكسل.
وقبيل ساعات من انعقاد القمة، بدا قادة الدول الـ27 منقسمين إلى معسكرين متعارضين يصعب التوفيق بينهما، وسط خلافات علنية حول آلية تمويل كييف، أعادت إلى الواجهة الانقسامات الحادة بين شمال وجنوب أوروبا بشأن الديون المشتركة، وهي الانقسامات نفسها التي قوضت وحدة الاتحاد خلال أزمة منطقة اليورو.
وينحصر الخلاف الرئيسي حول ما إذا كان ينبغي منح أوكرانيا قرضًا مدعومًا بأصول البنك المركزي الروسي المجمدة، والتي يحتفظ بمعظمها بنك يوروكلير في بلجيكا، أم اللجوء إلى خيار بديل يقوم على إصدار ديون مشتركة للاتحاد الأوروبي.
وتؤكد ألمانيا، إلى جانب دول شمال وشرق أوروبا، أنه لا بديل عن استخدام الأصول الروسية المجمدة.. إلا أن هذا التوجه يواجه معارضة متزايدة من بلجيكا وإيطاليا، اللتين تدفعان باتجاه خطة بديلة، القائمة على دعم أوكرانيا عبر ديون أوروبية مشتركة مضمونة من ميزانية الاتحاد. كما تعارض بلغاريا ومالطا والمجر وسلوفاكيا استخدام هذه الأصول.
وفي تعبير واضح عن عمق الانقسام، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنها ستطالب خلال اجتماع المجلس الأوروبي بتوضيحات حول المخاطر المحتملة لاستخدام الأصول الروسية، في حين شدد المستشار الألماني فريدريش ميرز على ضرورة المضي في هذا الخيار للمساعدة في إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن.
وبدأت ملامح مسار محتمل للخروج من الأزمة تتبلور، رغم أنه سيتطلب مفاوضات شاقة لساعات طويلة. فقد فتحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بحذر، الباب أمام خيار الديون المشتركة خلال خطاب لها في البرلمان الأوروبي بستراسبورج أمس.
وقالت: "اقترحت خيارين على المجلس الأوروبي المقبل، أحدهما قائم على الأصول، والآخر على الاقتراض الأوروبي. وسيتعين علينا أن نقرر أي طريق نختار".
وبحسب أربعة دبلوماسيين أوروبيين، يتمثل مفتاح هذا السيناريو في استبعاد المجر وسلوفاكيا – اللتين تعارضان تقديم مزيد من الدعم لأوكرانيا – من آلية الديون المشتركة. ويمكن من حيث المبدأ التوصل إلى اتفاق بين الدول الـ27، على أن ينص الترتيب النهائي على مشاركة 25 دولة فقط في التمويل.
ومن شأن أي اتفاق من هذا النوع أن يوفر شريان حياة حاسمًا للمالية العامة الأوكرانية، التي قد تنفد مواردها بحلول أبريل المقبل.
وفيما توقع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ألا تُناقش مسألة الأصول الروسية في بروكسل، وأن تتركز المباحثات على القروض المشتركة، رد دبلوماسيون آخرون بأن هذا الطرح غير دقيق، مؤكدين أن الأصول الروسية لا تزال الخيار الوحيد المطروح.
ورغم الضغوط السياسية المتزايدة على الاتحاد الأوروبي لإثبات قدرته على مواجهة التحديات الوجودية التي تواجه أوكرانيا، أبدى دبلوماسيون من الجانبين تشككهم في إمكانية التوصل إلى تسوية.
وتظل فكرة الديون الأوروبية المشتركة مرفوضة تقليديًا من قبل دول الشمال، التي لا ترغب في ضمان سندات لصالح دول جنوبية مثقلة بالديون.
وقال دبلوماسي أوروبي رفيع، طلب عدم الكشف عن هويته:" أقرب ما يشبه الوضع الحالي هو الأزمة المالية بين عامي 2012 و2013، وإنقاذ اليونان في 2015".
فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، ينفي الدول الشمالية أن يكون رفضها استخدام السندات الأوروبية المشتركة نابعًا من القلق بشأن قدرة دول الاتحاد الأخرى على السداد، موضحين أنهم يفضلون الاعتماد على الأصول الروسية المجمدة لأنها توفر لأوكرانيا تدفقًا ماليًا أكبر وأكثر استدامة على المدى الطويل.
وقال دبلوماسي أوروبي ثانٍ: "الأمر لا يتعلق بصراع بين دول مقتصدة وأخرى منفقة، بل بموقف مؤيد لأوكرانيا أو لا"، مشيرًا إلى أن دول شمال وشرق أوروبا تصدرت جهود تمويل احتياجات أوكرانيا العسكرية خلال السنوات الأربع الماضية.
ورغم أسابيع من المفاوضات الشاقة بشأن الأصول الروسية، جاءت محاولات إقناع بلجيكا بنتائج عكسية، إذ ترفض بروكسل بشدة استخدام الأموال الروسية المحتجزة لدى يوروكلير، ونجحت في استقطاب حلفاء إلى صفها.
وقال دبلوماسي أوروبي ثالث: "المفوضية خلقت وحشًا، ثم ابتلعها هذا الوحش"، في إشارة إلى خطة الأصول.
وفي المقابل، تحذر ألمانيا وحلفاؤها من أنه لا يوجد بديل حقيقي عن استهداف أموال يوروكلير. وقال دبلوماسي رابع: "إذا أردنا تحركًا أوروبيًا مشتركًا، فإن قرض التعويضات هو السبيل الوحيد".
وتقوم فكرة القرض المدعوم بالأصول على أن أوكرانيا لن تضطر إلى سداده ما لم تدفع روسيا تعويضات بمليارات الدولارات لإعادة إعمار المدن الأوكرانية المدمرة، وهو سيناريو يُعد غير مرجح في الوقت الراهن.
ومن المتوقع أن يدفع رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر باتجاه خيار الديون المشتركة خلال قمة الخميس، على أمل أن يلقى دعمًا من قادة آخرين، معتبرًا أن هذا النموذج أقل كلفة ويوفر وضوحًا أكبر.
لكن منتقدي هذا الطرح يشيرون إلى أنه سيتطلب أيضًا موافقة رئيس الوزراء المجري الموالي لروسيا، الذي هدد مرارًا بعرقلة أي مساعدات مالية إضافية لأوكرانيا.
ويرى دبلوماسيون أن تجاوز هذا الجمود سيتطلب من المفوضية ابتكار صيغة تضمن استمرار الدعم لأوكرانيا، مع السماح لأوربان بحفظ ماء الوجه، وربما إعفاء دافعي الضرائب في المجر وسلوفاكيا من تحمل كلفة الدفاع عن أوكرانيا.
وكتب أوربان على منصة إكس أن المفوضية تدفع الآن باتجاه القروض المشتركة، لكننا لن نسمح لعائلاتنا بدفع ثمن حرب أوكرانيا»، مضيفًا أن الأصول الروسية لن تكون مطروحة على طاولة المجلس الأوروبي.. غير أن مسؤولًا أوروبيًا رفيعًا سارع إلى نفي هذا الادعاء، مؤكدًا أن قرض التعويضات لا يزال مطروحًا بقوة.