بدر شاكر السياب.. ذكرى رحيل شاعر المطر
تحل اليوم ذكرى رحيل الشاعر الكبير بدر شاكر السياب، أحد أبرز الأصوات التي شكلت ملامح الشعر العربي الحديث، وفتحت آفاقًا جديدة للقصيدة خارج إطارها التقليدي، لم يكن شاعرًا عابرًا في تاريخ الأدب، بل تجربة إنسانية وشعرية عميقة، امتزج فيها الألم بالأمل، والذات بالوطن، والواقع بالأسطورة، ليصبح صوته معبرًا عن جيل كامل وتحولات كبرى عاشها العالم العربي في منتصف القرن العشرين.
وُلد بدر شاكر السيّاب في 25 ديسمبر عام 1926 بقرية جيكور في محافظة البصرة، تلك القرية الجنوبية البسيطة التي شكلت ملامح وجدانه الشعري، بما تحمله من طبيعة خلابة وأنهار ونخيل.
نشأ في بيئة فقيرة، وفقد والدته في سن مبكرة، فترك اليُتم أثره العميق في روحه، ورافقه الإحساس بالفقد والحنين طوال مسيرته الإبداعية، تنقل في طفولته بين بيوت الأقارب، وتفتحت عيناه على قسوة الحياة مبكرًا، وهو ما انعكس لاحقًا في شعره المفعم بالشجن والصدق الإنساني.
ومع انتقاله بين جيكور وأبي الخصيب والبصرة، ثم بغداد، تشكلت شخصيته الثقافية، فالتحق بدار المعلمين ودرس الأدب العربي ثم الإنجليزي، ما أتاح له الاطلاع على الشعر العالمي والتفاعل معه، ومن هنا بدأت ملامح مشروعه الشعري تتبلور، لينتقل من التجريب التقليدي إلى ريادة الشعر الحر، ويصبح أحد أعمدته الكبار.
في ذكرى رحيله، لا يُستعاد السياب بوصفه شاعرًا فحسب، بل بوصفه ظاهرة إبداعية متكاملة، ما زالت قصائده، وعلى رأسها «أنشودة المطر»، تنبض بالحياة، وتؤكد أن الشعر الصادق لا يرحل، بل يظل حيًا في الوجدان، تمامًا كما عاد السياب إلى جيكور، محمولًا بالمطر، ليبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الشعر العربي.